إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في رحاب نهج البلاغة-” ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشقّ الأرجاء،

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في رحاب نهج البلاغة-” ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشقّ الأرجاء،




    يقول أمير المؤمنين(ع):
    ” ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشقّ الأرجاء، وسكائك الهواء، فأجرى فيها ماءاً متلاطماً تياره، متراكماً زخاره، حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة، فأمرها برده، وسلطها على شَدّه، وقرنها إلى حده، الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق.
    هذه العبارات قمة في البلاغة وعَلم من أعلام الفصاحة ناهيك عن المعاني العميقة والأفكار النادرة والتراكيب الجذابة التي لا يعلوها سوى كلام الخالق سبحانه وتعالى.
    في هذه الفقرات الرائعة يحدثنا مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) عن بدء خلق الفضاء الواسع والرهيب والذي إن أرشدنا إلى أمر فإنما يرشدنا إلى عظمة الخالق سبحانه ودقة صنعه وإتقانه وعظيم قدرته.
    وقوله(ع) أنشأ سبحانه فتق الأجواء أي أنه خلق هذا الفضاء ما بين السموات والأرض فضلاً عن كونه خالق السموات والأرض وما فوقهن وما تحتهن وما فيهن.
    وشق الأرجاء: الأرجاء هي جوانب هذا الفضاء الذي له حدود لا يعلمها إلا الله عز وجل، فقد يتوهم بعضهم بأن هذا الجو لا نهاية له وهذا وهم لأن كل مخلوق له بداية ونهاية وحدود، وهذا الفضاء مخلوق وهو مشمول بهذه الأبعاد.
    وسكائك الهواء: وهي جمع سُكاكة والسكاكة هي الهواء الملاقي لعنان السماء.
    وقوله(ع) فأجرى فيها ماءاً متلاطماً تياره، متراكماً زخاره: أي أنه تعالى أجرى في الأجواء ماءاً متلاطماً تياره أي شديد للغاية، والتراكم وهو الذي يعلو بعضه فوق بعض.
    وأما قوله: حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة: الزخار فهو الشديد المرتفع، وأما الزعزع القاصفة، فهي الريح التي تزعزع كل ثابت وتقصف وتحطم كل قائم.
    ثم يتابع الإمام كلامه فيقول: فأمرها برده، وسلطها على شَدّه، وقرنها إلى حده:
    الله سبحانه عندما خلق الجو وجعل فيه الماء المتلاطم والهواء الشديد جعل لهذه المخلوقات أنظمة محكمة حتى لا تتعدى حدودها وتهلك أهل الأرض، وإلى هذا يشير الإمام بقوله:أمرها برده: أي أنه تعالى أمر السماء أو الفضاء برد هذا الهواء عن أهل الأرض أو عن المخلوقات بشكل عام كيلا تدمرهم، والماء مادة ثقيلة ولا يحمل الماء في الفضاء سوى الخالق سبحانه وتعالى فهو الذي أمر السماء برد الماء عن الأرض إلا ما ينزله الرحمن بهذا الشكل المعروف الذي ينسجم مع قانون الطبيعة.
    وأما قوله وسلطها على شده: أي أنه أمرها بشد الماء الذي من طبيعته السقوط نحو الأسفل، وقرنها إلى حده أي جعل حد الماء مماساً لسطح الريح التي تحمله.
    ثم يتابع الإمام بيان القدرة الإلهية في خلق تلك الأنظمة فيقول: الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق: أي أن الهواء من تحت السماء مفتوق حتى يتسنى مروره في الأرض بشكل معتدل، والماء من فوق الريح دفيق أي أنه محمول ومدفوق نحو الأعلى.
    ويقول إمامنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) في بيان خلق الرياح:
    ” ثم أنشأ سبحانه، ريحاً اعتقم مهبَّها، وأدام مُربَّها، وأعصف مَجراها، وأبعد مَنشاها، فأمرها بتصفيق الماء الزخّار، وإثارة موج البحار، فمخضته مخض السِّقاء، وعصفت به عصفها في الفضاء، ترد أوله إلى آخره، وساجيه إلى مائره ”
    ما زال العلم الحديث رغم هذا التطور العلمي الباهر قاصراً عن إدراك جميع ما حوله من الموجودات، فهم يبحثون في هذه الأيام عن الأمور التي أشار إليها الأنبياء والأولياء حول أنظمة الموجودات، وقد توصلوا إلى معرفة الكثير منها وما زال أمامهم الكثير من الأمور التي يعملون على إدراكها وقد كان إمامنا أمير المؤمنين قد أخبرنا عن تلك المخلوقات وأنظمتها الأساسية حيث قال: ثم أنشأ سبحانه، ريحاً اعتقم مهبَّها، وأدام مُربَّها، وأعصف مَجراها، وأبعد مَنشاها:
    الإنشاء هو الإيجاد من العدم، فقد أوجد الله تعالى هذه الريح التي جعلها عقيماً لا تلقح سحابا ولا شجراً، ومعنى قوله:اعتقم مهبها: أي جعل هبوبها عقيماً، وأدام مربها: أي أنه جعلها ملازمة لنظامها ومهامها ووظائفها.
    فبعد أن خلق الله عز وجل تلك الريح وجعلها تحت تلك الأنظمة الدقيقة والباهرة أمرها بتصفيق الماء الزخّار، أي أنها تحرك الماء وهو أساسٌ في وظيفتها فهي تحرك الماء وتقلبه وتحمله من مكان إلى مكان، وبمعنى أوضح هي تتصرف في الغيمة بتلك الأنظمة التي جعلها الله لها من الأساس.
    فقد أمر الله الريح بتصفيق الماء الزخار، وكذلك بإثارة موج البحار، الأمر لا يقف عند الماء الذي يسبح في الفضاء بل هو أيضاً له علاقة بماء البحر وموجه التي تحركها الرياح بقدرة الله تبارك وتعالى.
    فالريح تحرك الماء في الفضاء وتثير موج البحر فتمخضه كما يمخض اللبن من أجل استخراج الزُبد منه، والمخض هو التحريك بشدة وقوة، والسقاء هو الجلد الذي يُصنع منه وعاء لمخض اللبن.
    ولذلك قال(ع): ، فمخضته مخض السِّقاء، وعصفت به عصفها في الفضاء،
    ثم أشار الإمام(ع) إلى بعض وظائف الريح حيث قال: ترد أوله إلى آخره، وساجيه إلى مائره ”
    فرد أوله إلى آخره فيه بيان لقدرة الريح على التصرف بالماء، وأما قوله ساجيه إلى مائره، فإن الساجي هو الماء المرتكز في مكانه، والمائر هو الذي يذهب ويجيء.

    كتبه الشيخ علي الفقيه
    من موقع في رحاب نهج البلاغة


المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X