إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صبر الزهراء عليها افضل الصلاة والسلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صبر الزهراء عليها افضل الصلاة والسلام

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اللهم صل على محمد وال محمد
    ************************

    لقد تعرّضت الزهراء عليها السلام إلى مزيد من الصعاب والأزمات في جميع مراحل حياتها؛ ذلك لاَنّ الحكمة الإلهية اقتضت أن تكون فاطمة عليها السلام رمزاً لفضيلة المرأة وقدوةً لكمالها الإنساني في مجتمع يسوم المرأة أنواع الظلم والكبت والقهر ، فالقدوة التي خلقها الله تعالى للآخرة لا للدنيا ، لابد أن تكون محطة للمصائب والمحن والمعاناة ، وإلاّ فكيف تعلّم غيرها درس المقاومة والصبر وتجاوز المصاعب والعقبات؟ ومن هنا نجد أنّ الأنبياء والأوصياء والأئمة المعصومين ، كانوا أشدّ الناس محنةً وبلاءً ، لا امتحاناً وابتلاءً كما يفهمه البعض ، فإنّهم خارج دائرة التجربة والاختبار؛ لاَنّ الله
    ____________
    1) بحار الأنوار 43 : 56 ـ 57 .
    2) دلائل الإمامة | الطبري : 70 | 9 .
    ( 128 )
    تعالى اصطفاهم وفضلهم على العالمين .
    ولقد أخبرها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنّها أكثر نساء المسلمين معاناة ورزية حيث روي عن عائشة : أنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة : « إنّ جبرئيل أخبرني أنّه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم رزية منك ، فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبراً ».
    وعانت الزهراء عليها السلام منذ صباها حيث فقدت أُمّها ، وما تلا ذلك من الأحداث القاسية والمصاعب الجمّة التي أشرنا إلى بعضها في الفصل الأول ، وكان من أفدح المصائب التي منيت بها حبيبة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هي فقدها لاَبيها ، فهي البنت الوحيدة التي بقيت بعده ، وتحملت مرارة فراقه مع صنوف الاضطهاد والبلوى ، فواجهت ذلك بعزم لا يلين صابرة محتسبة ، ثم كانت أول أهله لحوقاً به .
    أمّا على صعيد حياتها الشخصية ، فقد علها ، وسألت الجارية ، بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « يا فاطمة ، والذي بعثني بالحق ، إنّ في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولا ثياب ، ولولا خشيتي خصلة لاَعطيتك ما سألت .
    يا فاطمة ، إنّي لا أُريد أن ينفكّ عنك أجرك إلى الجارية ، وإنّي أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب يوم القيامة بين يدي الله إذا طلب حقّه منك » ثم علّمها التسبيح . فقال علي عليه السلام : « مضيت تريدين من رسول الله الدنيا ، فأعطانا الله ثواب الآخرة ».
    وكلّما ازدادت معاناة الزهراء عليها السلام فإنّها تحمد الله على نعمائه وتقيم الشكر على آلائه ، عن جابر الأنصاري رضي الله عنه أنّه قال : رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة
    ____________
    1) حلية الأولياء | أبو نعيم 2 : 41 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 105 .
    2) المناقب | ابن شهرآشوب 3 : 343 .
    3) مسند أحمد 5 : 275 . والمناقب | ابن شهرآشوب 3 : 343 . وكشف الغمة | الاربلي 1 : 451 . وذخائر العقبى : 52 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 6 .
    4) المناقب | ابن شهرآشوب 3 : 341 .
    ( 130 )
    وعليها كساء من أوبار الإبل ، وهي تطحن بيدها ، وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : « يا بنتاه ، تعجّلي ـ أو تجرّعي ـ مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة » ـ وفي حديث : « اصبري على مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غداً » ـ فقالت : « يا رسول الله ، الحمد لله على نعمائه ، والشكر لله على آلائه » ، فأنزل الله تعالى : ( وسوف يعطيك ربك فترضى ) .
    وعندما تكون الزهراء عليها السلام في موقع الخيار بين الدنيا والآخرة ، فإنّها لاتتوانى في اختيار ما عند الله سبحانه على حطام الدنيا الفانية على الرغم من الخصاصة وشدة الحاجة ، وضيق العيش .
    عن سويد بن غفلة ، قال : أصابت عليّاً عليه السلام خصاصة ، فقال لفاطمة عليها السلام : « لو أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألتيه؟ فأتته . . . فقالت : يا رسول الله ، هذه الملائكة طعامها التهليل والتسبيح والتحميد ، فما طعامنا؟ » قال صلى الله عليه وآله وسلم : « والذي بعثني بالحقّ ، ما اقتبس في بيت آل محمد نار منذ ثلاثين يوماً ، ولقد أتتنا أعنز ، فإن شئت أمرنا لك بخمسة أعنز ، وإن شئت علمتك خمس كلمات علمنيهن جبرئيل » فقالت : « بل علمني الخمس كلمات التي علمكهنّ جبرئيل » . قال : « قولي : يا أول الأولين ، ويا آخر الآخرين ، ويا ذا القوة المتين ، ويا راحم المساكين ، ويا أرحم الراحمين » فانصرفت فدخلت على عليّ عليه السلام فقال : « ماوراءك؟ » فقالت : « ذهبت من عندك للدنيا ، وأتيتك بالآخرة » فقال : « خير أيامك » .
    ____________
    1) سورة الضحى : 5 . والحديث في الدر المنثور | السيوطي 8 : 543 . ومسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 58 عن ابن النجار وابن مردويه والديلمي . ومقتل الحسين عليه السلام | الخوارزمي 1 : 64 . والمناقب | ابن شهرآشوب 3 : 342 . وكنز العمال 12 : 422 | 35475 . ومجموعة ورّام 2 : 230 ، مكتبة الفقيه ـ قم .
    2) مسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 4 و 24 . ودعوات الراوندي : 47 | 116 .
    ( 131 )
    قال الحرّ العاملي رحمه الله في منظومته :
    طلّـــقـت الـدنيا كفـــعـل بعلهـــــا * واشتغلت عنهـا بـحسن فعلهـــا
    لا تعــــرف اللذات والتنعّـــــــمـا * والحلي واللبس عُلاً وكرما
    ولقوة صبر الزهراء عليها السلام المستمدّ من قوة إيمانها وتعلّقها العجيب بالله عزّوجلّ ، لم يشكّل بيتها الطاهر بأثاثه البسيط جداً جزءاً من المعاناة النفسية التي تترك آثارها السيئة في نفوس النساء عادة ، بل كانت تفيض حبّاً وحناناً وبشاشةً تغمر فيها عليّاً والسبطين عليهم السلام بما يجعل من فراشهم وهو جلد كبش أرقّ من الحرير ، وأما المعاناة الجسدية فهي معاناة طبيعية كانت تبثها الزهراء عليها السلام إلى أبيها العظيم صلى الله عليه وآله وسلم فيحيلها إلى الصبر زاداً ووقاءً .
    عن أنس ، قال : جاءت فاطمة عليها السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت : « يا رسول الله ، إنّي وابن عمي مالنا فراش إلاّ جلد كبش ننام عليه ، ونعلف عليه ناضحنا بالنهار » . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « يا بنية اصبري ، فإنّ موسى بن عمران أقام مع امرأته عشر سنين مالها فراش إلاّ عباءة قطوانية ».
    وعن علي عليه السلام ـ في حديث ـ قال : « وعلينا قطيفة إذا لبسناها طولاً خرجت منها جنوبنا ، وإذا لبسناها عرضاً خرجت رؤوسنا وأقدامنا » .
    وفي حديث آخر عنه عليه السلام : « أنّهما كانا يتغطيان في قطيفة ، إذا غطيا رؤوسهما انكشفت أقدامهما ، وإذا غطيا أقدامهما انكشفت رؤوسهما ».
    وجاء في كتاب (زهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) لابن بابويه أنّ سلمان رضي الله عنه بكى حينما
    ____________
    1) تراجم أعلام النساء | الأعلمي 2 : 313 مؤسسة الأعلمي ـ بيروت .
    2) إحقاق الحقّ 10 : 400 عن السيرة النبوية | دحلان 2 : 10 ـ القاهرة .
    3) مسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 102 .
    4) مسند فاطمة عليها السلام | السيوطي : 108 .
    ( 132 )
    رأى فاطمة عليها السلام قد خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشملة لها خلقة ، قد خيطت في عدّة مواضع ، فلما دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : « يا رسول الله ، إنّ سلمان تعجب من لباسي ، فو الذي بعثك بالحق مالي ولعليّ منذ خمس سنين إلاّ مسك كبش نعلف عليه بالنهار بعيرنا ، فإذا كان الليل افترشناه ، وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف » . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « يا سلمان ، إنّ ابنتي لفي الخيل السوابق ».
    وصبرت الزهراء عليها السلام على الجوع الذي نال منها حتى غارت عيناها وغلبت الصفرة على وجهها ، ولصق بطنها بظهرها ، فحظيت بعناية الله سبحانه حيث كثّر الطعام في بيتها ، وأنزل عليها رزقاً من السماء كما قدّمنا ، وحظيت بعناية أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث دعا لها بإذهاب الجوع عنها .
    عن عمران بن حصين ، قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالساً إذ أقبلت فاطمة عليها السلام فوقفت بين يديه ، فنظر إليها وقد غلبت الصفرة على وجهها ، وذهب الدم من شدة الجوع ، فقال : « ادني يا فاطمة » فدنت ، ثم قال : « ادني يا فاطمة » فدنت حتى وقفت بين يديه ، فوضع يده على صدرها في موضع القلادة ، وفرّج بين أصابعه ، ثم قال : « اللهمّ مشبع الجاعة ورافع الوضعة ، لاتجع فاطمة بنت محمد » فغلب الدم على وجهها ، وذهبت تلك الصفرة .
    وجاء في (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي أنّه حينما تصدّقت عليها السلام على المسكين واليتيم والأسير ، دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي قائمة في محرابها ، ولقد لصق بطنها بظهرها ، وغارت عيناها من شدة الجوع . فقال
    ____________
    1) الدروع الواقية | ابن طاووس : 275 . وبحار الأنوار 43 : 88 | 9 .
    2) نظم درر السمطين | الزرندي : 191 مطبعة القضاء ـ النجف . وأخرج الشيخ الكليني عن جابر بن عبدالله الأنصاري نحوه في الكافي 5 : 528 ـ 529 | 5 .
    ( 133 )
    النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « واغوثاه بالله ، آل محمد يموتون جوعاً! » فهبط جبرئيل عليه السلام وهو يقرأ ( يوفون بالنذر ) الآية .
    وعن عمران بن حصين ، قال : إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاد فاطمة عليها السلام وهي مريضة ، فقال : « كيف تجدينك يا بنية ؟ » قالت : « إنّي لوجعة ، وإنّه ليزيدني وجعاً ، أنه ليس لي طعام آكله »فقال صلى الله عليه وآله وسلم : « يا بنية ، أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين ؟ »
    ولم تجزع الزهراء عليها السلام يوماً قطّ مما تعانيه من أُمور الدنيا ، ولم تتذمّر يوماً قط بوجه أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ولم تكلّفه فوق طاقته حياءً من الله سبحانه ، بل كانت تؤثره على نفسها وعلى ابنيها ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يبادلها المثل ، وربما أرسلها ـ رأفةً بحالها ـ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تستطعمه .
    عن أبي سعيد ، قال : أصبح علي عليه السلام ذات يوم فقال : « يا فاطمة ، هل عندك شيء تغدّينيه؟ » قالت : « لا والذي أكرم أبي بالنبوة ما عندي شيء أغدّيكم ، ولا كان لنا بعدك شيء منذ يومين نطعمه ، إلاّ شيء أُوثرك به على بطني وعلى ابني هذين » .
    قال : « يا فاطمة ، ألا أعلمتني حتى أبغيك شيئاً! » قالت : « إنّي استحي من الله أن أُكلفك ما لا تقدر عليه » فخرج من عندها واثقاً بالله وحسن الظنّ به واستقرض ديناراً ... الحديث
    وفيه تكثير الطعام لأهل البيت عليهم السلام في بيت الزهراء عليها السلام بفضل من الله تعالى ورحمته

    ____________
    1) تذكرة الخواص | سبط ابن الجوزي : 315 .
    2) الاستيعاب | ابن عبدالبر 4 : 375 . والمناقب | ابن المغازلي : 398 | 452 . وحلية الأولياء 2 : 42 . ونظم درر السمطين | الزرندي : 179 . وإتحاف السائل | المناوي : 77 .
    3) فضائل فاطمة عليها السلام | ابن شاهين : 36 . وتفسير فرات الكوفي : 83 ـ طهران . وكشف الغمة 1 : 469 . وأمالي الطوسي : 615 | 1272 . وذخائر العقبى : 45 ـ 46 . وكفاية الطالب : 367 .
    ( 134 )
    وعن محمد بن كعب القرظي ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ـ في خطبةٍ له بأهل العراق ـ قال : « قد رأيتني مكثت ثلاثة أيام من الدهر ما أجد شيئاً آكله حتى خشيت أن يقتلني الجوع ، فأرسلت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تستطعمه لي . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : يا بنية ، والله ما في البيت طعام يأكله ذو كبد إلاّ ماترين ـ لشيء قليل بين يديه ـ ولكن ارجعي فسيرزقكم الله ، فلمّا جاءتني فأخبرتني انفلتّ وذهبت حتى آتي بني قريظة ، فإذا يهودي على شقّة بئر ، فقال : يا عربي هل لك أن تستقي لي نخلي كلّ دلو بتمرة ، فجعلت أنزع ، فكلّما نزعت دلواً أعطاني تمرةً ، حتى إذا امتلأَت يدي من التمر قعدت فأكلت وشربت من الماء ، ثم قلت : يالك بطناً ، لقد لقيت اليوم ضراً! ثمّ نزعت مثله لابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ انفلتّ راجعاً . . . » الحديث .
    وعن أسماء بنت عميس ، عن فاطمة عليها السلام : « أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاها يوماً فقال : أين ابناي ـ يعني حسناً وحسيناً ـ . قالت : أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق ، فقال علي عليه السلام : أذهب بهما ، فإني أتخوف أن يبكيا عليك ، وليس عندك شيء » .
    ____________
    1) مسند فاطمة عليها السلام / السيوطي : 96 .
    2) المعجم الكبير / الطبراني 22 : 422 / 1040 . وذخائر العقبى

  • #2
    الأخت الكريمة
    ( خادمة الحوراء زينب 1 )
    بارك الله تعالى فيكم على هذا الاختيار
    جعله الله في ميزان حسناتكم

    ولولا أبو طالب وأبنه * لما مثل الدين شخصا وقاما
    فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما

    فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
    وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامى
    كما لا يضر إياب الصبا * ح من ظن ضوء النهار الظلاما

    [/CENTER]

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      جزيتم خيرا سيدي الجليل لردكم المبارك لكم تقديري واحترامي
      وان شاء الله تنالون شفاعة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع)

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X