إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لا يمكن كتابة كل شيء عن الاربعين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا يمكن كتابة كل شيء عن الاربعين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الخاتم محمد واله الطاهرين


    لا يمكن كتابة كل شيء عن الاربعين

    انها مسيرة تذهل كل ذي لب ، وتعجز كل عاقل وتدهش كل فنان ، تسطع فيها صور الايمان ، نابعة من عمق الوجدان ، دالة على صفاء الفطرة من الاردان ، فلا يمكن وصفها بحروف خاوية ، ولا حتى بكلمات راوية ، فاذا عرفنا عنها شيء غابت عنا اشياء عظيمة ، فهي تصور لنا تجمع النصر بعد ان الحق بالعدو اقوى هزيمة ، شموخها يحاكي السماء علوا ، فكثيراً من الاشياء لا يمكن ان توصف بكلمات او جملاً بسيطة ، لان المراد من الوصف ايصال فكرة ومعنى عن المراد توصيفه ، لكن هنالك اشياء تدرك بالوجدان ، وتصبح قضية أحاسيس ومشاعر ، اضافة الى التأمل والتعمق الشخصي ، فلو تكلمنا من الصباح الى المساء عنها فلا نفي حقها ولا نوصل الكثير من معانيها ، فليست مسألة اسرار فحسب ، وانما اكتسبت عظمة وحيرة من الامام السبط الشهيد(عليه السلام) ، فكل من يرتبط بالامام الهمام يأخذ طابع الخلود والعظمة ، فـ(إن أغلب حياة المصلحين الذين وهبوا حياتهم لأممهم وشعوبهم تبقى مشعة تعطى ثمارها ونتاجها للناس ، ولكن في فترة خاصة ومحدودة من الزمن لم تلبث أن تتلاشى كما يتلاشى الضوء في الفضاء أما حياة الإمام الحسين ( ع ) فقد شقت أجواء التاريخ وهي تحمل النور والهدى لجميع الناس ، كما تحمل شارات الموت والدمار للمخربين والظالمين في جميع الأجيال)[1]
    لان الامام الحسين(عليه السلام) كان رجلاً ربانياً ، واماماً من الله عز وجل ، فليس مصلحاً عرف هموم الناس فحسب وانما ارتباطه بالسماء اعطاه بعداً آخر ولذا لا يمكن فهمه حق الفهم بعيداً عن السماء وارتباطه بها ، وكذلك نهضته المباركة ، فكل ما يتعلق به ينبغي فهمه من هذه الزاوية ، ان هذه المسيرة فيها من الجذب ما لا يوجب في مسيرة أخرى ، على كل من يريد معرفة مدى صحة هذا الكلام عليه ان يأتي لهذه المسيرة ويتأملها بدقة فيرى ما لا يمكن وصفه ابداً انها حالة يعيشها كل من له قلب او سمع ولم يكن صماً بكم ، والا مريض القلب لا يفهم هذه الملاحم ولا يعي ما يدور ولا يفقه شيئاً فمن يسلب التوفيق لا يمكن ان نقول له اي شيء ، فهذه المسيرة الخالدة بجوانبها الرائعة وفواصلها الذهبية ، وبدايتها السرمدية ، أضحت معلماً دينياً لا يمكن وصفه بعبارات قليلة بل الكثيرة لا تخفي غرضاً ، فتبقى المعاني متأرجحة بين عالم الفكر والقلم ، فمن غير الممكن ان يحيط الانسان بتفاصيل كل شيء في الحياة ، هذا على مستوى المادة واما على مستوى العقيدة والمعنويات والروحيات فحدث ولا تكف ، فالعالم هنا واسع ، والادوات تختلف تماماً ، زيارتنا هذه هي الشجرة المثمرة على طوال الدهر ، وهي الشجرة التي غرست بيمين الحسين (عليه السلام) فسقاها العباس بكأسه جوداً ووفاءً ، وزينتها العقيلة حشمة ووقاراً ، ونحن بدورنا ان نشكر هذه النعمة العظيمة ، فان هذه الزيارة وهذه المسيرة جعلتنا في ربط دائم مع ديننا الاسلامي ، فان هذه النهضة المباركة ( حركت روح المسؤولية في نفوس المسلمين تجاه قضاياهم المصيرية ، وازاحت روحية اللامبالاة التي كانت مسيطرة قبل ذلك ، اذ عادت مسألة الخلافة والحكم الى صلب الاهتمام اليومي لدى المسلم بعدما غيبها معاوية بما احدثه من حالات اللهو والطرب وبما أشاعه من فكرة الجبر الالهي)[2]

    فان هذه المسيرة مرتبطة أشد الارتباط بنهضة الامام الحسين(عليه السلام) كيف وهي المعين الاول لها ، وكل ما يكون حول النهضة من كلام وتأثير هو بالواقع يشملها كما ان هذه الشعيرة الدينية والملحمة الولائية تجسد لقطات رائعة ، ويجد فيها كل صاحب مهارة او فن بغيته ، فكاتب الرواية يستطيع ان يكتب عنها اجمل رواية واقعية لا خيالية ، ثم يمعن النظر لما شاهده بعينيه وما تأمله بعقله وما شعره بوجدانه ولم تتوقف كتابته للرواية فلم تحظ ملحمة انسانية في التاريخين القديم والحديث ، بمثل ما حظيت به به ملحمة الاستشهاد في كربلاء من اعجاب ودرس وتعاطف ، فقد كانت حركة على مستوى الحدث الوجداني الاكبر لامة الاسلام ، بتشكيلها المنعطف الروحي الخطير الاثر في مسيرة العقيدة الاسلامية ، ولقد كانت هزة وأية هزة .. زلزلت أركان الامة من اقصاها الى ادناها ففتحت العيون وايقظت الضمائر ، كانت ثورة بمعناها اللفظي ، ولكنها لم تكن كذلك بمبناها القياسي ، اذ كانت أكبر من ان تستوعب في معنى لفظي ذي ابعاد محددة واعظم من ان تقاس بمقياس بشري ، هي ثورة رقت درجات فوق مستوى الملحمة كما عهدنا الملاحم التي يجاد بها بالأنفس ، فأية ملحمة هي استمدت وقود أحداثها من عترة النبي وال بيته الاخيار واية انتفاضة رمت الى حفظ كيان امة محمد وصون عقيدة المسلم وحماية السنة المقدسة وذب اذى المنتهكين عنها) ان هذا الكاتب استطاع ان يكتب عن نهضة الامام الحسين (عليه السلام)
    [3]
    اروع الجمل واجمل العبارات ، رغم انه لم يكن مسلماً وانما رأى ان هذه النهضة انسانية في الكثير من ابعداها وهذا بعد لم يكتب عن هذه المسيرة العظيمة فهو مؤلف يجيد فن الكتابة فيستطيع ان يصنع جملاً رائعة تجذب القراء من كل مكان لمعرفة ما تحكيه هذه المسيرة الرائعة بكل تفاصيلها ، فكل كاتب له القدرة على ان يخرج بكتاب رائع عن هذه الزيارة المليونية الضخمة التي تجمع الناس من بقاع الارض فهي اشبه بالحج الى بيت الله ، حيث تجتمع الناس من شتى الاماكن يجمعهم شيء واحد ، فكذلك هذه الجموع يأتون من شتى الاماكن يجمعهم الامام الحسين(عليه السلام) متقربين بذلك الى الله عز وجل ، لانه احيى المعالم الاسلامية وامات البدع والضلالات الكفرية ، فكل ما نتكلم به عن هذه المسيرة الزاحفة والتجمع الرهيب لا نبلغ كل الحقيقة فان فيها من العظمة ما لا يوجد في تجمع آخر ، انها مسيرة النور لاطفاء الظلام ، مسيرة تأخذ صداها من مؤسسها وباني صرحها الامام الشهيد(عليه السلام) ، تتبعثر كلماتنا عند الحديث عنها ، لانها اعظم من الكلمة ، واسطع من النور ، تعيد التاريخ من جديد ، وتؤرخ للجيل الجديد مفهوم النصر بلا قيد ، وتسمع صوت الحسين (عليه السلام) للعالم ، عند تنام اصوات الجميع ، وتسكر الملوك الجائرة في غفلتها ، عندها تنطلق راية الحق المبين لتقول ان إرادة الحق فوق كل ارادة .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ


    [1] ـ حياة الامام الحسين بن علي(عليهما السلام): الشيخ باقر شريف القرشي، ج1،ص11

    [2] ـ النهضة الحسينية بين مقتضيات الواقع الاجتماعي والقيام بالواجب الشرعي: الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي، ص116

    [3] ـ الحسين في الفكر المسيحي: انطوان بارا ، ص69
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X