إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لبرنامج( في رحاب الطفوف (فقرة المواليات)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لبرنامج( في رحاب الطفوف (فقرة المواليات)

    شقيقات الحسين (عليه السّلام) كم عددهنَّ ؟ ومَنْ هنَّ ؟
    المشهور بين المؤرّخين أنّ بنات فاطمة (عليها السّلام) اثنتان : زينب العقيلة واُختها اُمّ كلثوم . والمشهور بينهم أيضاً أنّ اُمّ كلثوم هذه تزوّجها عمر بن الخطاب ، غير أنّ بعض المحقّقين ينفي وجود اُمّ كلثوم بتاتاً ، ويرى أنّ زينب العقيلة كانت تُكنّى باُمّ كلثوم ، وأنّها هي البنت الوحيدة لفاطمة الزهراء (عليها السّلام) ؛ ويستند في رأيه هذا على ظواهر تاريخية :
    منها : أنّه لم يرد لها ـ أي لاُمّ كلثوم ـ ذكر في حوادث وفاة فاطمة (عليها السّلام) ، حيث أوصت ببعض الأشياء التي تعود لها إلى زينب ، وأوصتها باُمور تتعلّق بالحسين (عليه السّلام) ، ولم يرد في وصاياها ذكر لاُمّ كلثوم .
    ومنها أيضاً : أنّ كثيراً من قضايا كربلاء والسبي من خطب وكلمات وأعمال تُنسب تارة إلى زينب ، وتُنسب نفسها إلى اُمّ كلثوم تارة اُخرى ؛ الأمر الذي يدلّ على أنّ زينب واُمّ كلثوم واحدة ، يعبّر عنها تارة بالاسم وتارة بالكنية .
    وهناك بعض الخبراء من علمائنا الأعلام يقرّ بوجود اُمّ كلثوم كبنت ثانية لفاطمة (عليها السّلام) ، ولكن ينفي تزويجها من عمر بن الخطاب نفياً قاطعاً ، ومنهم الحجّة الجليل الشيخ المفيد (قدس سرّه) في أجوبة المسائل السروية ، حيث يقول (رحمه الله) : والخبر الحاكي أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) زوّج اُمّ كلثوم من عمر بن الخطاب خبر لم تثبت صحته ؛ لأنّ مصدره الأول والوحيد هو الزبير بن بكار ، وهو غير مأمون ولا موثوق به ؛ لأنّه مشهور بالعداوة لعلي (عليه السّلام) وأهل بيته ، فهو متّهم فيما يروي عنهم لا يوثق بخبره .
    هذا بالإضافة إلى أنّه مضطرب في نقله لهذا الخبر ومختلف في روايته ، ممّا يدلّ على كذب الخبر ووهن الرواية ، والله أعلم .
    وأمّا زينب الكبرى فإنّها عقيلة آل أبي طالب وسيّدة النساء بعد اُمّها فاطمة ، ووصيّة أخيها الحسين (عليه السّلام) وكافلة الإمام زين العابدين (عليه السّلام) . وعلى العموم هي شريكة الحسين (عليه السّلام) في حركته المباركة وثورته المقدّسة ، وشقيقة الحسن والحسين (عليهما السّلام) في أشرف نسب ورضاع ونشأة .
    انتقلت من أصلاب طاهرة إلى أرحام مطهّرة ، ورضعت من ثدي الإيمان والعصمة ، ونشأت في حجر النبوّة والإمامة ، ودرجت في بيت الوحي والرسالة ؛ فكانت (عليها السّلام) نموذجاً صالحاً ، ومثالاً صادقاً لأهل ذلك البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً .
    ومن ثمّ أفادت بعض الأخبار بأنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان ينظر إلى العقيلة زينب نظرته إلى اُمّها فاطمة من حيث الإجلال والاحترام ، وكان يحدّثها ويحدّث ثقات أصحابه بالمحن الجسام التي أمامها ، وبالدور البطولي الذي ينتظرها في أعظم صراع بين الخير والشرّ في التاريخ .
    والواقع : إنّ الدور الذي قامت به العقيلة زينب في تلك الثورة لا يقل صعوبة ولا تأثيراً في نصرة الدين من دور الحسين (عليه السّلام) وأصحابه ؛ فهي بحقّ بطلة كربلاء ، ظهرت على مسرح تلك الحوادث المؤلمة والمواقف الرهيبة بأجلى مظاهر البطولة ، وأعلى مستويات الشجاعة ؛ من حيث الصبر والاستقامة ، ورباطة الجأش وامتلاك الأعصاب ، تماماً كما وصفها هذا السيّد الأديب ، [حيث] قال :
    بـأبي التي ورثتْ مصائبَ iiاُمِّها فـغدتْ تـقابلُها بـصبرِ iiأبـيها
    لمْ تلهو عن جمعِ العيالِ و حفظِهمْ بـفراقِ إخـوتِها وفـقدِ iiبـنيها


    وقال الآخر :
    قـد ورثتْ زينب عن iiاُمّها كلّ الذي جرى عليها iiوصار
    وزادتِ الـبنتُ عـلى iiاُمّها من دارِها تُهدى إلى شرّ دار

    وعن بطولة العقيلة زينب (عليها السّلام) وشجاعتها :
    لمّا صرع الحسين (عليه السّلام) خرجت السيّدة زينب متوجّهة إليه تشقّ طريقها بين الجماهير ، وتتخطّى القتلى والجرحى حتّى وصلت إلى مصرع أخيها الحسين (عليه السّلام) فوجدته بحالة تفتت القلوب ، وتقطّع الأكباد ، وتجري الدموع دماً . فكان المتوقّع منها طبعاً وهي اُخته الثكلى وشقيقته المفجوعة به ، أقول كان المتوقّع منها أنْ تفقد كلّ تماسك وتوازن ، وتشقّ جيبها ، وتنشغل بالصراخ والعويل ، واللطم والبكاء وما شاكل ذلك .
    ولكنّها لمْ تفعل شيئاً من هذا القبيل أبداً ؛ بل جلست عند رأس الحسين (عليه السّلام) بهدوء ووقار ، ومدّت يديها تحت ظهر الحسين (عليه السّلام) ورفعت رأسه عن الأرض ، وأسندته إلى صدرها ، ورفعت طرفها نحو السماء وقالت وهي خاشعة خاضعة بين يدي الله تعالى : اللّهمَّ تقبّل منّا هذا القربان . اللّهمَّ تقبّل منّا هذا الفداء .
    يوم الحادي عشر :
    الأسير عادة يظهر عليه آثار الذلّ والاستكانة أمام آسره ، وخاصّة المرأة مهما كانت عظيمة وقويّة ، ولكنّها [إذا] وقعت في أسر العدو تلين الكلام معه وتطلب عطفه وشفقته ؛ أمّا عقيلة آل أبي طالب وبنت أمير المؤمنين (عليه السّلام) فإنّها ما ذلّت ولا خضعت بالقول لأيّ من اُولئك الطغاة الغالبين .
    تخاطب القائد الفاتح عمر بن سعد يوم الحادي عشر عندما قدّم النياق إلى النساء للركوب ، قالت : ويلك يابن سعد ! سوّد الله وجهك ، أتأمر الأجانب أن يركبونا ونحن بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؟! قل لهم فليتباعدوا عنّا حتّى يركب بعضنا بعضاً .
    وقالت لعبيد الله بن زياد ، ذلك الطاغي المتجبّر لمّا سألها قائلاً : كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهلك ؟ فأجابته قائلة : ما رأيت إلاّ جميلاً ؛ اُولئك قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم ، فانظر لمَنْ الفلج يومئذ ، ثكلتك اُمّك يابن مرجانة !
    وقالت ليزيد بن معاوية وهي أسيرة بين يديه وفي المجلس العام : أمن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سبايا ؟! ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك إنّي لأستصغر قدرك ، واستعظم تقريعك ، واستكبر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرّى ، فاسعَ سعيك ، وكد كيدك ، وناصب جهدك ؛ فوالله لا تمحو ذكرنا . . . .
    والله يا يزيد ، ما فريت إلاّ جلدك ، ولا حززت إلاّ لحمك ، وهل رأيك إلاّ فند ، وجمعك إلاّ بدد ، وأيامك إلاّ عدد ، وسيعلم مَنْ سوّى لك ومكّنك من رقاب المسلمين ، بئس للظالمين بدلاً !
    ألا فالعجب كلّ العجب من قتل حزب الله النجباء بأيدي حزب الشيطان الطلقاء ! وهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواهُ تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفّرها اُمّهات الفراعل . . . اللّهمَّ خذ لنا بحقّنا ، وانتقم لنا ممّن ظلمنا ، واحلل غضبك على مَنْ سفك دماءنا وقتل حُماتنا .
    والخلاصة : إنّها (سلام الله عليها) ما ظهر عليها ذلّ الأسر وضعف السبي أبداً ؛ لقد قابلت الحوادث الجسام والمصائب العظام بشجاعة فائقة ورباطة جأش .
    ومن الجدير بالذكر إضافة إلى ما سبق : أنّ رجلاً من الشخصيات كان حاضراً في مجلس يزيد ، فنظر إلى فاطمة بنت الحسين (عليها السّلام) ، فالتفت إلى يزيد وقال : يا أمير ، أطلب منك أنْ تهب لي هذه الجارية تكون خادمة عندي .
    وقبل أنْ يردّ عليه يزيد بشيء قامت إليه الحوراء زينب (عليها السّلام) ، وقالت له : صه يا لكع الرجال ! ما جعل الله ذلك لك ولا لأميرك .
    فقال يزيد : إنّ ذلك لي ، ولو شئت أنْ أفعل لفعلت .
    فقالت له العقيلة (عليها السّلام) : كلاّ ، إلاّ أنْ تخرج عن ملّتنا ، وتدين بدين غير ديننا .
    فغضب يزيد وقال : إنّما خرج عن الدين أبوك وأخوك .
    فردّت عليه السيّدة زينب (عليها السّلام) قائلة : بدين الله ودين جدّي وأبي وأخي اهتديت أنت وأبوك وأخوك إنْ كنت مسلماً .
    ولمّا لم يجد يزيد جواباً قال لها : كذبت يا عدوة الله .
    فقالت (عليها السّلام) : أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك .
    فسكت يزيد وما ردّ عليها ، وسكتت زينب (عليها السّلام) .
    فأعاد الرجل الشامي مقالته وقال : يا أمير ، هب لي هذه الجارية تكون خادمة لي .
    فقال له يزيد : وهب الله لك حتفاً قاضياً ، ويلك ! أتعرفها والتي تنهاك عنها ؟
    فقال الرجل : لا ، ولكنّك تقول هؤلاء خوارج خرجوا عليّ فقتلت الرجال وسبيت النساء .
    فقال يزيد : ويلك ! أمّا التي تريدها خادمة في بيتك فهي فاطمة بنت الحسين بن علي ؛ وأمّا التي تمنعك عنها فهي عمّتها زينب بنت علي بن أبي طالب .
    فلمّا سمع الرجل ذلك قال : ويلك يا يزيد ! أتقتل آل بيت رسول الله وتسبي نساءهم ؟!
    وهكذا وبمثل هذه المواقف الرائعة أعطت السيّدة زينب (عليها السّلام) المثل الأعلى للمرأة المسلمة المثالية ، كيف تتغلّب على عواطفها في اللحظات الحرجة ، وكيف تسيطر على غرائزها بقوّة العقل والتفكير الواعي ؛ فتساهم بذلك في خدمة الدين والعدل والمصلحة العامّة ، مع الحفاظ على عزّتها وكرامتها .
    وهذا ممّا يؤكّد لنا القول : بأنّ المرأة أنفع عنصر في الحياة إنْ أخضعت عواطفها لإرادة العقل والتفكير الواعي ، وجنّدت قواها لخدمة المصلحة الحقيقية ، وأنّها تكون أضرّ وأخطر عنصر في الحياة إذا جعلت من نفسها آلة طيّعة للشهوات والغرائز الحيوانية ، وسارت وراء عواطفها بدون قيد من عقل ، ولا رادع من ضمير ، ولا وازع من دين ؛ فتكون بذلك أقوى سلاح بيد الشيطان .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X