إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هكورا ..... حرملة الطيب

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هكورا ..... حرملة الطيب

    الفصل الأول:

    عثروا عليه ملقى على شاطئ البحر، و قد ظنوا للوهلة الاولى بأن الجسد المرمي على الشاطئ ليس سوى جثمان لفظه البحر كما لفظ من قبله العشرات و المئات بعد أن سلب منهم أرواحهم.

    حملوه الى منزل أحدهم بعد أن تأكدوا بأنه لايزال حيا و يتنفس، لكنه منهك القوى، ملامحه غريبة بعض الشيء فلون بشرته ابيض مقارنة بلون بشراتهم، و ملامحه لا تشبه ملامح التجار الهنود الذين ياتون بين فترة و أخرى، لكنه ليس بعيد الشبه عنهم.

    استفاق من إغمائته بعد أقل من يوم، وحاول الحركه من مكانه لكنه لم يستطع فلازالت قواه خائره لا يقوى على الحركه، و ما ان تحرك مصدرا صوتا حتى اتاه صبيا يبلغ من العمر عشر سنوات، ابتسم في وجهه دونما ان ينبس بأي كلمة، ناوله قدحا من الماء ثم انصرف و تركه وحيدا ليعود في اغماءت اخرى.

    استفاق تماما في مساء اليوم التالي و كان بجواره رجلٌ خمسيني العمر، حاول أن يتحدث معه و يقول له: انا علي بن حماد من دوحة الفارسية في البحرين، ابتسم الرجل الخمسيني ولم يعلق على ما قاله الشاب، اعاد الشاب قوله وهو يشير لنفسه : اسمي علي بن حماد ... حاول الرجل ترديد ما يقوله الشاب عله يفهم ما يرد ان يقول فقال " أليا .. أليا "، فكلما قال الشاب بأن اسمه علي، ردد الرجل الخمسيني " أليا .. أليا "، و اصبح اسم الشاب منذ ذلك اليوم " أليا ".

    استعاد صحته و عافيته خلال ثلاثة ايام و بدأ يغادر المنزل الذي يسكن فيه، و يسير في الشوارع برفقة الصبي الذي يبلغ من العمر عشر سنوات، و علم بأن اسم هذا الصبي " جونجا " و ابوه – الرجل الخمسيني – " كتينجا " حاول بشتى الطرق في هذه الايام ان يتمكن من فهم اللغة التي يتحدثون بها لكنه لم يجد لذلك من سبيل، فلغتهم غريبة عليه، فهم يتكلمون باللغة السواحلية وهو يتكلم باللغة العربية التي لا يفقهون منها شيئا.

    ما أن إنقضى الاسبوع الأول لوصول علي بن حماد " أليا " الى الشاطئ الشرقي من أفريقيا – تنزانيا – حتى قرر أن يبحث له عن عمل يمكنه من العيش دون الحاجه للإعتماد على الأخرين، أو مد يد الحاجة لأحد ليتصدق عليه.

    شكر كتينجا على الرعاية التي أولاه أياها طول فترة مرضه و ضعفه، و لكل ما قدمه إليه خلال هذا الاسبوع، و خرج ليواجه مصيره الجديد المجهول، و اضعا نصب عينيه أن اهم ما يطمح إليه هو المحافظة على حياته و التأقلم مع هذه الحياة الجديدة.

    بات ليلته الأولى على رصيف الميناء القديم، ما بين الحمولات الملقاة هنا و هناك، و قرر أن يعمل منذ الصباح الجديد كحمال للبضائع، فهذا العمل لن يحتاج منه ان يكون متقنا للغة السواحلية او حتى التحدث بها، وكل ما هو مطلوب منه ان يكون صلبا قويا ليضع الاحمال على ظهره و ينقلها ما بين هنا و هناك.

    صلبٌ جدا، ولا مجال للشك في مدى صلابته و قوته و تحمله لكل الشدائد، فهم لم يصل الى شواطئ تنزانيا الى بعد معانة و صراع مرير مع الموت، وهزم الموت خلاله في اكثر من جولة.

    هاجر مضطرا من جنته – دوحة الفارسية – قبل ما يزيد عن الشهرين أو يقل قليلا، فلم يعد يتذكر التأريخ الذي هاجر فيه بالضبط، لكنها بكل تأكيد عام 1925 م ، و هو يبلغ من العمر 19 عام، الفارسية التي لها في نفسه مالها كانت أرضا خضراء تضم حوالي 1900 نخلة، وجميع أهلها يعملون في الزراعة، ولديهم خمسة حمير، وخمسة من الماشية الأبقار،كانت تضم ثلاثين كوخ وبرستج. و كان خالد بن علي آل خليفة حاكم جزيرة سترة وقراها، كان يملك بيتا في الفارسية وكانت الفارسية ضمن القرى التابعة لجزيرة سترة، ولها عيون كثيرة. عيونها قريبة من سطح الأرض، و من أراد الماء، ليس عليه سوى أن يحفر الأرض أمتاراً قليلة فقط، فينبع الماء العذب بين يديه.

    تمتلك ساحلاً رملياً نظيفاً له شهرة واسعة. غنيا بأنواع السمك. يرمى الصيادون الشبك فيمتلئ سمكاً. يمتد الساحل من قرية سلبا شرقا الى حدود قرية ابو جرجور. كانت سفن الغوص والقوارب ترسوا فيه كلما عبرته، ربما كان الساحل الذي جعل من الفارسية جنة خلاّبة، هو عينه ما جعل منها مطمعا للصوص وقطاع الطرق و القراصنة .

    ليلته الاخيرة في الفارسيه قبل ان يهجرها دارت أحداثها سريعة و دامية، دفعت أهل هذه القرية للفرار، و تتلخص الأحداث بأن الحاج محمد بن يوسف بن قمبر يمتلك قطعة أرض تجاور أخرى يملكها خالد بن علي آل خليفه، زعم الأخير أن الحاج محمد يسد مجرى الماء عن نخله، فهجم الأخير مع فداويته على بيت الحاج محمد (برستج)، فتعارك معهم الحاج محمد باليد، وكان عتيداً سريع الغضب. تجمع عليه الوافدون، فوثقوه بالحبل وسحبوه إلى بيت والده وقتلوه أمامه. أما الحاج عبد الله بن عتيق، فقد كان نائما وأيقظته زوجته، فخرج ليستطلع الحادث فأطلقوا عليه النار وسقط ميتاً قرب بيته. وكان أخوه علي قد لحق به فأطلقوا عليه النار أيضاً. لكنه أصيب في رجله وكتفه. .مشاهد هذه الواقعة لا تفارق مخيلته أو ذاكرته، و كأن احداثها تدور امام عينيه الأن، هجرها و فر منها عن طريق البحر في قارب صيد صغير لم يصمد في مواجهة تيارات البحر كثيرا، فتلقفته احد السفن التجارية الكبيره و حملتهُ معاها لوجهتها في جزر زنجبار في الساحل الشرقي من افريقيا.

    لم يكن يعلم أين تقع زنجبار و ما مدى بعدها عن البحرين، فهو طوال حياته الممتده لـ19 عاما لم يغادر الفارسيه الا ليصل منها الى قرية عسكر، و قد وافق على الذهاب مع التجار لزنجبار من اجل الهروب من بشاعة الدمار الذي حل بالفارسيه.

    سارت بهم السفينه طوال اسبوعين و استقرت خلال مسيرتها هذه على سواحل جلفار و سواحل مسقط، قبل ان تتجه مباشرة الى زنجبار، و لان البحر لا امان له، فقد انقلبت رحلتهم اليسيره الى رحلة عسيرة وشاقة قبل بلوغهم شواطئ زنجبار، فتقاذفتهم الامواج وسقط بعض ركاب السفينة في البحر و ابتلعهم، وكان هو منهم.

    حاول مقاومة الامواج العاتية، املا في ان يقوم بإنقاذه احدهم، لكنه لم يجد اليد التي تمتد لإنقاذه، فاستسلم لمصيره المحتوم و لم يفق الا في بيت ذلك الرجل الطيب كتينجا.

    منذ ان عمل حمال في الميناء و حتى الأن يجلس يوميا بعد انتهاء يوم شاق من العمل في اطراف الميناء، ليتناول طعامه منفردا، و يخرج بعض الاوراق التي دأب أن يكتب فيها كل يوم، كان يسجل بدقة متناهية كل ما يدور حوله و ما يواجهه، وكذلك يسجل ذكرياته التي تلوح له عندما كان مقيما في الفارسيه، ولم يفته ان يكتب بعض الايات و السور القرآنية التي يحفظها، و مقاطع الادعية و الزيارات التي تتردد كلماتها في داخله، و حتى ابيات الشعر لمراثي و افراح اهل البيت، حاول ان يجمعها في مكان واحد، ليتذكر دائما ايامه الجميلة التي كان يحياها.

    قضى سنتين متنقلا ما بين المدن و القرى التنزانيه و اتقن لغتهم و ألفهم، حتى يظن من يراه بأنه واحد منهم، و لا يفرقه عنهم إلا لون بشرته الحنطية، و استمر في تنقلاته حتى استقر به الامر في وسط اوغندا و اقام بها مدة بسيطة توجها بالزواج من احدى فتياتها، كان اسمها " ايديث " إلا أنه اصر ان يسميها " زوي " و طابت له الاقامة في اوغندا و بين اهلها، حتى اصبحت له وطنا، و رزق بعد سنتين من زواجه ببنته البكر التي اسماها " سوكا "، و كما تنقل في تنزانيا، تنقل في أوغندا كثيرا حتى استقر اخيرا في مدينة " أورا ".



    الفصل الثاني:

    يبلغ من العمر اثنان و خمسين عاما، و يقول البعض بأن عمره قد يصل لحدود الاربع و الخمسين عام، غريب عن اهل مدينة " أورا " ولا يعلم عن أصله شيء، وكل ما عرف عنه أنه سكن في هذه المدينة منذ خمسة عشر عاما مع زوجته " زوي" وأبنته " سوكا "، هو من ذوي البشرة المائلة للبيض، و التي لم يعتد أهالي هذه المدينة على رؤيتهم إلا نادرا، بينما زوجته " زوي " من ذوي البشرة السمراء ككل إبناء هذه المنطقة.

    قطعا هو غريب عنهم لكنه يجيد التحدث بلغتهم – اللغة السواحلية – بدرجة ممتازه و كأنه ولد وهو يتحدثها، اسمهُ " أليا " و ما إن وطئت قدماه هذه المدينة حتى تغير فيها الشيء الكثير، فبعد أن كان اهلها يعبدون الأوثان كحال أغلب ابناء هذا الأقليم الواقع في الشمال الغربي من أوغندا، و المتطبع بكل طباع ابناء افريقيا الوسطى البعيدة كل البعد عن التحضر و المدنيه.

    خمس سنوات مرت على وجوده بينهما وخلالها بدأ ابناء هذه المدينة و خصوصا الشباب منهم في تغير معتقداتهم و ترك عبادتهم للأوثان و التحول لدين جديد لم يسمع عنهُ سابقا في هذه المدينة النائيه، فـ " أليا " يعبد الله وحده ولا يشرك به أحدا و يشهد بأن محمد بن عبدالله عبده و رسوله، و بأن علي بن ابي طالب وصيه و خليفته من بعده، و أولاد علي من فاطمة بنت محمد هم صفوة الله على خلقه و حججه عليهم الى يوم القيامة.

    أحيا مع السكان الاصليين أفراح و مصائب أهل البيت، بعد ان اسس لهم مركزا يجتمعون فيه ليعلمهم الصلاة و اصول العبادات التي يعرفها، فكان " أليا " هو مرشدهم الروحي و شيخهم الذي يعلمهم و يفقهم في أمور دينهم و دنياهم، و قد أقام مجالس تعزية الإمام الحسين عليه السلام طوال هذه السنوات و بشكل مستمر، حتى قرر مع مجموعة من خواصه، أن يقوموا بتثميل واقعة الطف و مقتل الإمام الحسين كما رواها لهم " أليا " في ظهر يوم العاشر، وقد جهزوا لعملهم الضخم هذا عدتهم و حفظوا ادوارهم تماما على مدى الشهرين السابقين، لكنهما طوال الشهرين لم يتمكنوا من اقناع الكثيرين للقيام بتمثيل أدوار جيش عمر بن سعد.

    لكن جديتهم في إنجاز هذا العمل، مدتهم بقوة مكنتهم من ضبط كل الادوار الرئيسيه التي ستدور احداث واقعة الطف حولها، ولم يتبقى إلا بعض الأدوار – التي أعتبروها – ثانويه و بالإمكان ايجاد من يشغلها في ذات اليوم.

    أقترب ظهر يوم العاشر من محرم، و استعد الجميع للمشاركه في تمثيل واقعة الطف، و أخذوا اماكنهم ما بين معسكر الحسين و معسكر عمر بن سعد، و الأخرين من أهل المدينة و حتى الغير مسلمين منهم اتخذوا اماكنهم لحضور هذه المسرحية التي طالما سمعوا عنها من المسلمين.

    لم يتمكنوا من إيجاد من يقوم بدور حرملة بن كاهل على الرغم من أن دوره بسيط للغاية ولن يتعدى الدقائق المعدوده، فكل من قيل له بأن يقوم بهذا الدور تراجع و رفض دون ابداء اسباب هذا الرفض، دار نقاش عنيف بين " أليا " و بين " موبادي " و " سنوجو " فجميعهم يخافون من أن تفشل كل هذه الاستعدادت بسبب دور لا قيمة له في هذا العمل الكبير – حسب وجهة نظرهم – و اتفقوا اخيرا على اغراء احد الغير مسلمين بمبلغ مالي للقيام بهذا الدور.

    وقد وقع الأختيار على " هكورا " المشهور بعشقه الشديد للمال، و الذي لا يتورع عن القيام بأي شيء في سبيل الحصول على بعض القطع النقديه، فهو معروف لدى الجميع بأنه سارق و مخادع و ذو سوابق لا حصر لها و لا عد في عالم الرذيله و الفساد، ولان دوره في هذا العمل سيكون دورا شريرا فإنه يناسب شخصيته الحقيقية جدا.

    وفعلا تم الاتفاق مع " هكورا " على القيام بهذا الدور في مقابل حصوله على اربع قطع نقديه، فوافق على الفور وهو سعيد جدا، فها هو سيحصل على مال وفير دون بذل اي مجهود.

    و دارت رحى المعركة و سمع صليل السيوف و عويل النساء و صهيل الخيول و بكاء الاطفال، و صوت ارتطام الاجساد بالارض بعد سقوطها من على الخيول، و كأن ما يدور في هذه الساحة معركة حقيقية تقشعر لها الأبدان و تذهل لها العقول و الأبصار.

    خرج موبادي - الممثل الذي يقوم بدور الإمام الحسين - من المخيمات حاملا بين يديه طفلا رضيعا يصم بكائه الاذان، يطلب ماء ليسقي به الطفل الذي بين يديه، فيزمجر سونجو – الممثل الذي يقوم بدور عمر بن سعد – و يأمر هكورا – حرملة بن كاهل – أن يقطع نزاع القوم و يقتل الرضيع بين يدي والده، لم يستطع هكورا ان يرفع القوس ليرمي به السهم، و كرر سونجو الأمر اكثر من خمس مرات دون ان يتمكن هكورا من تحريك يديه او القيام بأي شيء.

    رمى القوس و السهم من يديه و ركض بعيدا عن ساحة المسرحيه ليعود حاملا بين يديه اناء به ماء يقدمه للطفل الرضيع، و دموعه تتحادر على وجنتيه و شفتاه تتمتم بكلمات مختلطة بالبكاء " لعن الله أمة قتلتك .. لعن الله أمة قتلتك .. لعن الله أمة قتلتك "



    الفصل الثالث:

    توفيت زوجته قبل اربع شهور، فأصبح وحيدا على الرغم من ابنائه الاثنين و بناته الاربع، فهو يعتبر زوجته " سوكا " و ابوها " أليا " هما الطريق الذي نقله من بين الفاسدين الى الرجال الصالحين، جميع من في المدينه يعرفونه بإسم " هكورا حرمله " و هذا الاسم لا يزعجه ولا يضايقه فشتان ما بين " حرملة بن كاهل" الذي تجرد من كل انسانيته بقتله لرضيع على صدر والده يطلب الماء، و بين " هكورا حرمله " الرجل الفاسد الذي ايقظ بكاء الطفل في داخله كل انسانيته و تساقطة دموعه وهو يقوم بأداء دور تمثيلي، ينتقل من خلاله من عبادته للأوثان الى اتباع مذهب أهل البيت علهم السلام.

    زلزلت تلك الحادثة كل كيان " هكورا " وغيرت كل مجريات حياته القادمه، فمن كان سيصدق بأن " هكورا " سيكون زوجا لـ " سوكا " بنت الرجل الصالح " أليا "، إلا أن ما اظهره من صلاح و استقامة بعد تلك الحادثه، هي من دفعت " أليا " للطلب من " هكورا " الزواج من ابنته " سوكا " وقد أصاب " أليا " في اختياره، فليس في هذه المدينة كفئ لـ " سوكا " إلا " هكورا ".

    كثيرة هي المواقف التي يتذكرها ابناء هذه المدينة، و التي تؤكد مدى إلتزام " هكورا " و طيبة قلبه و اقباله على عمل الخيرات و الدعوة لها.

    تعرض لحادث خطير و بليغ، فقد كان يهم بعبور أحد الشوارع، فصدمته سيارة مسرعه، تقودها فتاة تبلغ من العمر خمس وعشرون عاما، رمته بعيدا عن الطريق مضرجا بدمائه متلويا من الألم.

    ركضت الفتاه مسرعة نحوه، لعلها تتمكن من تقديم المساعدة له، فما كان منه إلا أن ابتسم في وجهها قالا: لا تقلقي يا " دايا " لم اصب بمكروه ذلك امر عادي. اغمي عليه بعد ان انهى كلمته و نقل الى المستشفى.

    ما بين استفاقاته العديده و الاغماء، كان يردد اسمها بين شفتيه " دايا " لا تقلقي، لم أصب بمكروه .. لكنهم بتروا رجلاه نتيجة لهذا الحادث.

    دأبت الفتاه على زيارة " هكورا " يوميا في المستشفى، دون ان تجرأ على مواجهته أو الحديث معه، فهي تشعر بالذنب بعد أن تسببت بفقده لرجليه، و كان هو دائم السؤال عنها، و يطلب من ابنائه ان يحاولوا الاتصال بها، للتهديء من روعها و خوفها عليه، فهو بحالة جيدة تماما.

    بعد شهر من الحادث، اقنعها الطبيب المعالج بزيارة " هكورا " فهو رجل طيب، و لا يحمل ضغينة لأحد، و كثير السؤال عنها، فدخلت الى " هكورا " مكرهة على مضض، ما إن فتحت باب غرفته حتى حاول أن يرفع جسده عن السرير ليستقبلها بإبتسامته الهادئه، و يسألها عن أحوالها، ويهدئ من روعها و يطلب منها مسح دموعها، فليس لها داعي.

    تحدث معها طويلا، و كان يناديها باسم " دايا " و هي تقول له بأن اسمها " إلواندا " لكنه اصر على تسميتها " دايا "، بعد ما يقارب الساعتين غادرت " إلواندا " غرفة " هكورا " و هي مبتسمة بعد أن اقتنعت أن تغير إسمها من " إلواندا " الى " دايا " و اشهارها لإسلامها.

    تكررت تلك الزيارات من " دايا " الى " هكورا على مدى الشهور القليلة التاليه، حتى أصبحت " دايا " واحدة من بنات " هكورا " و يعاملها كما يعامل بناته و أولاده و أحفادهم.

    جمعهم حوله ذات ليله، " سالي " و " أليا " و " زوي " و " تيبا " و " سافا " و الصغيرة " إيبدا " و كذلك " دايا "، و تحدث معهم عن قصته التي سمعوها مرارا وكيف تحول من عابدا للأوثان الى الاسلام و موالاة أهل البيت، و حدثهم عن اسمائهم الغريبه بعض الشيء وكيف تمت تسميتهم بها، فـ " سالي " هو صالح، و " أليا " هو علي، و " زوي " هي زينب، و " تيبا " اسمها طيبه، و " سافا " اسمها صفاء، و " أيبدا " اسم والدة جدتهم العبده، و امهما " سوكا " فإسمها سكينة، إما " دايا " فإسمها ضياء.

    أعطاهم الكتاب الذي دأب جدهم علي بن حماد " أليا " على تسجيل مذكراته فيه يوميا، ليعلموا بأن لهم أقارب في بلدة بعيده إسمها البحرين، ربما يكتب لهم زيارتها يوما، و يلتقوا بأقاربهم فيها.

  • #2
    مشكور قصه رائعه وفقك الله و جزاك خير الجزاء
    الـلـهـم صـل عـلـى
    مـحـمـد و ال مـحـمـد

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X