إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

محور برنامج المنتدى 91(الاخلاق في رؤى الامام الحسين ع)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محور برنامج المنتدى 91(الاخلاق في رؤى الامام الحسين ع)

    الاعلامية فاطمة صاحب



    عضو جديد


    الحالة :
    رقم العضوية : 189347
    تاريخ التسجيل : 20-10-2015
    الجنسية : العراق
    الجنـس : أنثى

    المشاركات : 12
    التقييم : 10

    الاخلاق في رؤى الامام الحسين ع





    ــ قال الامام الحسين ع : " الخلق الحسن عبادة "

    ــ سئل الامام الحسين عليه السلام عن الادب ، فقال عليه السلام : " هو أن تخرج من بيتك ، فلا تلقي أحداً إلا رأيت له الفضل عليك "

    ــ قال الامام الحسين عليه السلام في حديث آخر له : " للسلام سبعون حسنة ، تسع وستون للمبتدي ، و واحدةٌ للرادّ "
    وفي روايات عن اهل البيت عليهم السلام



    ومن هنا نقول الكل يحب الحسين عليه السلام ويتمنى القرب منه
    وهذا امر جيد جدااا ومحبوب وباب خير للجميع


    لكن ماذا نعرف عن الحسين عليه السلام

    وهل استلهمنا من اخلاقه العظيمة وسيرته الكريمة


    لكي نكون زينا له لاشيناً عليه ...


    ...........................
    ...........................
    ..............



    اللهم صل على محمد وال محمد

    نعود بمحور جديد وطرح نافع يقتبس انواره من اشعاعات عاشوراء الحسين


    وفي هذه المرة سيكون محورنا عملياً اكثر وتطبيقياً اكثر


    وهو التعلم والتفكر والتامل والتطبيق لتلك الاخلاق الاروع التي جسدها


    صاحب العطاء المتفرد بالتاريخ الحسين بن علي عليه السلام

    ورسالة الاصلاح التي شملت اصلاح كل شي


    بدءاً من النفس والاهل ووصولا الى الاصلاح بالمجتمع والحكم كله


    ولهذا اكيد اننا نحتاج لوقفات ووقفات ووقفات


    قبل ان ننادي لبيك ياحسين


    لنجعلها صوتاً يتغلغل الوجدان ويشع الى خفايا الظاهر والباطن لنا


    اذن سنكون مع حديث الاخلاق والمنهج والتطبيق مع محوركم الحالي


    فنوروه بنور كلماتكم الاروع ...

    وتطبيقات قلوبكم الاكثر اخلاصاً كما هو المعهود منكم


    يامن رضعت الوفاء من تحت كفوف حامل اللواء وكافل الحوراء عليها السلام


    فكونوا معنا .....























  • #2
    أزمة تطبيق لا أزمة علم

    ان الاخلاق بمفهومه المتبادر الى الذهن هو فن التواصل مع الأخرين بنحو يقوم الفرد بواجباته ويلتزم بمسؤولياته ، ويأخذ حقوقه دونما تعدي او ظلم بنحو يبعث الارتياح والمحبة والسلام في القلوب والنفوس ، هذا البيان لمفهوم الاخلاق هو ما تألف معرفته غالبية الناس ويطلقون عليه بالعامية ( انسان حباب وطيب ومريح ومحبوب ومألوف ) ذي اخلاق حَسنة .
    اما الشخص الذي ينفر الناس منه !
    ولا يألف و لايؤلف !
    ويكون متعجرف وجلف جافي!!
    وغليظ القلب .. !
    آنفه .. متكبر ..!
    هو من لايمتلك الاخلاق .. وبعبارة دقيقة اخلاقه سيئة !

    وأخلاق الانسان وما يرتكز عليه جوهره وباطنه لاينكشف الا بالاحتكاك والتجربة والتعامل المباشر والا فالتحدث عن التحمل والصبر ومدارة الناس ومحبتهم وتقديم العون لهم والتواصل معهم عن محبة وسلام هو علم وقول لايمكن ان نصف المتحدث بذلك انه ذو اخلاق مالم نضعه في دائرة الضوء وتحت مجهر التجربة !
    ولذا هناك موازين ومعاييرنكتشف منها جوهر الانسان منها :
    السفر .. حتى قيل السفر ميزان الاخلاق
    المناصب والمواقع القيادية فالانسان هنا يظهر معدنه وواقعه هل يتغير اذا صار في منصب يكون له فيه نفوذ وتحكم !!
    المرض والاسقام تؤثر على مزاج الانسان ونفسيته
    التعب والجهد في العمل والوظيفة
    الفقر والعوز فقد كان الفقر ان يكون كفرا
    العمل الجماعي : هو اكبر كاشف في معرفة اسلوب الانسان ومايرتكز عليه باطنه
    لحظات الغضب : فهي ميزان مهم في كشف الانسان واخراج مكنونه
    الحرب والقتال: فهي تظهر معدن الانسان من حيثية شجاعته ونصرته
    النعمة : فهي معيار عظيم في كشف حقيقة الانسان سواء كانت النعمة له او لغيره فهو اذا رأى نعمه هل يحسد الاخرين مثلا او يفرح ..
    و مثيرات خبايا وواقع النفس الانساية في الحياة كثيرة ولا يكفي ان نقرا كتب مكارم الاخلاق مثلا او كتاب اخلاق اهل البيت او كتاب جامع السعادات في جعلنا اصحاب اخلاق طيبة بل ينبغي لنا ان نوفر في بواطننا الصدق في التعامل مع الخالق ومع انفسنا ومع الاخرين أذ ان الصدق هو أساس كل الفضائل ورأسها
    فمتى ما كنا نوجه مسارات نواينا نحو الفضائل فقد صدق الباطن واذا صدق الباطن وافقه السلوك والقول .. وكفى بالمرء قباحة ان يحدث خلاف ما يفعل ويفعل خلاف ما يدعي .. وهذه الازمة المعاصرة هي أزمة تطبيق مع توفر العلوم والتكنولوجيا نجد الازدواجية في التعامل والمعايير الى درجة ان البعض يستغل منصبه في تمرير مصالحه وما ان تنتهي مصالحه يرمي الاخرين كما يرمي قشر الموز .. فهو لايرى من قيمة للروابط الاجتماعية الا بقدر مصالحه ؟؟!
    على الفرد يراقب الله تعالى ويصحح نيته في كل شيء!
    فنجد نبي الله عيسى مثلا ، يتعامل مع احد الحيوانات تعامل يستغرب منه اصحابه فيرد عليهم النبي عيسى بقوله : لا احب ان اعتاد الا على قول الخير : فهو يتعامل مع الحيوان تعامل آمن وبسلام لكي ينمي ملكات الخير في باطنه ..
    هناك بون بين ذلك الفرد المصلحي وما نبهنا عليه سيدنا المسيح ..


    وفقنا الله واياكم للقول والعمل


    التعديل الأخير تم بواسطة خادم أبي الفضل; الساعة 26-10-2015, 07:46 PM.
    شرفا وهبه الخالق لي ان اكون خادما لابي الفضل



    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      اللهم صل على محمد وال محمد
      بارك الله فيك اختي الفاضلة ام سارة على اختياركم لهذا الموضوع القيم الذي يحاكي اخلاقيات هذا العصر والشكر والتقدير الى الانامل التي خطت الموضوع
      إن الأخلاق هي النور الذي يعالج الروح ويشفيها من أمراضها ، كما يعالج الطب أمراض البدن ، فالأخلاق العظيمة السامية ترافق الرسالة العظيمة التي حملها الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى العالمين… وإذا تأملنا في سيرة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نجدها النموذج الأرقى لمكارم الخلاق، ولذلك يقول الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .


      ويخطابه الباري سبحانه وتعالى بقوله: ( وإنك على خلق عظيم ) . وسلك الإمام الحسين (ع) نهج جده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأبيه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وقد رسم نموذجاً رائعاً في المواقف الأخلاقية الخادة، لا سيما التي سجلها في واقعة الطف.. ولذلك نقول: أن تحب أقربائك ليس غريباً ، وأن تحب أصدقاؤك ليس غريباً ، وأن تحب من يحقد عليك ... ولو باطناً ليس غريباً كذلك ، فكل هذا ممكن ، ولكن أن تحب عدوّك الذي يشهر السيف بوجهك ويتلهّف على قتلك ، هذا هو الحبّ العظيم الذي كان يفيض من قلب الإمام أبى عبد الله الحسين ( عليه السلام ) .


      كان الإمام الحسين (روحي له الفداء) يخرج صباح عاشوراء إلى ساحة القتال وينظر إلى عدوّه ، ثم يبكي ويطيل البكاء فيظنّ الحاضرون أنه يبكي تفجعاً أوحقداً أو غربة .. بل كان الإمام ( عليه السلام ) يبكي لأنهم يدخلون النار بسببه ، هذا الذي كان يؤلمه ، ما أعظم هذه الروحية ، كلها عطاء ورحمة ورأفة وانسانية .
      وموقف آخر من واقعة كربلاء هو قبول الإمام الحسين ( عليه السلام ) توبة الحر بن يزيد الرياحي ، مع أن موقف الحر هو الذي أدى بالإمام إلى الموت والأسر لأهل بيته ( عليهم السلام ) ، وكيف أن الإمام الحسين ( عليه السلام ) وقف في تلك الصحراء الملتهبة يسقي الماء لجيش الحر ذات ألف فارس الذي جاء لقتاله ( عليه السلام ) ..
      فهذه أخلاق لا توزن بشيء ، فلو عرضنا هذه المواقف للعالم لدخل العالم إلى الاسلام عن طريق الإمام الحسين بن علي ( عليه السلام ) .


      لقد رسم الإمام الحسين ( عليه السلام ) لأهل بيته مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات ، وأمرهم بالتحلّي بها ليكونوا قدوة لغيرهم ، وتوجيه الناس إلى الحق والخير، وإبعادهم عن نزعات الشر من الاعتداء والغرور وغير ذلك .
      فقد كتب إليه رجل يسأله عن خير الدنيا والاخرة ، فأجابه ( عليه السلام ) : ( أما بعد: فإنّ من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمور الناس ) ، وقال أيضاً : (عباد الله اتقوا الله ، وكونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد لكان الأنبياء أحق بالبقاء.. غير أن الله خلق الدنيا للبلاء ، وخلق أهلها للفناء … فتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) .
      تأمل يا أخي المؤمن إلى هذا الموقف الأخلاقي للإمام الحسين ( عليه السلام ) : فقد جنى غلام جناية توجب العقاب عليه ، فأمر به أن يضرب فقال الغلام : يا مولاي ، والعافين عن الناس . قال ( عليه السلام ) : قد عفوت عنك ، قال: يا مولاي ، والله يحب المحسنين . قال ( عليه السلام ) : أنت حر لوجه الله ، ولك ضعف ما كنت أعطيك .
      هكذا كان الإمام الحسين ( عليه السلام ) مدرسة أخلاقية واسعة فلنتعلم منها ولو شيئاً يسيراً ، وفقنا الله وإياكم لذلك

      تعليق


      • #4

        لا يخفى على أحد أن ثورة الإمام الحسين(ع)تتضمن أبعاداً، ثقافية وأخلاقية وعقائدية، يمكن للمتأمل أن يستفيدها من تلك النهضة المباركة.

        لكن نود أن ننظر إلى قضية الحسين(ع)من خلال بعد آخر، وهو البعد المعنوي، فهل أن ثورة الإمام الحسين(ع)تنطوي على أبعاد معنوية، كما تنطوي على الأبعاد الأخرى التي أشرنا إليها.

        وفي مقام الإجابة، نقول، أنه لا يخفى ما للبعد الروحي والمعنوي من أهمية قصوى، وأثر ذلك على الفرد الإنساني.

        وقضية الحسين(ع)كذلك، حيث أنها تشتمل على البعد المعنوي، وهذا يجعلها قضية إنسانية، مضافاً إلى كونها قضية إسلامية، مما يعني أن كل إنسان يعيشها ويتعاطف معها.

        هذا ونحاول أن نشير إلى بعض الأبعاد المعنوية لنهضة الإمام الحسين(ع).




        مما لا إشكال فيه أن قضية أبي عبد الله الإمام الحسين(ع)تمثل قضية الصراع بين الحق والباطل،والإيمان والكفر،ولكن ليس على مستوى الإسلام والكفر الصريح كما كان يحصل في حركة الأنبياء،بل تمثل الصراع بينهما على مستوى الانحرافات الخالدة التي تنتهي إلى الكفر وإفراغ النظرية الإسلامية من محتواها الحقيقي في داخل المجتمع الإسلامي وهي إلى جانب ذلك تمثل موقف الحق الذي لا شبهة فيه مطلقاً،في الوقت الذي يتعرض فيه الحق إلى هذا القدر من الظلم والاستهتار.




        القيم الأخلاقية الإنسانية التي تجسدها هذه الملحمة التاريخية، حيث تمثل مدرسة في هذا الجانب الإنساني العظيم.

        ولعل سرّ استمرار هذه الملحمة في قدرتها على التأثير والتفاعل هو هذا المضمون الأخلاقي الرائع لها الذي ينسجم مع أوليات الفطرة الإنسانية.

        حيث تجسد في تفاصيل مجراها معاني العزة والكرامة والإباء والشجاعة والإيثار والرأفة حتى بالأعداء، والشعور بالمسؤولية تجاه الإسلام والمسلمين والثبات على المبادئ والصبر على النوائب والآلام والمصاعب، وبذل الجهد وإفراغ الوسع في هداية الناس وإنقاذهم.




        الدرجة العالية والحجم الكبير في التضحية والفداء من أجل الإسلام، ومصالح الأمة الإسلامية.

        فإن القضية الحسينية تـتميز بهذه الميزة التضحوية العظيمة، حيث لم تكن التضحية بالنفس والمال والولد والأخوة والأصحاب وحدها، بل كان إلى جانب ذلك كله التضحية بالأهل وتعريض النساء إلى محنة الأسر والعدوان، وقد شملتهم العناية الإلهية فأنقذتهم من آثارها ونتائجها المأساوية الأخرى.

        كما كانت أيضاً تضحية عظيمة بالجاه والاعتبار وبالنخبة الصالحة وبالعلماء الأفاضل الذين كانوا إلى جانب الإمام الحسين(ع)والذين كانوا من الممكن أن يتحول كل واحد منهم إلى مدرسة عظيمة في المعرفة والأخلاق وإلى هادٍ ومرشدٍ في الأمة.




        إن مأساة الحسين(ع)لم تكن ذات بعد واحد، بل فيها أبعاد متعددة يكاد الإنسان يجد في معالمها جميع الأبعاد المأساوية التي يواجهها في حياته الشخصية أو الاجتماعية.

        فقتل الأبناء والأخوة والأرحام والأطفال والشباب والشيوخ والنساء، والأصدقاء والأولياء والضعفاء، والقادة والسادة والعلماء، والنهب والسلب والأسر، والتمثيل، والتعذيب النفسي والجسدي، والعدوان المادي والمعنوي بمختلف أشكاله إلى غير ذلك من المعالم كلها نجدها في هذه المأساة المروعة، ويعطي هذا الجانب زخماً روحياً ومعنوياً آخر لهذه القضية العظيمة.




        إن الشهيد هو ابن الرسالة الإسلامية، الذي تربى في أحضانها، فهو ابن بنت رسول الله(ص)والذي كان يوليه النبي(ص)عناية خاصة متعمدة ومقصودة بهدف إيجاد التأثير لهذه الواقعة في نفوس المسلمين، وقد كان الإمام الحسين وأخوه الإمام الحسن وأختهما السيدة زينب(ع)يمثلون الذرية الباقية لرسول الله(ص)إذ لم تكن له ذرية غيرها.

        تعليق


        • #5
          لا يختلف اثنان من الشيعة أو المنصفين من المجتمع الإنساني في أن الثورة الحسينية هي ثورة إصلاحية بامتياز ، بل أن حيثيات عناصر الثورة وسحر أثرها متقدمة على مثيلاتها من الثورات الإنسانية الأخرى الوضعية أو الإسلامية ، وأشارت إلى هذه المعاني آلاف الدراسات والأبحاث والخطباء ، وما زلنا نتحدث عن ثورة الإمام الحسين عليه السلام كحدث تاريخي كان منعطفا خطيرا في القرن الأول من تاريخ الأمة الإسلامية ، ووفق ما تعرضه دراساتنا وبحوثنا وما يتناوله خطباؤنا على المنابر والمجالس وحتى بحوث الخارج في الدراسات الحوزوية من عظمة للثورة ، من المفترض أن تكون لها آثار إصلاحية مادية واضحة في كل مجالات حياة المجتمع الإسلامي ، وخاصة إذا علمنا أن ما يميز تلك الثورة المباركة هو طبيعة قائدها ومنزلته من النبي وما نؤكده وهو ( حق ) علاقته بالسماء ، أي أن الإرادة السماوية هي التي رسمت خطوطها العريضة وثبتت أهدافها ، لحاجة الأمة لها في ظروف قاسية تعرضت فيها الدعوة الإسلامية إلى محاولات خطيرة من (الطمس) المقصود من قبل الخط الأموي .

          وفق المعطيات التي ذكرتها ، كان على الأمة الإسلامية أن تكون في مقدمة الأمم وأن تسبق غيرها في كل مضامين الحياة المادية والمعنوية ، باعتبار أن الأمام الحسين عليه السلام قد سبق كل المصلحين الأوربيين وغيرهم الذين تمكنوا من إحداث نقلة فكرية وعلمية وحتى أخلاقية في مجتمعاتهم في العصور الحديثة ، كما أن قدرة ( الثورة الحسينية ) على التغيير وخلق ( رأي عام ) ذات أثر غير مسبوق في تاريخ البشرية .

          وبما أن غالبية الأمة الإسلامية من المذاهب المختلفة ، قد اتفقت على إقصاء ( الثورة الحسينية ) بسبب إقصائها لصاحبها لدوافع سياسية تاريخية معروفة ، فإن هذه ( الغالبية ) غير مكلفة بتبني الثورة ولا هي معنية أصلاً بالنظر في أهدافها ، لكن أتباع أهل البيت من الشيعة مكلفون شرعا وعقلاً بتبني ( الثورة ) وهم معنيون ( حصراً ) بالنظر في أهدافها والعمل بها حسب الفهم الشرعي الطبيعي للعلاقة بين القائد وأتباعه ، كما أن الثورة الحسينية هي الثورة الوحيدة في العالم التي تحمل ( مقومات نجاحها ) وهذه المقومات لا تتوفر في أي ثورة أخرى سبقتها أو أخرى تأتي بعدها ، فهي مشروع مضمون النتائج لو توفر له من يتعامل معه ( بإخلاص وصدق وهمة ) ، وتتمثل مقومات الثورة الحسينية التي انفردت بها دون غيرها هي أولاً : أنها إلاهية بامتياز ، فهي رغبة سماوية قبل أن تكون رغبة حسينية أو حاجة بشرية ، وأن الإمام الحسين قد نفَّذ أبعاد تلك الرغبة بنجاح وأنجز بكفاءة ما هو مطلوب منه . ثانياً: قائد الثورة لم يكن تقليديا وإنما يمتلك من الصفات ما لم تمتلكه قيادات الثورات الإنسانية الأخرى، فهو ابن بنت رسول الله وهو المعصوم الموصول بالسماء، وهو ابن علي عليه السلام الذي أقام بسيفه الدين ونور ببلاغته وحكمته العقول. ثالثا: وضوح أهداف ومبادئ وآليات الثورة، وانسجامها مع حاجة الأمة ومتطلبات الإنسان في كل عصر.

          وبالإضافة إلى ما امتازت به ثورة الإمام الحسين عليه السلام من مقومات النجاح والخلود فإنها طرحت مشروعا لإعادة بناء الأمة ، تمثل بخطاب ( خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي) وعزز الإمام هذا المشروع ( بآلية ) فاعلة لتحقيقه عندما قال عليه السلام ( أريد أن آمر بالمعروف وأنه عن المنكر ) ، فالإصلاح الذي رفعه الإمام كشعار وهدف وأكد عليه في خطبه ووصاياه وهو في طريقه إلى كربلاء ، كان أحد الأقطاب الذي تدور حوله الثورة، ولو تمعنا في طبيعة الإصلاح الذي نادى به الإمام لوجدناه إصلاحا شاملاً ، ( إصلاح سياسي واجتماعي توعوي وأخلاقي ) يريد من خلاله إعادة الأمة إلى واقعها في زمن النبي بعد أن اجتهد الأمويون في تغيير ذلك الواقع الذي أوشك أن يتبدل تماما لصالح ( الشرك ) ، ووصل التشكيك برسالة النبي حدا التصريح من قبل رأس الدولة ( يزيد ) الذي قال ( لا خبر جاء ولا وحي نزل ) . وهذا الأمر يضع أتباع الثورة الحسينية أمام مسؤولية دينية شرعية (صارمة) لا تقبل المساومة أو المهادنة ، وهي العمل بمشروع الثورة الحسينية من خلال ألآلية التي رسمتها ، للوصول إلى الأهداف التي ثار واستشهد من أجلها الإمام الحسين وهي أهداف إلهية ورغبة سماوية للحفاظ على رونق العقيدة ومصالح الأمة .

          وهنا علينا أن نتساءل ، هل نجح أتباع أهل البيت وخاصة أولئك الذين يطلقون على أنفسهم ( بالحسينيين) افرادا وجماعات وكتل سياسية ومنظمات اجتماعية وخطباء وعلماء ، أن يحققوا آمال قائدهم في اتباع نهج الثورة والعمل على تحقيق أهدافها وطاعة قائدها في تبني آلية الوصول لأهدافها ؟؟ ولو أردنا أن نفتش في واقعنا السياسي والاجتماعي عن أثر إصلاحي مادي للثورة هل نجد لها ذلك الأثر الواضح ، بالطبع ( كلا )

          ولابد من البحث عن أسباب انتشار الظواهر الفتاكة من تخلف وفساد متعدد الألوان وشيوع سرقة المال العام من قبل المسؤولين الشيعة خاصة ، وانتشار الرشوة والكذب بين العامة ، كل ذلك يحصل بعد أكثر من عشر سنوات في ظل الحرية ، وها نحن اسرى التخلف السياسي والاجتماعي والفساد مع امتلاكنا ثورة عملاقة كالطف وقائد فذ كالحسين ، وثروة مادية من نفط وغاز وزراعة وغيرها ، وفي قراءة متأنية نجد أن سبب الخيبة يأتي بسبب عدم فهمنا لطبيعة الثورة والعلاقة بها ، فما زالت العلاقة العاطفية بالإمام الحسين هي الطاغية في تعاملنا معه ، علما أن الإمام عليه السلام لم يدرج العاطفة في قائمة الأهداف ، فهو شخصية إلهية يهمها أولاً التصاق الأمة بخالقها وتجسيد طاعته بشكل عملي ، وهذا الهدف السامي الإلهي ينصهر في داخله أي معنى آخر ، فلا قيمة عند الإمام الحسين لمجرد حب الناس له ، ولو خيِّر الإمام الحسين بين أن يحبه ( الموالي ) وبين الالتزام بالصلاة والعمل بالإصلاح لأمر بالخيار الثاني ، ولو تذكرنا الآية المباركة ( قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) أو تمعنا في وصايا النبي صلى الله عليه وآله في أهل بيته لوجدنا أن المقصد القرآني والنبوي من محبة أهل البيت هو ليس الحب الشخصي بل ( طاعة الله ) والتقرب إليه في الإخلاص والعبادات ، من خلال ذلك الحب الشخصي ، وأن محبة الحسين أو الارتباط به عاطفيا ، إذا تجردت من طاعة الله والسير على النهج الإلهي لا تساوي شيئا عند الحسين ، لأنها ليس من أهداف ثورة الحسين التي ضحى وسبيت عياله من أجلها . نعم هي مقدمة مهمة لطاعة الإمام ، لآنه لا يمكن لك أن تطيع ما لا تحب ، كما أنه لا يجوز أن تعصي ما تحب .

          فاٌلإمام الحسين صورة مكررة لجده النبي الأكرم في علاقته من العقيدة والمجتمع ، ولطالما صرح برغبته في أن ( يباهي بأمته الأمم ) ولطالما أكد على مكارم الأخلاق والاهتمام بالعلم من أجل أن ترتقي أمته ولا تسبقها الأمم الأخرى ، وهذه الحقيقة من بديهيات الرغبة النبوية والتي هي امتداد للرغبة الإلهية ، وبالبديهة أيضا أن نسلم أن الإمام الحسين لا يسره بل يغضبه أن تكون الأمة الإسلامية وشيعته حصرا في مؤخرة الأمم الأخرى ، ومن منا لا يعترف في أن الشعب العراقي وأكثريته الشيعية في تلك المؤخرة ، ومن منا لا يقر في أننا وصلنا إلى مرحلة التعايش مع الكثير من الظواهر السلبية المتخلفة التي لا حصر لها ، ومن منا ينكر في أننا عجزنا في أن نخطو باتجاه الانعتاق من ذلك التخلف .

          ولو أردنا أن نتصفح حياة الشعوب المعاصرة وأقربها إلينا المجتمعات الأوربية ، نجد أن عدة نفر من المصلحين استطاعوا أن يحركوا في تلك الشعوب الرغبة في الإصلاح وألهموها من خلال كتاباتهم أهمية التحرك لإنقاذ حاضرها ومستقبلها من كل أنواع الفساد والجريمة والتخبط الخلقي ، ودفعوها باتجاه ثورة عارمة والاندفاع نحو إصلاحات جذرية ولم تتوقف تلك الشعوب حتى أتمت إنجاز أهدافها متأثرة بمصلحيها ، وكانت النتيجة باهرة عندما توحد 22 شعب تتباين فيما بينها في الثقافة واللغة والتاريخ وقد خرجت للتو من حروب طاحنة ، فأصبحت سياستها واحدة واقتصادها واحد وحطمت أغلب القيود التي تفرقها … فهل ياترى أن جان جاك روسو الذي مهد لتوحيد الشعوب الأوربية يمتلك من عوامل التوحيد والإصلاح أكثر من الإمام الحسين عليه السلام ؟ بالطبع كلا وألف كلا .. فالمباديء التي رسمها لنا الحسين والمشاعر المتقدة الفاعلة في صدور المجتمعات الإسلامية التي خلفتها لنا ثورة الطف في وسعها أن توحد العالم بأسره ، وهي تمتلك من عوامل الإصلاح والتجديد ما لا تمتلكه أي ثورة أخرى ، وثورة الحسين لو أردنا أن نتمعن في طبيعتها لوجدناها أول ثورة استطاعت مع قائدها ومفجرها أن تصبح عامل لتجميع الأمة ، وإذا كانت ( سورة الجمعة وصلاتها ) عامل لتجميع عدة آلاف فإن ثورة الحسين استطاعت أن تجمع الملايين في وقت واحد ، لكن طبيعة تعاملنا مع أهداف الثورة وانشغالنا بقشورها واستخفافنا ( باللب وبالجوهر ) حولها إلى مجرد موسم تتجمع فيه تلك الملايين وتسير باتجاه قائد الثورة وتمارس طقوسا أصبحت بمرور السنين طقوس روتينية لاثمرة مادية لها – مع كل الأموال الطائلة والجهود والزمن الذي نصرفه في تلك المناسبة – وهذا يدعونا جميعاً إلى إعادة تقييم طبيعة تعاملنا مع الثورة ، أي علينا أن نتعامل مع الإمام الحسين على أنه قائد مصلح قبل أن يكون شهيدا ، لأن هدف الإصلاح في وجدان الإمام الحسين قد سبق الشهادة وهو الذي دفعه باتجاه التضحية بنفسه وبأهل بيته وعائلته ، ولذا فإن علينا أن نهتف في وجه العالم وفيما بيننا أن الحسين مصلح قبل أن نسوقه للعالم على أنه مظلوماً شهيدا .

          فمن أجل أن نكون حسينيين بامتياز علينا أولاً أن نعيد صياغة علاقتنا بالثورة الحسينية العملاقة، ففي هذه الثورة من المفاهيم والأسس والمبادئ ما بوسعها أن توحدنا وتنتشلنا من واقعنا الحاضر ( المخيف ) الذي يرفل بالتخلف والفساد والفشل وسرقة المال العام والضعف أمام الأعداء والتفسخ الخلقي المريب إلى واقع جديد نستطيع من خلالها اللحاق بمن سبقنا ، وفي ذلك الوقت ( وحده ) نكون قد ضمنَّا ( شفاعة الحسين ) وشفاعة جده وأبيه وأمه البتول ، أما إذا اكتفينا بالشعائر ونحينا جانبا كل تلك المبادئ التي استشهد من أجلها عليه السلام ففي ذلك مظلمة للحسين المصلح الشهيد ولثورته.





          تعليق


          • #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            اللهم صل على محمد وال محمد
            **************************
            عظم الله لكم الأجر وأحسن لكم العزاء بمصاب ابي الأحرار الأمام الحسين وأهل بيته الأطهار عليهم الاف التحيا والسلام:
            لم تدع ساعات الطف معلماً من معالم الحياة إلا ومثلت الدرس الأرقى والأمثل النابع بالفكر والنور لذا كان الإمام الحسين هادياً مهدياً وسفينة نجاة للأمة الإسلامية على مر العصور .
            وبرز الدرس الإخلاقي بين هذه الدروس المضيئة من السلوك المقدس الذي جسده عليه السلام في تلك الساعات فها هو الإمام يخرج صباح عاشوراء إلى ساحة القتال والموت ساحة ملؤها الوحوش التي نزعت الرحمة من قلوبهم وينظر إلى عدوّه ثم يبكي ويطيل البكاء فيظنّ الحاضرون أنه يبكي على نفسه التي أيقنت الموت جزعاً و تفجعاً أوحقداً أو غربة.. لكنه كان ( يبكي لأن هذا الجمع سيدخل النار بسببه بعد ساعة كان هذا الذي يؤلمه ويبكيه ما أعظم هذه الروحية كلها عطاء ورحمة ورأفة وانسانية.. وموقف آخر من واقعة كربلاء هو قبول الحسين توبة الحر بن يزيد الرياحي مع أن موقف الحر معه ليس بالموقف المشرف هو الذي أدى بالإمام إلى الموت والأسر لأهل بيته وكيف أن الحسين وقف في تلك الصحراء الملتهبة يسقي الماء لجيش الحر ذو ألف فارس الذي جاء لقتال الحسين.. فهذه أخلاقه لا توزن بشيء:وكان الحسين على درجة عالية من الأخلاق كيف لا وهو أبن النبي العظيم الذي وصفه الله تعالى بـ (وإنك لعلى خلق عظيم).
            قال أنس: كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية فحيته بباقة ريحان فقال لها: (أنت حرة لوجه الله)
            فقلت: تحييك بباقة ريحان لا خطر لها (أي لا قيمة لها) فتعتقها؟
            قال الإمام: (كذا أدبنا الله قال: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها) وكان أحسن منها عتقها أيضا).

            ومن مواعظ الإمام الحسين عليه السلام :
            - إذا سمعت أحدا يتناول أعراض الناس فاجتهد ألا يعرفك
            لولا ثلاثة ما وضع ابن آدم رأسه لشيء : الفقر و المرض و الموت
            وقال :- صاحب الحاجة لن يكرم وجهه عن سؤالك فأكرم وجهك عن رده
            وقال :- البخيل من يبخل بالسلام
            وقال :- من تعجّل لأخيه خيرا وجده إذا قدم عليه غدا
            وقال :- لا تتطلب من الجزاء إلا بقدر ما صنعت
            وقال :- لا تفرح إلا بما نلت من طاعة الله
            وقال (الصدق عز والكذب عجز والسر أمانة والجوار قرابة . والمعونة صدقة والعمل تجربة والخلق الحسن عبادة والصمت زين والشح فقر السخاء غنى والرفق لب ))


            تعليق


            • #7
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              اللهم صل على محمد وال محمد
              +++++++++++++++++++
              روي أنّ رجلاً صار إلى الحسين (ع) فقال: جئتُك أستشيرك في تزويجي فلانة. فقال (ع): لاأُحب ذلك لك وكانت كثيرة المال وكان الرجل أيضاً مُكثراً. فخالف الحسين(ع) فتزوج بها. فلم يلبث الرجل حتى افتقر فقال له الحسين(ع):قد أشرتُ إليك فخلِِِّ سبيلها فإن الله يُعوضُك خيراُ منها ثم قال (ع):وعليك بفلانة. فتزوجها فما مضت سنةٌ حتى كثُر مالهُ وولدت له ولداً ذكراً ورأى منها ما أحب
              عند التأمل في هذه الحادثة نجد أن الإمام الحسين (عليه السلام) قد استخدم أسلوب التسامح مع من خالف مشورته ولو كان أحدُ منّا في مثل هذا الموقف لربما رفض تقديم النصيحة لمن لم يعمل بنصيحته الأولى وربما عيَّره بأن هذا جزاء من لا يستمع للمشورة ولكن الحسين (عليه السلام) نموذجّ مختلف تمثل شخصيته ومواقفه الكمال الإنساني :
              يعلمنا الحسين (عليه السلام) بأن نتسامح مع من يختلف معنا في الرأي والعمل وفي حال مقدرتنا على نصحه أن لانقصر في ذلك.

              يقول الإمام الحسين (عليه السلام): لو شتمني رجُلٌ في هذه الأذن -وأومأ إلى اليُمنى- واعتذر في اليسرى لقبلتُ ذلك منهُ وذلك أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حدثني أنهُ سمع جدّي رسول الله (ص) يقول: لايردُ الحوض من لم يقبل العذِر من مُحقٌ أو مبطل
              نعم قد نحفظ هذه الكلمة وغيرها من المقولات العظيمة الواردة عن أئمة البيت (عليه السلام) لكن أين نحن عن التأسي والإقتداء؟
              فماذا سيفعل الواحد منَّا لو تعرض لشتيمة شاتمٍ؟ فلنسأل أنفسنا بصدقٍ هذا السؤال لنتعرف عن مدى تمسكنا بتعاليم أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم أجمعين) فمعرفتنا لمواقفهم الشريفة وحفظنا لكلماتهم العظيمة لن تغنيانا شيئاً إن نحن عملنا ما يخالفها.
              عن الحسين (عليه السلام) مع الجناة:
              روي أنّ غلاماً له [أي للإمام الحسين(ع)] جني جنايةًٍ كانت توجب العقاب فأمر بتأديبه فانبرى العبد قائلاً: يا مولاي والكاظمين الغيظ فقال (ع): خلّوا عنه فقال: يا مولاي والعافين عن الناس فقال (ع): قد عفوت عنك قال يا مولاي والله يحب المحسنين فقال (ع): أنت حرّ لوجه الله ولك ضعف ما كنت أعطيك
              ألا نجد في هذا السلوك الحسيني تفسيراً عملياً لقوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران: 134].
              أقول: ألم يتعلم (غاندي) من الحسين (عليه السلام) درس اللاعنف؟ إي وربي لقد تعلم ذلك من الحسين (عليه السلام) وهو القائل: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر فما بالنا نحن لا نتعلم هذا الدرس من الحسين (عليه السلام)؟ ألسنا بحاجةٍ ونحن نعيش في هذا العصر العنيف -المليء بالرعب- إلى قراءة سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)؟ ألسنا بحاجة للأخذ بمنهجه الشريف الذي هو امتدادٌ لمنهج وسيرة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله)؟ أوَ لم يقل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً
              وختاماً أردد مع العلامة المدرسي مقولته الرائعة إذ يقول: لحسين ينتمي للمستقبل فالعالم سيظل يحتاج إليه دائماً وأبداً وحتى في الجنّة هو سيد شبابها وأميرهم


              تعليق


              • #8
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين ع

                احسنتم وابدعتم اختي المتألقة " مقدمة البرنامج " في القاء الضوء على هذا الجانب المهم الا وهو ( الاخلاق )

                الأخلاق مفهوم طالما حث عليه القرآن الكريم كدستور و جهة تشريعية وحث عليه اهل البيت ع كجهة تنفيذية ونجد ان القرآن اعطانا اجلى

                وابهى صورة حية لمفهوم الاخلاق ألا وهو رسول الله ص حيث نعته بذلك النعت المميز وقال ( وإنك لعلى خلق عظيم )

                نتسائل : لماذا قال له الله : وانك لعلى خلق عظيم ؟ لماذا لم يقل : عبادتك عظيمة يا محمد ؟ وهو العابد الذي تتورم قدماه لكثرة عبادته .

                لماذا لم يذكر جانبا اخر او بُعدا اخر من ابعاد شخصيته كالعلم والمعرفة او العبادة او اي بعد غيرها ؟

                هل تسائلنا لماذا اثنى الله تعالى على خلق نبيه الخاتم دون الابعاد الاخرى في شخصيته الكريمة ص ؟

                الا يدل ذلك على ان البعد الاخلاقي في شخصية الانسان هو الاهم لأنه هو الوسيلة الاقوى لايصال الانسان الى مراتب الكمال بل انه يعد

                المقياس لتدين الانسان ، قال النبي ص واله : " لا تنتظروا الى كثرة صلاتهم وصومهم .. ولكن انظروا الى صدق الحديث واداء الامانة "

                فمقياس التدين هو الاخلاق وليس كثرة العبادة .

                هذا من جهة ، من جهة ثانية ان الاخلاق يعد الوسيلة الكبرى للقيام بأي مشروع اصلاحي وهذا ما اعتمده الرسول ص في مشروعه

                الرسالي الاصلاحي الذي كان له الاثر البالغ والواضح في نفوس الاخرين واستقطابهم قال تعالى مخاطبا نبيه " ولو كنت فظا غليظ القلب

                لانفضوا من حولك "

                وكذلك الامام الحسين عليه السلام اعتمد هذه الوسيلة الكبري ( التي هي جزء من شخصيته) عند قيامه بمشروعه الاصلاحي ، ومواقفه في

                ذلك كثيرة ومعروفة .

                ولكن يبقى التساؤل :

                أين نحن عن أأئمتنا الهداة عليهم السلام ؟؟؟
                sigpic

                تعليق


                • #9
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  واعظم الله اجركم واحسن عزاءكم بمصاب سيد الشهداء عليه السلام
                  ماشاء الله على هذا الاختيار الحاذق والمناسب لموضوع المحور


                  ان كل إنسان يحتاج إلى الأخلاق الحسنة، حتى الإنسان المنسلخ عنها تجده يغضب عليك إن صارحته بحاله، وربما طالبك بها وهو يعلم نفسه أنه منسلخ عنها!
                  هذا أبسط دليل على حاجة الإنسان الملحة والفطرية إلى الأخلاق الحسنة، وهو أقوى دليل على إجماع الفطرة البشرية نحو مطلوبية الأخلاق الحسنة وخلوديتها مع الدين الحق الذي قال الله تعالى عنه: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
                  وتشتد الحاجة إلى الأخلاق في عصرنا، لأن التنافس في الماديات قد أمات المعنويات التي هي القاعدة الأم لمعالي الأخلاق، فإن التقدم العلمي والصناعي الذان سخر الإنسان بهما الطبيعة، من دون أخلاق تحدد له طريقة الإستفادة منهما سوف يكون وبالا عليه فلا تبقى للحياة معانيها الرغيدة ولن تعلو للعدالة راية.
                  ونحن في عصر هذه سماته البارزة!..
                  والآن فإذا كانت الأخلاق حاجة ملحة وفطرة ثابتة، وكانت الأمراض النفسية والمشاكل العائلية والإجتماعية مشهودة على أكثر الناس إذا، ماذا نفتقر إليه في سبيل الإنقاذ؟
                  قبل كل شيء نفتقر إلى هداة رسموا لنا على الأفق صور الأخلاق الخلابة عبر كلماتهم الوضاءة وسيرتهم المضيئة معا دون التفريق بينهما، لأن القول بلا فعل مقت كبير عند الله.
                  فمن هم الهداة الذين بهذا المستوى الرفيع، الذين يسدون فقرنا الأخلاقي ويعيدون إلينا توازناتنا الروحية؟
                  هم النبي وأهل بيته (عليهم السلام) وكل من أخذ من رياضهم الزاهر، حيث عرفوا القرآن الكريم وعرفوه للأمة قولا وعملا، ومن هنا جئنا إلى سيرة الحسين (عليه السلام) سبط النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) لإحتوائها على إشراقات أخلاقية رائعة كاملة.. فياترى ماهي الأخلاق الحسنة؟ وماهي مفرداتها العملية؟ وكيف نطبقها؟
                  ولكن السؤال هو: هل يمكننا التحلي بالأخلاق الحسينية في هذا العصر وقد عسر الإلتزام بها حتى على بعض الملتزمين أحيانا كثيرة!؟
                  لقد أجاب (عمل الحسين (عليه السلام)) على هذا السؤال، لأن الأخلاق الإسلامية التي تجسدت في الحسين (عليه السلام) كلها تعاليم عملية، إنطلاقا من الحديث القائل (الإيمان عمل كله)؟
                  فالحسين (عليه السلام) يعرفنا على الأخلاق الحسنة ويدلنا إلى مفرداتها العملية وكيفية تطبيقها أيضا، إنما تبقى علينا مسؤولية التحلي بها وفق الإجتهاد المفتوح على الأساليب العملية بمفتاح العقل المتخلق بأخلاق الله.
                  ومهما تكون النفسية البشرية معقدة وجاءت المستحدثات العصرية لتزيدها تعقيدا، فإن الأخلاق العملية عند الحسين (عليه السلام) ليست عقيمة الحلول وعاجزة عن الأخذ بيد الإنسان إلى العروج نحو القيم المثلى، وذلك لوجود الفطرة العاقلة النقية في باطن الإنسان وهي من الثوابت التي رسخها خالقها فيه كي تكون المرجع الأول والقاعدة الأساسية الصلبة لتلقي الهداية العملية إلى الأخلاق في كل عصر، تلك الفطرة والتي تسمى عند الناس اليوم بالضمير وعند الفلاسفة بالعقل العملي لن تتغير ولن ترضخ لتوجيه صاحبها المخطئ مهما بالغ في التبرير لنفسه وراوغ في التدليس على غيره، وأنى للفطرة أن تغير ذاتها وقد أراد الله لها أن تكون حجته في باطن الإنسان إلى ساعة موته، كما حججه العاملون من حوله، هما حجتان متعانقتان متلاحمتان، مهمة إحداهما في داخل الإنسان ومهمة الأخرى في خارجه.
                  فكما الرسول الظاهري لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، كذلك الرسول الباطني يتناغم مع تعاليم الوحي ولا يتنافر معها أبدا.
                  وتأسيسا على هذه الحقيقة الثابتة أجمع علماء أصول الفقه على رأي واحد عندما قرروا أن (كل ما حكم به الشرع حكم به العقل، وكل ما حكم به العقل حكم به الشرع)، ومن أدلتهم الحديث الوارد عن الإمام الكاظم (عليه السلام): (إن الله على الناس حجتين، حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة (عليهم السلام) وأما الباطنة فالعقول).
                  ومن وصاياه (عليه السلام) أيضا قوله:
                  (ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم إستجابة أحسنهم معرفة، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة).
                  وهنا سؤال:ما علاقة العقل بالأخلاق الحسنة؟!
                  إن موضع العقل القيادة إلى الأخلاق الحسنة، بينما موضع الجهل قيادة الجاهل إلى الأخلاق السيئة. قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الخلق المحمود من ثمار العقل، والخلق المذموم من ثمار الجهل).
                  فتطبيق التعاليم الأخلاقية من خلال قيادة العقل المنفتح على الشرع أمر عملي لا عذر للمتخلف عنها، فلا يبرر ذلك بظواهر الزمان المتغيرة مادامت للأصول الأخلاقية الثابتة فروع تطبيقية يصيغها الواعي لتلك الأصول وفق سلم الأولويات وفن العمل، والإخلاص هنا ضمان التنفيذ وعدم التلاعب واللف والدوران على حساب القيم الأخلاقية.
                  هذا ما تفيده الآيات القرآنية وكلمات أهل البيت (عليهم السلام). فمثلا يقول الإمام علي (عليه السلام): (الفضائل أربعة أجناس: أحدها الحكمة وقوامها الفكرة، والثاني العفة وقوامها في الشهوة، والثالث القوة وقوامها في الغضب، والرابع العدل وقوامها في إعتدال قوى النفس).
                  ونخلص إلى القول بأن السلوك الفردي والإلتزامات الإجتماعية والآداب الشخصية فروع تنبثق من صميم القيم الأصيلة الثابتة، مثل الصدق، والصبر، والعفة، والحكمة، والرحمة، والوفاء، والإخلاص، والعدل.
                  وأما الذين تغير إلتزامهم بالأخلاق الحسنة فإنهم على نمطين، نمط تخلى عنها وتترس بالأعذار فحسابه على الله القائل فيه (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) ونمط إجتهد عن وعي وإخلاص فتخلق بأخلاق إقتضاها زمانه ولا يرتضيها جيله السابق، فهذا لا يظن فيه التخلي عن الأخلاق الحسنة. لأنه ظن السوء الذي لا تجيزه الأخلاق الحسنة نفسها، فقد ورد عن معلم الأخلاق الإمام علي (عليه السلام) قوله: (لا تقصروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم).
                  فالمطلوب إذن الحذر والدقة لتفادي الوقوع في الخلط بين هذين النمطين ممن يلاحظ عليهم التغيير في سلوكهم الأخلاقي.
                  وتأسيسا على هذا يصح لنا القول بكل ثقة أن الأخلاق الحسينية دعوة للعمل الممكن في إطار القيم الثابتة، لا العمل المستحيل حيث ينفي جدارة القيم على الإستمرار مع الزمن، وحاشا لرجل حكيم مثل الحسين بن علي (عليه السلام) أن يدعو إلى عمل مستحيل وقيم لا يمكن تحقيقها، سيما إذا كان هذا النوع المستحيل من العمل يرتب الله عليه عقابا بجرم الترك. أليس هذا تناقض وظلم؟ وهل في دين الله شيء من ذلك؟

                  تعليق


                  • #10
                    وأهلُ البيت (سلامُ الله عليهم) كانوا يباركون لِمَنْ تصدُرْ منه بادرةٌ أخلاقيّة إيمانيّة ؛ فيومَ عاشوراء التفتَ أبو ثمامةَ الصائدي إلى‏ الشمس قد زالتْ ـ أي حَلّ وقتُ الظهر ـ , فقال للحسين (عليه السّلام) : نفسي لكَ الفداء ! إنّي أرى‏ هؤلاءِ قد اقتربوا منك , لا والله لا تُقتَلُ حتّى‏ اُقتلَ دونك , واُحبّ أنْ ألقى‏ الله وقد صلّيتُ هذه



                    الصلاةَ التي دنا وقتُها .


                    فرفع الحسين (سلام الله عليه) رأسَه إلى‏ السماءِ وقال : (( ذكرتَ الصلاة , جعَلَكَ الله مِنَ المصلّينَ الذَّاكرين . نعم هذا أوّلُ وقتها , سَلُوهم أن يكفُّوا عنّا حتّى‏ نُصلّي ))(1) .


                    فدعا (عليه السّلام) له ؛ لأنّه ذكر الصلاةَ في أوّلِ وقتها ؛ اعتناءً بها , واهتماماً بطاعةِ الله (عزَّ وجلَّ) كما يُحبّ , وممّا يُحبّه سبحانه الصلاةُ في أوّل وقتها . فالتشجيعُ على‏ الواجبات والمستحبّات والفضائل هو من الأخلاق الحميدة ؛ لأنّه سببٌ لأنْ تسودَ السننُ الشريفة والأخلاقُ الكريمة .


                    ولا يفوتنا أن نقول : إنَّ الإمامةَ هي الامتدادُ الإلهيُّ والشرعيُّ للنبوّة , وبما أنَّ السُّنَّةَ النبويّةَ سُنَّةٌ مطهَّرةٌ معصومة , كذلك سُنّةُ الأئمّةِ الأطياب . فالأخلاقُ عندهم تظهرُ مَرَّةً في صورةِ فعل , ومرّةً اُخرى‏ في صورةِ وعظٍ وإرشاد , ومرّةً ثالثة في صورةِ تقرير .


                    ثمّ لا ينبغي أنْ يفوتَنا أنَّ الوعظَ هو قول , والقولُ هو من العمل , فكما يكون الاعتداءُ على‏ المؤمنِ البري‏ء بالضربِ حراماً , كذلك شتمُه بالقول حرام , وكما يكونُ الدرهمُ والدينارُ صدقةً , كذلك الكلمةُ الطيّبةُ صدقة , وكما تكون الغلاّتُ والأموالُ زكاةً , كذلك العفو ؛ فقد جاء عن الإمام عليٍّ (عليه السّلام) أنّه قال : (( العفوُ زكاةُ القدرة ))(2) .


                    وقد قال رسولُ الله (صلّى‏ الله عليهِ وآلِه) يوماً لأصحابه : (( أيعجزُ أحدُكم أن يكونَ كأبي ضمضم ؟ )) .


                    قيل : يا رسولَ الله , وما أبو ضمضم ؟


                    قال : (( رجلٌ ممّنْ قبلكم , كان إذا أصبح يقول : اللهمَّ إنّي تصدّقتُ بِعرضي على


                    ــــــــــــــــــــ



                    (1) مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للخوارزميّ 2 / 17 .


                    (2) غرر الحكم / 22 .



                    الناس عامّة ))(1) .
                    فيكون عفوه عن إساءات الناس صدقةً له عليهم .




                    ومن هنا نفهم أنَّ القولَ هو من الفعل , وإلاّ لَمَا حرّمَ الله تعالى‏ الغيبةَ والنميمة , والكذبَ والبذاء ... وهي أقوال , ولَما قال النبيُّ الهادي (صلّى‏ الله عليهِ وآلِه) : (( إنَّ مَنْ حَسِبَ كلامَه مِن عمله قلَّ كلامُه إلاّ فيما يَعنيه ))(2) , ولَما قال‏ أيضاً : (( مَن لم يحسب كلامَه مِن عملِه كثُرتْ خطاياه , وحضر عذابُه ))(3) .


                    إذَاً فإنَّ الكرمَ والغَيرةَ والعفوَ من الأخلاق ؛ إذ هي أفعال ومواقف , والدعوةُ إليها باللسان والتشويقُ لها والتشجيعُ عليها كذلك من الأخلاق .


                    ومن هنا رأينا أهلَ البيت (سلام الله عليهم) لم يكتفوا بدعوةِ الاُمّة إلى‏ الأخلاق الفاضلة من خلال أفعالهم وسيرتهم , إنَّما واصلوا ذلك من خلال وصاياهم وحكمِهم وإرشاداتهم , وتوجيهاتهم ومواعظهم , وهذا أيضاً من الأخلاق الفاضلة ؛ لأنَّ الدعوةَ إلى‏ الأخلاق هي من الأخلاق , بل هي كرم ؛ لقول الإمام عليّ (عليه السّلام) في غرر الحكم : (( النصيحة من أخلاق الكرام )) .


                    فالقول كالفعل تترتّبُ عليه الآثار ؛ طيّبةً حميدة , أو سيّئةً مذمومة ؛ كالسرقة والكذب كلاهُما مخرّبانِ للمجتمع وإن كانتِ السرقةُ عملاً والكذبُ قولاً , وكالصدقةِ والسّلام كلاهما ينشرانِ المحبّة في المجتمع وإن كانتِ الصدقةُ فِعْلاً والسلامُ كلاماً .


                    وهنا نسأل : أليستْ مواعظُ الإمامِ الحسين (سلام الله عليه) تنمّ عن شفقة الحسين (صلواتُ الله عليه) على‏ الاُمّة , ورأفتِه بالمؤمنينِ , ورحمتِه بالناس , وحرصِه عليهم أن يسلكوا سبيلَ الهدايةِ والخير , والفضيلةِ والسّلام , ويتجنّبوا


                    ــــــــــــــــــــ


                    (1) مصباح الشريعة ـ للإمام جعفر الصادق (عليه السّلام) ـ الباب 70 في العفو / 158 .



                    (2) معاني الأخبار ـ للشيخ الصدوق / 334 .


                    (3) الكافي 2 / 115 .
                    خطُواتِ الشيطان المُؤدّيةِ إلى‏ الضلالِ والشرّ , والباطل والفساد ؟


                    أليستْ تدلُّ مواعظُ الإمام الحسين (عليه السّلام) على‏ اهتمامه الغيور بأن يوفَّق الناسُ جميعاً إلى‏ الفوز بالسعادتين ؛ الدنيويّة والاُخرويّة ؟


                    إذَاً كانت مواعظُه أخلاقاً ؛ حيث عبّرتْ عن حالاتٍ أخلاقيّة مِلْؤها الطيبةُ والإنسانيّةُ في أرقى‏ آفاقها ؛ فقد نوى‏ خيراً , وعمِلَ خيراً ؛ إذ نفع الناس أجيالاً متتابعةً متعاقبة , فكان خيرَ الناس , لا سيّما وقد خلُصتْ نيّتُه لله (عزَّ وجلَّ) , وبرِئتْ من كلّ شائبة وخاطرة , شاردة أو واردة تبتعد عن طلب مرضاةِ الله , أو تقصدُ غيرَ وجه الله .


                    ولكي نتعرّف على‏ أخلاق الإمام الحسين (عليه أفضلُ الصلاة والسّلام) من خلال مواعظه , وحكمِه وبياناته , تعالوا نطالعْ بعقلٍ متبصّر , وقلبٍ نيّر , وروحٍ متفتّحة هذه الروايات الشريفة , وتلك الجُمَلَ المُنِيفة التي تُخبِرُنا عن مواقفَ متعاليةٍ سامقة في دنيا الأخلاق , معبِّرة عن طيبةِ الإمام الحسين (عليه السّلام) , إضافةً إلى‏ تعبيرها عن علمِه الجمّ ومعرفته النورانيّة .


                    وهنا ـ وقبل عرض الأخلاق الحسينيّة ـ يحسُن بنا أن نعرف :


                    أوّلاً : أنَّ الإمام الحسين (عليه السّلام) كان سلوكُه كلُّه أخلاقاً قويمةً طيّبة , شَهِدَ بذلك العدوُّ والصديق , حتَّى‏ إنَّ مُبغضيه لم يستطيعوا أن يظفروا بشي‏ءٍ يعابُ فيه , بل لم يملكوا إلاّ أن يمدحوه ويُثنوا عليه ـ والفضلُ ما شهِدتْ به الأعداءُ ـ , وما كان منهم إلاّ التعبير عن حسدِهم له , وحسدُهم دالٌّ على‏ فضلهِ عليهم .


                    وهذا التاريخ , رغم تسليطه لأضوائه على‏ الإمام الحسين (عليه السّلام) باعتباره شخصيّةً كبيرة لم يدوّنْ عليه إلاّ الفضائلَ والمناقب والمكارم ؛ فالأخلاقُ الإلهيّةُ تجسّدتْ فيه فعبّر عنها بشخصه الشريف قبل منطقِه




                    الحكيم ؛ لذا جاءت مواعظُه نافعةً أبلغَ النفع , مؤثّرةً أبلغَ التأثير , ليس في زمانه فحسب , بل تعدّتْ حدود القرون والعصور , ثمَّ إنَّها جاءت مفصحةً عن مطاليب الشريعة الإسلاميّة وغاياتها .


                    ثانياً : اتّسمت أخلاقُ الإمام الحسين (سلام الله عليه) بالحكمة والمُراعاة , فكانت موزونةً أدقَّ وزن ؛ تُراعي الظروفَ الموضوعيّة , وتراعي حالةَ السامع والناظر من حيث مستواه وطبيعته , ومدى‏ استعداده وتقبّله ؛ لذا نجدُها أساليبَ مفيدةً في التربية والتوجيه , والإرشادِ والتعليم .


                    لنتأمّلْ مَثَلاً في هذه الرواية :


                    * عن الرُّويانيّ أنَّ الحسنَ والحسين (عليهما السّلام) مَرَّا على‏ شيخٍ يتوضّأ ولا يُحسن , فأخذا في التنازع ؛ يقول كلُّ واحدٍ منهما : (( أنت لا تُحسن الوضوء )) , فقالا : (( أيُّها الشيخ , كُن حَكَماً بيننا , يتوضّأ كلُّ واحدٍ منّا )) . فتوضّأا ثمّ قالا : (( أيُّنا يُحسِن ؟ )) .


                    قال : كلاكُما تُحسنانِ الوضوء , ولكنَّ هذا الشيخَ الجاهلَ هو الذي لم يكن يُحسن , وقد تعلّمَ الآنَ منكما , وتابَ على‏ يديكما ببركتكما وشفقتكما على‏ اُمّةِ جدِّكما(1) .


                    أيُّ أخلاقٍ هي ! وهما صغيران لم يُحرِجا شيخاً يتوضّأ ولا يعرف كيف ينبغي أن يتوضّأ , فعلّماه دونَ أن يخدشا شعوره !


                    يقول العالِم الفاضل الشيخ جعفر التُّستَريّ (أعلا الله مَقامه) : رأى‏ رجلاً لا يُحسن الوضوء , فأراد أن يُعلّمَه , فاستحى‏ من ذُلِّه حين يتعلّم , فقال لأخيه : (( نحن نتوضّأ قُدّامَه , ثمّ نسألُه أيُّ الوُضوءينِ أحسن )) . ففعلا ذلك , فقال الأعرابيّ : كِلاكُما تُحسنانِ الوضوء , وأنا


                    ــــــــــــــــــــ


                    (1) مناقب آل أبي طالب ـ للشيخ الفاضل ابن شهر آشوب 3 / 400 .





                    الجاهلُ الذي لا أعرف(1) .


                    وكأنّه (عليه السّلام) رأى‏ الناسَ يملّون النثر , ويأنسون بالشعر , ويستعذبون الكلامَ المقفّى‏ الموزون حتّى‏ ليبقى‏ في ذاكرتهم عقوداً من الزمن , فجاراهم وجاء لهم بالحكم والمواعظ في صيغٍ شعريّة جميلةٍ وواضحة .


                    فَمِمَّا نُسب إليه ودوّنه التأريخ , قولُه (سلام الله عليه) :


                    إذا جادتِ الدنيا عليكَ فَجُدْ بها على‏ الناسِ طُّرَّاً قبلَ أن تتفلَّتِ‏


                    فلا الجُودُ يُفنيها إذا هي أقبلتْ‏ ولا البُخلُ يبقيها إذا ما تولَّتِ‏(2)


                    هذا في الحثِّ على‏ الجودِ , أمَّا في الاستغناءِ بالله تعالى‏ عن الناس , فقد قال (عليه السّلام) :


                    اغْنَ عَنِ المخلوقِ بالخالقِ‏ تُغْنَ عنِ الكاذبِ والصادقِ‏


                    واسترزقِ الرحمنَ مِن فضلِهِ‏ فليس غيرُ الله من رازقِ‏


                    مَنْ ظنَّ أنَّ الناسَ يُغنونَهُ‏ فليس بالرحمنِ بالواثقِ‏


                    أو ظنَّ أنَّ المالَ مِن كسبِهِ‏ زلَّتْ به النعلانِ من حالقِ‏(3)


                    وقال (عليه السّلام) في اللجوءِ إلى‏ الله تعالى‏ :


                    إذا ما عضّكَ الدَّهرُ فلا تجنحْ إلى‏ الخَلْقِ‏


                    ولا تسألْ سوىْ اللهِ‏ تعالى‏ قاسمِ الرزقِ‏


                    فلو عشتَ وطوّفتَ مِنََ الغربِ إلى‏ الشرقِ‏


                    لما صادفتَ مَن يقْدِ رُ أن يُسعِدَ أو يُشقي(4)


                    ـــــــــــــــــــ


                    (1) الخصائص الحسينيّة ـ للشيخ جعفر التستريّ / 22 .



                    (2) تاريخ مدينة دمشق ـ لابن عساكر 4 / 325 .


                    (3) المصدر نفسه .


                    (4) كشف الغمّة ـ للإربليّ 2 / 185 .



                    ولمّا زار مقابرَ الشهداء بالبقيع قال (عليه السّلام) :


                    ناديتُ سكّانَ القبورِ فاُسكِتُوا فأجابني عن صمتِهمْ ندْبُ الحشا


                    قالتْ أتدري ما صنعتُ بساكني‏ مزّقْتُ جثماناً وخرّقْتُ الكِسا


                    وحَشَوْتُ أعينَهم تراباً بعد ما كانتْ تَأذّى‏ باليسير مِنَ القذا


                    أمّا العظامُ فإنّني مزّقْتُها حتّى‏ تباينتِ المفاصلُ والشَّوىْ‏


                    قطّعتُ ذا مِن ذا ومِن هذا كذا فتركتُها ممّا يطولُ بها البِلى(1)


                    كلماتٌ رشيقة , وعباراتٌ عذبة , ومعانٍ عالية في صورٍ مُؤنسة أثمرتْ عن أبياتٍ واضحةٍ سهْلةِ الحفظ , من شأنها أن تبقى‏ في خاطر السامع تتردّد على‏ ذاكرته حتّى‏ ترسخ قيمُها الأخلاقيّة والعقائديّة فتنعكس سلوكاً صحيحاً , وموقفاً مُحقّاً .


                    والآن نذهب إلى‏ المنبر الحسينيّ الواعظ , حيث نستمعُ إلى‏ ما يجودُ به علينا من كلماتٍ راشدة , وحِكَمٍ باصرة , ووصايا ذاتِ عبر ...


                    خطب الإمام الحسين (عليه السّلام) يوماً فقال : (( يا أيُّها الناس , نافسُوا في المكارم , وسارعوا في المغانم ... واعلموا أنَّ حوائجَ الناسِ إليكم من نِعَمِ الله عليكم , فلا تملّوا النِّعَمَ فتحور نِقَماً . واعلموا أنَّ المعروفَ مُكْسِبٌ حمْداً , ومعقبٌ أجراً , فلو رأيتُمُ المعروفَ رجلاً رأيتمُوه حسَناً جميلاً يسرُّ الناظرين , ولو رأيتُمُ اللُّؤمَ رأيتمُوهُ سمجاً(2) مشوَّهاً , تنفرُ منه القلوب , وتغضّ دونه الأبصار .


                    أيُّها الناس , مَن جادَ سادَ , ومَن بَخِلَ رذل . وإنَّ أجودَ الناسِ مَن أعطى‏


                    ـــــــــــــــــــ


                    (1) تاريخ مدينة دمشق ـ لابن عساكر 4 / 325 .


                    (2) السمج : القبيح والخبيث .



                    مَن لا يرجوه , وإنَّ أعفى‏ الناس مَن عفا عن قُدرة , وإنَّ أوصلَ الناسِ مَن وصلَ مَن قطعَه .


                    والاُصولُ على‏ مغارسها بفروعها تسمو ؛ فمَن تعجّل لأخيه خيراً وجدَه إذا قدِم عليه غداً , ومَن أرادَ الله تبارك وتعالى‏ بالصنيعةِ إلى‏ أخيه كافاه بها في وقتِ حاجته , وصرفَ عنه من بلاءِ الدنيا ما هو أكثرُ منه , ومَن نفّسَ كُربةَ مؤمنٍ فرّج الله عنه كُرَبَ الدنيا والآخرة , ومَن أحسنَ أحسنَ الله إليه , والله يُحبُّ المحسنين ))(1) .


                    قال الإربليّ : هذا الفصلُ من كلامه وإن كان دالاّ على‏ فصاحته , ومُبِيناً عن بلاغته , فإنَّه دالٌّ على‏ كرمِه وسماحتِه وجُودِه , مُخْبِرٌ عن شرفِ أخلاقِه وسيرته , وحُسنِ نيّتِه وسريرتِه , شاهدٌ بعفوه وحلْمِه وطريقته ؛ فإنَّ هذا الفصلَ قد جمع مكارمَ الأخلاق , لكلّ صفةٍ من صفاتِ الخير فيها نصيب , واشتمل على‏ مناقبَ عجيبةٍ , وما اجتماعُها في مثْلِه بعجيب .


                    وجاء في قصار الجمل هذه الحِكَمُ الجميلة :


                    ـ (( الصدقُ عزٌّ , والكذبُ عجز , والسرُّ أمانة , والجوارُ قرابة , والمعونةُ صدقة , والعملُ تجربة , والخُلقُ الحسَنُ عبادة , والصمتُ زين , والشُّحُّ فَقْر , والسخاءُ غِنى‏ , والرفْقُ لُبّ ))(2) .


                    ـ (( شرُّ خصالِ الملوك الجُبنُ مِنَ الأعداء , والقسوةُ على‏ الضعفاء , والبخلُ عند الإعطاء ))(3) .


                    ـــــــــــــــــــ


                    (1) كشف الغمّة 2 / 241 , 242 , والفصول المهمّة ـ لابن الصبّاغ المالكيّ / 178 , ووسيلة المآل ـ لباكثير الحضرميّ المكّيّ الشافعيّ / 182 .



                    (2) لمعة من بلاغة الحسين (عليه السّلام) / 104 .


                    (3) المناقب 4 / 65 .



                    ـ وقال (عليه السّلام) لرجلٍ اغتابَ عنده رجلاً : (( يا هذا , كُفَّ عنِ الغيبة ؛ فإنَّها أدامُ كلابِ النار ))(1) .


                    ـ (( إيّاك وما تعتذرُ منه ؛ فإنَّ المؤمنَ لا يُسي‏ء ولا يعتذر , والمنافقُ كلَّ يومٍ يُسي‏ءُ ويعتذر ))(2) .


                    ـ وقال لابنه عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) : (( أيْ بُنيّ , إيّاكَ وظُلْمَ مَنْ لا يجدُ عليكَ ناصراً إلاّ الله (جَلَّ وعزَّ) ))(3) .


                    ـ وقال له رجلٌ ابتداءً : كيفَ أنتَ عافاكَ الله ؟


                    فقال (عليه السّلام) له : (( السّلام قبل الكلام عافاك الله )) .


                    ثمّ قال (عليه السّلام) : (( لا تأذنوا لأحدٍ حتّى‏ يُسلِّم ))(4) .


                    وقال (سلام الله عليه) : (( البخيل مَنْ بخِلَ بالسّلام ))(5) .


                    وقال رجلٌ عنده : إنَّ المعروفَ إذا اُسديَ إلى‏ غيرِ أهله ضاع .


                    فقال الحسين (عليه السّلام) : (( ليس كذلك , ولكنْ تكونُ الصنيعةُ مثْلَ وابلِ المطر , تُصيبُ البرَّ والفاجر ))(6) .


                    وقال (سلام الله عليه) : (( مَن قبِلَ عطاءَك فقد أعانَك على‏ الكرم ))(7) .


                    وقال (صلواتُ الله عليه) : (( صاحبُ الحاجةِ لم يُكرمْ وجهَه عن سؤالك , فأكرِمْ وجهَكَ عن رَدِّه ))(8) .


                    كلمات تنسجم تمامَ الانسجام مع الفطرةِ الإنسانيّةِ السليمة , وتقع على‏


                    ـــــــــــــــــ


                    (1) تحف العقول / ‏176 .



                    (2) تحف العقول / 179 .


                    (3) تحف العقول / 177 .


                    (4) المصدر نفسه .


                    (5) تحف العقول / 179 .


                    (6) تحف العقول / 176 .


                    (7) الدرّة الباهرة / 24 .


                    (8) كشف الغمّة 2 / 208 .


                    القلب موقعَ الماءِ البارد في حرِّ الضماء , وعلى‏ العين موقع النور في الليلة الظلماء , وعلى‏ الاُذن موقعَ صوتِ الأب الحنون ينادي ولدَه التائه , أو الاُمّ الرؤوم تلاطف ابنتَها المنكسرة .


                    كلمات هي للضّالِ‏ّ هدايةٌ مُطَمْئِنة , وللحائرِ سبيلٌ سهلة , ولقدِ انتفع مَن أسلمَ قلبه , واعتبرَ مَن صدق عقلُه في البحثِ عن العبرة , واهتدى‏ من رغِبَ حقّاً في الخيرِ وطلبِ الحقيقة .


                    * ولقد أوصى‏ فامتزج العلم بالاُبوّةِ الحانية , فكان أن قال : (( لا تتكلّفْ ما لا تُطيق , ولا تتعرّض ما لا تُدرك , ولا تَعِدْ بما لا تقْدرُ عليه , ولا تُنفقْ إلاّ بقدْرِ ما تستفيد , ولا تطلبْ من الجزاءِ إلاّ بقدرِ ما صنعت , ولا تفرحْ إلاّ بما نلتَ مِن طاعةِ الله , ولا تتناولْ إلاّ ما رأيتَ نفسَكَ له أهلاً ))(1) .


                    وقال (صلواتُ الله عليه) : (( اُوصيكم بتقوى‏ الله ؛ فإنَّ الله قد ضَمِن لِمَنِ اتّقاهُ أن يُحوّلَه عمّا يكره إلى‏ ما يُحبّ , ويرزقَه مِن حيث لا يحتسب , فإيّاكَ أن تكونَ ممّن يخاف على‏ العباد مِن ذنوبهم ويأمنُ العقوبةَ مِن ذنبهِ ؛ فإنَّ الله تباركَ وتعالى‏ لا يُخدَع عن جنّتِه , ولا يُنال ما عنده إلاّ بطاعته إن شاءَ الله ))(2) .


                    لقد فاحتْ تلك الكلمات عن اُبوَّةٍ حانية , وقلبٍ رحيم , وفاضتْ عن صدرٍ مِلْؤه الإيمانُ والتقوى‏ , والمعرفة وحبُّ الخير , وصدرتْ عن فمٍ طاهرٍ زاكٍ طالما قبّلَه رسولُ الله (صلّى‏ الله عليهِ وآلِه) , ولكنَّ أعداءَ الله لم يتورّعوا في


                    ــــــــــــــــــ


                    (1) أعيان الشيعة 4 / 365 .


                    (2) تحف العقول / 173 .



                    هتكِ حرُماتِ النبيّ (صلّى‏ الله عليه وآله) في أهل بيته (عليهم السّلام) ؛ فقد جاء سنانُ بنُ أنس فرأى‏ الإمامَ الحسين (عليه السّلام) مطروحاً على‏ رمالِ كربلاء , يشخبُ دماً ممّا أصابه من السهام والأحجار والسيوف , فطعنه في بواني صدره الشريف(1) !


                    ودعا عمرُ بنُ سعدٍ : ألاَ مَن ينتدب إلى‏ الحسين فيُوطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه ؟ فقام عشرة(2) ... فداسوا بخيولهم جسَدَ ريحانة الرسول (صلّى‏ الله عليه وآله) !


                    وقُطع الرأسُ الشريف قبل ذلك , ولم تُرعَ للنبيّ (صلّى‏ الله عليهِ وآلهِ) حرمة .


                    أروحُكَ أم روحُ النبيِّ تَصَعَّدُ من ‏الأرضِ للفردوسِ ‏والحُورُ سُجَّدُ


                    ورأسُكَ أم رأسُ الرسولِ على‏ القَنا بآيةِ (أهل الكهف) راح يُرَدِّدُ


                    وصدرُكَ أم مستودعُ العلمِ والحِجى لتحطيمِه جيشٌ من الجهلِ يَعمدُ


                    وأيُّ شهيدٍ أصلَتِ الشمسُ جسمَه‏ ومشهدُها مِن أصلِه متولِّدُ


                    وأيُّ ذبيحٍ داستِ الخيلُ صدرَه‏ وفرسانُها مِن ذكرِه تتجمّدُ


                    فلو علمتْ تلك الخيولُ كأهلها بأنَّ الذي تحت السنابكِ أحمدُ


                    لثارتْ على‏ فرسانها وتمرّدتْ‏ عليهم كما ثاروا بها وتمرّدوا(3)



                    ـــــــــــــــــــ


                    (1) اللهوف في قتلى‏ الطفوف ـ للسيّد ابن طاووس / 70 .



                    (2) تاريخ الطبريّ 6 / 161 , الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير 4 / 33 , مروج الذهب ـ للمسعوديّ 2 / 91 , الخطط ـ للمقريزيّ 2 / 288 , البداية والنهاية ـ لابن كثير 8 / 189 , إعلام الورى‏ بأعلام الهدى‏ ـ للشيخ الطبرسيّ 1 / 470 .


                    (3) من قصيدةٍ للسيّد صالح بن العلاّمة السيّد مهدي بحر العلوم .





                    يومٌ بيومِ بدرٍ(1) . وكان أبو برزةَ الأسلميّ واقفاً , فقال : أشهدُ لك رأيتُ النبيَّ يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن , ويقول : (( أنتما سيّدا شباب أهلِ الجنّة , قتلَ الله قاتلَكما , ولعنه , وأعدَّ له جهنَّمَ وساءتْ مصيراً ))) . فغضبَ يزيدُ منه وأمرَ به فاُخرِجَ سَحْباً(2) .


                    * * * * *


                    وكان من أخلاق الإمام الحسين (عليه السّلام) عطفُه على‏ التائهين , وشفقتُه على‏ الحائرين ؛ لذا أكثرَ من وصاياه ومواعظه , وحِكَمِه وعِبَرِه ؛ رجاءَ أن يتّجهُوا إلى‏ الله سبحانه بالإخلاص , وإلى‏ الناس بالأخلاق الطيّبة , فقال (سلام الله عليه) كلماتٍ امتزجتْ فيها المعارفُ الحقّةُ بالروحِ الأبويّة الحانية .


                    * قال (عليه السّلام) : (( مِن دلائلِ علاماتِ القبول الجلوسُ إلى‏ أهل العقول ))(3) .


                    * وقال (سلام الله عليه) : (( إنَّ قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادةُ التجّار , وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادةُ العبيد , وإنَّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلكَ عبادةُ الأحرارِ وأهل الفضل ))(4) .


                    * وكتب إليه رجل : عِظْني بحرفين . فكتب (عليه السّلام) إليه : (( مَن حاول


                    ـــــــــــــــــ


                    (1) المناقب 2 / 226 .



                    (2) اللهوف / 102 .


                    (3) تحف العقول / 178 .



                    (4) تحف العقول / 177 .



                    أمراً بمعصية الله كان أفوتَ لما يرجو , وأسرعَ لما يحذر ))(1) .


                    * وسأله أحدُهم : لِمَ افترض الله على‏ عبيده الصوم ؟ فقال (عليه السّلام) له : (( ليجدَ الغنيُّ مَسَّ الجوع فيعودَ بالفضل على‏ المساكين ))(2) .


                    * وكتبَ إليه رجلٌ من الكوفة : يا سيّدي , أخبِرْني بخيرِ الدنيا والآخرة . فكتب الإمامُ الحسين (عليه السّلام) : (( بسم الله الرحمن الرحيم , أمّا بعد , فإنَّ مَن طَلَبَ رضا‏ الله بسخطِ الناس كفاه الله اُمورَ الناس , ومَن‏ طلبَ رضا‏ الناس بسخَطِ الله وكَلَه الله إلى‏ الناس . والسّلام ))(3) .


                    وسأله نافعُ بنُ الأزرق , وهو من رؤساء الخوارج , قال له : صِفْ لي إلهكَ الذي تعبد .


                    فقال الإمامُ (عليه السّلام) : (( يا نافع , إنَّ مَن وضعَ دينَه على القياس لم ‏يَزَلِ الدهرَ في الارتماس , مائلاً عن المنهاج , ظاعناً في الاعوجاج , ضالاّ عنِ السبيل , قائلاً غيرَ الجميل .


                    يابنَ الأزرق , أصِفُ إلهي بما وصفَ به نفسَه , واُعرّفُه بما عرّفَ به نفسَه ؛ لا يُدرَك بالحواسّ , ولا يُقاسُ بالناس , قريبٌ غيرُ ملتصق , وبعيدٌ غيرُ متقصٍّ , يُوحَّد ولا يُبعّض , معروفٌ بالآيات , موصوفُ بالعلامات , لا إله إلاّ هو الكبيرُ المتعال )) .


                    فبكى‏ ابن الأزرق وقال : ما أحسنَ كلامَكَ(4) !


                    وتمضي وصايا الإمام الحسين (عليه السّلام) ومواعظُه وحِكمُه عبراً خالدة


                    ـــــــــــــــــــ


                    (1) تحف العقول / 179 .



                    (2) المناقب 2 / 193 .


                    (3) الاختصاص / 225 .


                    (4) التوحيد ـ للشيخ الصدوق / ‏80 , تاريخ مدينة دمشق 4 / 323 .



                    في ضمير التأريخ , عليه أن يردّدَها على‏ مسامع الأجيال ؛ فإنَّ فيها هدايتَها ونجاتها , ومعرفةَ السبيل إلى‏ سعادتها وبيان اُمورها .


                    * قال الفرزذق (الشاعر) : لَقِيَني الحسينُ (عليه السّلام) في منصرفي من الكوفة , فقال : (( ما وراءَكَ يا أبا فراس ؟ )) .


                    قلت : أَصْدُقكَ ؟


                    قال : (( الصدق اُريد )) .


                    قلتُ : أمّا القلوبُ فمعَك , وأمّا السيوفُ فمعَ بني اُميّة , والنصرُ من عند الله .


                    قال : (( ما أراكَ إلاّ صدقت ؛ الناسُ عبيدُ المال , والدينُ لغْوٌ(1) على‏ ألسنتهم , يَحُوطونه ما درّتْ به معايشُهم , فإذا مُحِّصُوا للابتلاء قلَّ الديّانون ))(2) .


                    وهذه علامةٌ تنذرُنا بالخطر على‏ ديننا , فإن كنّا من عبّادِ الدنيا فإنّنا عمّا قريب ـ إذا كان الابتلاء ـ سنكتشف أنَّ دينَنا مستعار أو مُعار , فلا بدَّ لنا من الاستعداد للامتحان , وخلع حبِّ الدنيا من قلوبنا ؛ لننجوَ بديننا .


                    * * * * *


                    ويبلغُ الخلُق الحسينيّ مراقيهِ التي شاءَ الله له أن يبلغها ؛ فقد صارح أصحابَه أكثرَ من مرّة أنّه سيُقتل , وأنَّ كربلاءَ الطاهرةَ هي المثوى‏ ؛ لكيلا يقولَ أحدٌ خُدعتُ وكنتُ أظنُّه النصر نُقْبل عليه . ثمَّ قدَّم لهم الفرصَ الوافرة , وعاملهم بالصراحةِ الطيّبة حتّى‏ يكونوا على‏ بيّنةٍ من أمرهم مختارين ؛ إمّا أن يرجعوا إلى‏ أهليهم وديارهم , وإمَّا أن يتشرّفوا بالشهادةِ بين يدَيْ ول‏يِّ الله , سيّدِ شباب أهل الجنّة (عليه السّلام) .


                    ــــــــــــــــــ


                    (1) وفي نسخةٍ اُخرى‏ : لعق .



                    (2) كشف الغمّة 2 / 207 .



                    لقد تعامل الإمامُ الحسين (عليه السّلام) مع الناس بالصدق والصراحة والرفق , وأدلى‏ بنصحه وموعظته ودعوته على‏ وجهِ البساطة والوضوح . فحينما أراد أن يخرج إلى‏ كربلاء وقف في مكّة وخطب الناسَ قائلاً : (( ... خُطَّ الموتُ على‏ وُلْدِ آدمَ مخطَّ القلادةِ على‏ جِيدِ الفتاة , وما أولَهني إلى‏ أسلافي اشتياقَ يعقوبَ إلى‏ يُوسُف . وخُيِّر لي مصرعٌ أنا لاقيه , كأنّي بأوصالي تُقطّعها عُسلانُ الفَلَوات بين النواويسِ وكربلاء , فيملأْنَ منّي أكراشاً جُوفا , وأجربةً سَغْبا , لا مَحيصَ عن يومٍ خُطَّ بالقلم ... ألاَ ومَن كان فينا باذلاً مهجتَه , مُوَطّناً على‏ لقاءِ الله نفسَه , فلْيرحلْ معنا ؛ فإنّي راحلٌ مصبِحاً إن شاءَ الله ))(1) .


                    (1) اللهوف / 53 .


                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X