إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نكون في نور الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نكون في نور الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
    .

    إذا كان الإنسان في نور الله عزّ وجلّ فلا يزلّ ولا ينحرف ولا يطغى ولا تسيطر عليه نفسه الأمّارة بالسوء، ولا يسمح للشيطان أن يغويه، وتكون الدنيا بنظره كأهون ما يكون، لأنه يرى بهذا النور حقائق الأشياء، كما يرى بالنور المادّي الأجسامَ ويميّز بعضها عن بعض، فيُقبل على ما يرغب منها ويُدبر عمّا يكره.
    إنّ مَن يجلس على مائدة في ظلام لا يعلم بما وُضع أمامه هل هو من الأطعمة أم لا؟ فقد يمدّ يده وإذا بعقرب أو حشرة ضارّة أو سمٍّ وجدَ طريقه عمداً أو خطأً إلى مائدته فيتناوله وهو لا يعلم. أما الجالس في النور فهو يرى الطعام الذي أمامه فيميّزه عن غيره ولا يمدّ يده إلى ما يشكّ أو يحتمل الضرر فيه.
    وهكذا الحال في المعنويّات؛ إن لم يكن الإنسان في نور الله تعالى، فسيكون في تيه وظلام وحيرة وضلال وإن كان لا يدرك ذلك ويتصوّر نفسه عارفاً بما حوله.
    إنّ الحديث النبوي الشريف الذي افتتحنا به الموضوع يخبرنا أنّ قول: ﴿إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ يجعل الإنسان في نور الله تعالى أي أنّ الله يمنحه النور ليرى ما ينفعه وما يضرّه، وفيم يصرف عمره، وكيف يعاشر الناس، وكيف يسيطر على نفسه وشهواته، وكيف يتخلّص من حب الدنيا وزخارفها، بل كيف يستطيع أن يعرف ما هو اللائق فيُقبل عليه وما هو المذموم فيصدّ عنه، لأنّ هذا هو حال الإنسان الذي في نور الله عزّ وجلّ.

    الخلاصة
    كوننا عبيداً لله تعالى هو الواقع شئنا أم أبينا، ولكن الدوافع الأخرى الموجودة تدفعنا إلى عدم الالتفات إلى هذا الواقع أي العبودية، ولذلك تبدو شيئاً نحاول إقحامه على أنفسنا.

    الأمر الآخر الجدير ذكره في المقام أنّ مَن يقرّ بالعبودية لله ويُشعر نفسه بها لا يطرده المولى من رحمته وإن صدرت منه بعض المخالفات لأنّه سرعان ما ينتبه فيعتذر ويعزم على أن لا يعود لمثلها.
    وكما أنّ النور المادي ينفع الإنسان في الدنيا لتمييز العدوّ من الصديق والضارّ من النافع، والهوّة عن الطريق الصحيح فكذلك الحال في المعنويات. وكما أنّ زلّة بسيطة أو انحرافاً ضئيلاً بسبب غفلة ما قد تؤدّي إلى معاناة عشرات السنين - ومثاله مَن يخيط بإبرة فتنحرف قليلاً فتدخل عينه - فكذلك الحال مع الأخطاء المعنوية، فربّ خطأ بسيط أو زلّة صغيرة تجعل الإنسان يعيش الحسرة والندامة في الآخرة أحقاباً.
    ومثاله: شخص قد يكون ملتزماً بالواجبات والمستحبات، فتراه يصلّي ويصوم ويزكّي ويتهجّد، ويقوم لصلاة الليل، ولكنه مبتلى بمرض كالغرور أو التكبّر وهو غير قادر على التخلّص منه بسبب عدم تركيزه على العبودية، أو مبتلىً بذنوب أخرى تجعله لا يرى هذا المرض أو لا يحسّ به، فيكون حاله في الآخرة حال ذلك الذي أُصيبت عينه لغفلة منه فظلّ محروماً منها ما تبقّى من عمره.
    قال بعض الحكماء: إنّ الله تعالى قال عن الدنيا: إنّ متاعها قليل، أو عبّر عنها بالمتاع القليل، تنـزّلاً عند مستوى فهم الإنسان، وتماشياً مع ضعفه، وإلاّ فإنّ الدنيا ليست بمتاع أصلاً؛ ولذلك عبّر عنها الله تعالى في آيات أخرى بأنها لعب ولهو، كما أنّنا نتكلّم مع الأطفال الذين يلهون باللعب على قدر عقولهم ونسمّي ألعابهم أمتعة لهم، وما هي بمتاع.
    فإذا كانت إبرة صغيرة تدخل عين الإنسان تجعله مستعدّاً لبذل الملايين من أجل استرجاعها، فكيف بالغفلة عن الانحراف في الأمور المعنوية والخسارة التي تلحق الإنسان بسببها في الآخرة؟ وهي الحياة الحقيقية التي عبّر الله سبحانه في القرآن الكريم عنها بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ﴾
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّقنا وإياكم لنكون من المشمولين بالحديث النبوي: أربع من كنّ فيه كان في نور الله الأعظم: ... ومَن إذا أصابته مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون...
    وصلَّى الله على محمد وآله الطاهرين.



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X