بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
يُستحب الابتهال إلى الله عَزَّ وجَلَّ عند دخول شهر رمضان بهذا الدُعاء، وهو دُعاءُ الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السَّلام):
((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذَا الشَّهْرِ، وَبِحَقِّ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ مِنِ ابْتِدَائِهِ إِلَى وَقْتِ فَنَائِهِ مِنْ مَلَكٍ قَرَّبْتَهُ، أَوْ نَبِيٍّ أَرْسَلْتَهُ، أَوْ عَبْدٍ صَالِحٍ اخْتَصَصْتَهُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَهِّلْنَا فِيهِ لِمَا وَعَدْتَ أَوْلِيَاءَكَ مِنْ كَرَامَتِكَ، وَأَوْجِبْ لَنَا فِيهِ مَا أَوْجَبْتَ لِأَهْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي طَاعَتِكَ، وَاجْعَلْنَا فِي نَظْمِ مَنِ اسْتَحَقَّ الرَّفِيعَ الْأَعْلَى بِرَحْمَتِكَ))[1].
اِبتهال: مصدر إِبتَهَلَ
التضرع إلى الله لطلب العون[2].
وذلك قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[3].
مُباهَلة: في الأصل من مادة «بَهْل» (على وزن اَهل) بمعنى إطلاق وفك القيد عن الشيء وبذلك يقال للحيوان الطلق حيث لا توضع محالبها في كيس كي يستطيع وليدها أن يرضع بسهولة يقال له: «باهل»، و «ابتهال» في الدعاء بمعنى التضرع وتفويض الأمر إلى الله.
هذا معنى «المباهلة» لغةً. امّا مفهوماً ما هو المعروف نزول هذه الآية، بمعنى الملاعنة بين الشخصين، ولذا يجتمع أفراد للحوار حول مسألة دينية مهمّة في مكان واحد ويتضرعون الله أن يفضح الكاذب ويعاقبه.
الابتهال في الدعاء هو بسط اليدين ومَدُّ الذراعين مقابل الوجه أو رفعهما الى السماء مستقبلاً القبلة، والابتهال علامة التضرع والاستكانة الظاهرة على الداعي حال الدعاء، ويكون الابتهال مصحوباً بالبكاء ونزول الدمعة.
والابتهال في الدعاء هو من آداب الدعاء وسننه وله أثر كبير في جعل دعاء الداعي مستجاباً.
وقد ذكر محمد بن يعقوب الكليني في الكافي كِتَابُ اَلدُّعَاءِ بَابُ اَلرَّغْبَةِ وَاَلرَّهْبَةِ وَاَلتَّضَرُّعِ
وَاَلتَّبَتُّلِ وَاَلاِبْتِهَالِ وَاَلاِسْتِعَاذَةِ وَاَلْمَسْأَلَةِ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((ذَكَرَ اَلرَّغْبَةَ وَأَبْرَزَ بَاطِنَ رَاحَتَيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَهَكَذَا اَلرَّهْبَةُ وَجَعَلَ ظَهْرَ كَفَّيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَهَكَذَا اَلتَّضَرُّعُ وَحَرَّكَ أَصَابِعَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً وَهَكَذَا اَلتَّبَتُّلُ وَيَرْفَعُ أَصَابِعَهُ مَرَّةً وَيَضَعُهَا مَرَّةً وَهَكَذَا اَلاِبْتِهَالُ وَمَدَّ يَدَهُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَلاَ تَبْتَهِلُ حَتَّى تَجْرِيَ اَلدَّمْعَةُ))[4].
والفرق بين الابتهال والتضرع: -
فالتضرع في الدعاء حالة خاصة يتخذها الداعي ليظهر شدة حاجته فيتذلل أمام الله ويتوسل اليه في طلبها، بتحريك إصبعيه وهو يُشير بهما يمينا وشمالا، أو بتحريك السبابة اليمنى، أو السبابتين والاشارة بهما.
ورُوِيَ أيضاً عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((سَأَلْتُهُ عَنِ اَلدُّعَاءِ وَرَفْعِ اَلْيَدَيْنِ فَقَالَ: عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا اَلتَّعَوُّذُ فَتَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ بِبَاطِنِ كَفَّيْكَ وَأَمَّا اَلدُّعَاءُ فِي اَلرِّزْقِ فَتَبْسُطُ كَفَّيْكَ وَتُفْضِي بِبَاطِنِهِمَا إِلَى اَلسَّمَاءِ وَأَمَّا اَلتَّبَتُّلُ فَإِيمَاءٌ بِإِصْبَعِكَ اَلسَّبَّابَةِ وَأَمَّا اَلاِبْتِهَالُ فَرَفْعُ يَدَيْكَ تُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَكَ وَدُعَاءُ اَلتَّضَرُّعِ أَنْ تُحَرِّكَ إِصْبَعَكَ اَلسَّبَّابَةَ مِمَّا يَلِي وَجْهَكَ وَهُوَ دُعَاءُ اَلْخِيفَةِ))[5].
أما الدعاء فهو: في اللغة بمعنى النداء وهو الأصل، ويستخدم الدعاء في معان أُخر كالاستغاثة، الاستحضار، الابتهال، الرَّغبة، وغيرها.
أما في الاصطلاح: توجيه نظر المدعو الى الداعي باللفظ أو بالإشارة.
وهو قوله تعالى: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾[6].
وعليه فعليك أيها العبد المحتاج الى ربِّه بالابتهال والتضرع اليه تعالى، عسى ولعل أن تكون من الفائزين بكرامة هذا الشهر الفضيل.
[1]الصحيفة السجادية: دعاء رقم: 44.
[2] معجم المعاني الجامع.
[3] سورة آل عمران، الآية: 61.
[4] الكافي، ج، ص 480.
[5] وسائل الشيعة، ج 7، ص 49.
[6] سورة الرعد، الآية: 14.