إن ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموماً ، يكشف عن وجود أسس متينة قوية ، تستند إليها تنطلق من الفطرة الإنسانية ، بمعنى أنها تعبر عن حاجة فطرية عامة ، يشترك فيها بنو الإنسان عموماً . و هذه الحاجة تقوم على ما جبل عليه الإنسان ، من تَطَلُّعٍ مستمر للكمال بأشمل صورة ، و إن ظهور المنقذ العالمي ، و إقامة دولته العادلة في اليوم الموعود ، يعبر عن وصول المجتمع البشري إلى كماله المنشود .
فليس الإمام المهدي ( عليه السلام ) تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل هو عنوان لطموح اتَّجَهت إليه البشرية بمختلف أديانها و مذاهبها ، و صياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله - على تنوع عقائدهم ، و وسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقَّق فيه رسالات السماء مغزاها الكبير و هدفها النهائي ، و تجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مَرِّ التاريخ استقرارها ، و طمئنينتها بعد عناء طويل .
بل لم يقتصر هذا الشعور بهذا الشعور الغيبي و المستقبل المنتظر ، على المؤمنين دنيا بالغيب ، بل امتدَّ إلى غيرهم أيضاً ، و انعكس حتى على أشدِّ الأيدلوجيات و الاتجاهات الغيبية رفضاً للغيب .
كالمادية الجدَليَّة ، التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات ، و آمنت بيوم موعود تصفى فيه كل التناقضات ، و يسود فيه الوئام و السلام . و هكذا نجد أنَّ التجربة النفسية لهذا الشعور ، التي مارستها الإنسانية على مرِّ الزمان ، من أوسع التجارب النفسية و أكثرها عموماً بين بني الإنسان .
إذن ، فالإيمان بالفكرة التي يجسدها الإمام المهدي الموعود ( عليه السلام ) ، هي من أكثر الأفكار انتشاراً بين بني الإنسان كافة ، لأنها تستند إلى فطرة التطلع للكمال بأشمل صورة ، أي إنها تعبِّر عن حاجة فطرية ، لذلك فتحققها حتمي ، لأن الفطرة لاتطلب ما هو غير موجود كما هو معلوم .
تعليق