عاش أجدادنا مدة من الزمن بساطة الحياة وشظف العيش في كلّ أمور حياتهم، فكان من الضروري لبقاء الإنسان وجود الماء إذ هو سرّ الحياة،
ونظراً لبعد الأنهار عن البيوت وحاجة الناس لتوفّر الماء باستمرار لقضاء حوائجهم من غسل، وشرب، وتنظيف، تمخض عن هذه الحاجة وجود
مهنة (السّقاء) الذي يجلب الماء من الأنهار (الحسينية، والهندية) ويُعبّأ في قِرَب ويُحمل على ظهور البغال والحمير ليُباع لأصحاب الدور، وقسم
من السقائين يحملون الماء بواسطة العربات ليُباع للخانات التي تضمّ العديد من العوائل، وكان الماء يتوفر في الأنهار مدة ثلاثة أشهر في السنة
فقط، ويكاد ينعدم في الأشهر الأُخر، وكان الناس يشترون الماء يوماً بيوم، والموسرون منهم يدفعون أجور شهر كامل عن الماء إضافة إلى أنه
كانت معظم البيوت تُحفر فيها الآبار ويستخرجون الماء بواسطة بكرة، وحبل؛ لسحبه.
وغالباً ما يكون ماء البئر بارداً صيفاً ودافئاً شتاءً، وبمرور الزمن وزيادة عدد الناس، ومتطلبات الحياة، والتطورات التي حصلت بدأ الناس يستقون
الماء بواسطة ماكنة جاء بها المرحوم السيد (مرتضى آل ضياء الدين/ سادن الروضة العبّاسية المقدسة) والتي كان مقرها في محلة باب بغداد،
بعد ذلك افتُتحت دائرة تحتوي خزّان ماء كبير؛ فأصبح الأهالي يستقون الماء عن طريقه، إذ افتُتح وسط احتفال كبير وأناشيد وقصائد للشعراء التي
وثّقت هذا المشروع، بعدها توسع هذا المشروع وجيء بخزان آخر في محلة العبّاسية الغربية مقابل مرآب (ﮔراج) البارودي، بعدها قامت الحكومة
بتأسيس خزّان ثالث قرب المستشفى الحسيني، وكان الاشتراك في بادئ الأمر للحصول على الماء بمائة فلس للشهر الواحد، وما يزال خزّان الماء
في باب بغداد ماثلاً للعيان، يذكر الناس أنه الأصل في تطور إسالة الماء في الوقت الحاضر، وكذلك مكائن التصفية والأحواض والمضخات.
بشرى عبد الجبار
تم نشره في المجلة العدد66
تعليق