إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لهذه الأسباب يخشى الطغاة من زيارة الأربعين؟!

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لهذه الأسباب يخشى الطغاة من زيارة الأربعين؟!

    لهذه الأسباب يخشى الطغاة من زيارة الأربعين؟!
    حسن الهاشمي
    الجموع المليونية المتدفقة لزيارة الإمام الحسين عليه السلام بمناسبة العشرين من صفر وهو مرور أربعين يوما على استشهاده وأهل بيته وأصحابه عليهم السلام عام 61هـ، تعبر بشكل قاطع لا لبس فيه ولا غموض أنهم أنصاره على طريق الهدى والاستقامة، وأنهم تعبير حي عن مبايعتهم في سلمه للمؤمنين والمخلصين والموالين وعن مقاطعتهم في حربه للظالمين والإرهابيين والفاسدين، هكذا أرادت مشيئة السماء أن يكون الإمام العامل بكتاب الله والآخذ بالقسط والدائن بالحق والحابس نفسه على ذات الله، ملهما للثوار وسيدا للأحرار ومحاربا لكل أشكال الفساد والظلم والقهر على مدى الدهور والأزمان.
    نعم إنها الولاية لهذا الإمام الهمام، والاعتقاد بأن هذه الولاية منصوصة من الله تعالى ورسوله الكريم، فالمشي لزيارة قبره بما يحمل من متاعب ومكابد، والصرف في طريقه بما تجود به النفس من أكل وشرب ووسائل راحة لزائريه الكرام، وتحمل المخاطر لمن هم خارج العراق من مضايقات واقامات جبرية وسحب للجوازات، وداخل العراق من مفخخات وأحزمة ناسفة وتفجيرات تستهدف الزائرين مجيئا ورواحا، وتعطيل للدوام الرسمي والكسبي وقد يستغرق أياما وأسابيع، كل هذه الأمور وغيرها تهون أمام ولاية الإمام الحسين عليه السلام الإلهية، وما قدمه في سبيل الإنسانية من رفعة وكرامة وعز وسيادة، إضافة إلى الفوز بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وهل توجد تقوى أفضل من السير على نهج ريحانة الرسول وقرة عين البتول؟! ناهيك عما ينتظر المؤمن من الرضوان والشكر والثناء الإلهي ذلك هو الفوز الأعظم والجائزة الكبرى، ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم وعلى رأسهم من يوالي الحسين عليه السلام بتعظيم شعائره والسير على نهجه، ومن يعادي أعداء الحسين عليه السلام من الفسدة والظالمين بتعرية نهجهم وفضح باطلهم على رؤوس الأشهاد.
    تحمل المشاق وبذل الغالي والنفيس في سبيل الإمام الحسين عليه السلام وما قدمه من تضحيات جسام من أجل العقيدة والمبدأ والإنسانية الحرة، هي اللذة بعينها لذة انتصار الحق على الباطل، انتصار الإصلاح على الفساد والافساد، انتصار العقيدة على الهوى والشيطان، انتصار الفضيلة على الرذيلة والطغيان، انتصار طهر الحسين عليه السلام على عهر يزيد عليه اللعنة وسوء العذاب، وبهذه المعادلة فإن المؤمنين السائرين على نهج الإمام يرجون حبه ومودته والتواصل معه في الدنيا وشفاعته ومجاورته في الآخرة ي مقام صدق عند مليك مقتدر، أما المعاندون السائرون على نهج يزيد فإنهم للحق كارهون وللدنيا مائلون وللأبرار قاتلون وفي جهنهم يوم القيامة مخلدون، ولا غرابة حينما ترى المؤمنين من كل حدب وصوب يتدفقون زرافات ووحدانا صوب قبلة الإباء فهم يرددون كما جاء في زيارة عاشوراء: اِنّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِىٌّ لِمَنْ والاكُمْ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ فَاَسْأَلُ اللهَ الَّذي أكْرَمَني بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ اَوْلِيائِكُمْ وَرَزَقَنِى الْبَراءَةَ مِنْ اَعْدائِكُمْ اَنْ يَجْعَلَني مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ وَاَنْ يُثَبِّتَ لي عِنْدَكُمْ قَدَمَ صِدْق فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ.
    ان هذا السيل البشري الهادر ما هو إلا مظاهرة اصلاح ضد الفساد في كل زمان ومكان، ضد الظلمة والطواغيت، ضد الاضطهاد والتعسف والقهر والكبت والحرمان، ضد السراق من المسؤولين الذين اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُولا وَدِينَ اللَّهِ دَخَلا وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلا، ضد الذين نكثوا عهد الله ونكصوا وصية الرسول بآله خيرا، ضد الذين أحيوا البدعة وحاربوا السنة وقاتلوا الآل والصحب الكرام، نعم هذه المظاهرة العظمى هي الخط الفاصل بين أهل الحق وأهل الباطل، فالمشاركون فيها والراضون عنها هم بلا شك من أهل الإصلاح، والمعارضون عنها والحاقدون عليها هم بلا ريب من أهل الضلال والتيه والخسران، وكل يدخل بالساحة اللائقة به فأهل الصلاح بالقول والفعل هم مع الحسين عليه السلام، أما أهل الفساد بالقول والفعل هم لا محالة مع يزيد والفسقة الفجرة على شاكلته على مر الزمان، روي عن الإمام الحسين -عليه السلام: من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله عز وجل, ناكثا لعهد الله, مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فلم يغير عليه بقول او بفعل كان حقا على الله ان يدخله مدخله. (تاريخ الطبري:3/307).
    لماذا كل هذا الحب والهيام للحسين عليه السلام والشهداء من أهل بيته وأصحابه؟! للإجابة عن هذا السؤال نقول أن الشهداء الأبرار يُقتلون ليهبوا لنا الحياة، فاستحقّوا أن يكونوا أحياءً عند ربهم يرزقون، واستحقّوا أن يكونوا أحياءً عندنا أبداً ما بقينا وبقي الليل والنهار، فكان إحياء ذكراهم إحياء لنا وحياة لهم؛ جزاء ما قدَّموه ولا عجب أن تقتحم زيارة مراقدهم الطاهرة كلّ هذا الطود المتراكم من السنين، وتعْبُر حدودها الضيّقة إلى رحاب عالمية فسحة، تحمل مفاهيم فكرية معقَّدة ومتغيِّرة ومختلفة؛ فهذا مرجعه إلى مجموعة خصائص امتازت بها ثورة الطف الخالدة والتي جعلت منها يوماً نادراً في تاريخ البشرية، يمكن تلخيصها بما يلي:
    الأولى: كونها نهضة وثورة إصلاحيّة وليست انقلابيّة نفعية.
    الثانية: انها نهضة من أجل الدفاع عن قيم الدين وثوابته.
    الثالثة: انها الثورة الوحيدة من بين الثورات في العالم حظيت من الاهتمام والانتشار والتعاطف والاستمرارية لصدق النوايا واخلاص القلوب وذوبانها في ذات الله.
    الرابعة: كان قائد الثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) ذا شخصية عظيمة وعريقة ومعروفة نَسَباً وتُقى، وشخصيته هي التي أضافت للثورة بُعداً وقيمة لا يمكن أن تضيفها أية شخصية اُخرى غيره.
    الخامسة: عندما نحيي ثورة الحسين عليه السلام انما نحيي في أنفسنا مجموعة من القيم والمفاهيم التي أحياها هؤلاء الأحياء الشهداء من قبيل الشهامة والمواساة والتضحية في سبيل المبدأ والرسالة.
    السادسة: ان هذه الثورة تُحيي في الإنسان مفهوم الحياة الصحيحة الكريمة، القائمة على الحرية ورفض الاستبداد، وعدم الاستسلام والرضوخ للمستبّدين، كما عبّر عن ذلك الإمام الحسين (عليه السّلام) بقوله: إنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً.
    السابعة: إنّ ثورة الحسين (عليه السّلام) أحيت في الإنسان مفهوم إمكانية التغيير، فقط بتوفر العزيمة والإرادة؛ سواء التغيير الفردي الذي جسّده الأنصار مثلاً في انتقال بعضهم من معسكر الأعداء إلى معسكر الإمام الحسين (عليه السّلام)، أو التغيير الجماعي وهو الذي يتوخاه السائرون إلى كربلاء من انهم سيوف الحق المشرعة بوجه الظالمين.
    الثامنة: ثورة الطف تُحيي في الإنسان وترسِّخ فيه مفهوم المشاركة، خصوصاً بين الرجل والمرأة؛ لأننا لا يمكننا أن نتصوَّر كربلاء من غير الحسين (عليه السّلام), كما أنَّنا لا يمكننا أن نتصوَّر كربلاء من غير الحوراء زينب (عليها السّلام).
    التاسعة: إنها تبرز بقوة مفهوم الحوار المنطقي الهادئ غير المتحامل؛ سواء كان حوار الإمام الحسين (عليه السّلام) مع أنصاره والتشاور معهم، أو حوار الإمام الحسين (عليه السّلام) مع أعدائه، وانه جاء للهداية وليس للحرب، لذلك قال لأحد أصحابه: إني أكره أن أبدأهم بقتال، وقتاله كان دفاعيا بامتياز.
    العاشرة: إنها ثورة الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانيّة فهي لا تخلو خطوة أو كلمة أو لحظة من لحظات ذلك اليوم إلاّ وكانت متوّجة ومحمَّلة بكم وافر من المواقف الأخلاقيّة التي تغذِّي روح الإنسان.
    من هنا يحقّ لنا بفخر أن نستذكر فاجعة الطف الأليمة بما تحمل من مفاهيم عالية وأهداف حصيفة، فالاُمّة الواعية هي التي لا تتنازل عن تأريخها، خصوصاً عندما يمسّ كرامتها وحريتها، وعندما يرتبط الأمر بالدفاع عن فكرها الذي آمنت به عن وعي وإدراك، فكيف وهي ترى أنّ عظيمها الإمام الحسين (عليه السّلام) لا يماثله في العظمة عظيم آخر، وأهل بيته وأصحابه الذين لا تحمل الأرض مثيلا لهم في أخلاقهم وسموهم وصفاتهم النبيلة، والذي قال الإمام الحسين بشأنهم: فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً.
    شهداء الطف ها هم إلى اليوم أحياء، نستذكرهم واحداً تلو الآخر في أيَّام إحياء عاشوراء والأربعين؛ لأنّ ذكراهم إحياءٌ للإنسان، أيّ إنسان, وما تبيان مظلوميّة هؤلاء الأحياء الشهداء، وشحذ العاطفة تجاههم؛ الأمر الذي دعا إليه أئمة الهدى (عليهم السّلام)، إلاّ لترسيخ مبادئهم الثورية، وإحياء قيمهم ومفاهيمهم الفكريّة والدينيّة والأخلاقية في نفس كل إنسان، مهما كانت ديانته ومذهبه ومعتقده، فقط تجريد النفس عن التعصب المذهبي والنفعي سيجعل الإنسان بما أنه إنسان مندكا بأهداف وقيم الإمام الحسين النبيلة التي تغنى بها الهندوسي والأوربي والمسيحي وكل الأحرار في العالم الذين ينشدون الحرية والانعتاق وانهم علموا قبل غيرهم أنها متجسدة تماما بنهضة الحسين الخالدة.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X