بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
[ مسألة " أبي حنيفة " للإمام الكاظم (عليه السلام) ]
روي أن أبا حنيفة دخل المدينة المنورة مَـرَّةً ، ومعه عبد الله بن مسلم ، فقال له : يا أبا حنيفة ! إن ها هُـنا جعفر بن محمد ، من علماء آل محمد ، فاذهَب بِـنا إليهِ ، نَـقتَـبِس منه عِلماً ، فلَـمَّا أتَـيا إذَا هما بِجماعةٍ مِن عُـلَماءِ شيعتِـهِ ، يَنــظِرونَ خروجَـهُ أو دُخولَـهُـمُ عَـلَـيْـه ،
فبينما هُم كذلك إذ خرج غلام حَـدَثٌ [ أي صغير السِّنّ ] ، فقام الناس هَـيْـبَـةً لَـهُ . فَـالتَـفَتَ أبو حنيفة ، فقال : يا ابْـنَ مسلم ! مَـن هذا ؟.
قال : موسى ابنه.
قال : والله لأخْجِلَـنَّـهُ بين يَـدَيّ شيعتِـهِ .
قال : لَـن تَقدِر على ذلك .
قال : واللهِ لأفعَـلَـنَّه.
*ثم التفت إلى موسى (عليه السلام) ، فقال : يا غلام ! أين يَـضَع الغريب في بلدتكم هذِه ؟.
قال (عليه السلام) : يَـتوارى خَـلْـفَ الجدار [ أي يَـستتِر ] ، ويَـتَـوقّى أعين الجار ، وشطوط الأنهار ، ومسقط الثمار ، ولا يستقبل القِبلة ولا يستدبرها ، فحينئذ يَضَعُ حيث يشاء .
[ يَـتَـوقّى : أي يَـتَـجَـنَّب ]
ثم قال أبو حنيفة : يا غلام ! مِمَّنِ المعصية ؟
قال (عليه السلام) : يا شيخ ! لا تخلو مِنْ ثلاث :
1 ) إمّا أنْ تَـكُونَ مِنَ الله ، ولَـيْسَ مِنَ العَـبْدِ شيء ، فليس لِلحكيمِ أنْ يأخذَ عَـبْـدَهُ بِما لَـمْ يَـفعَـلْـهُ.
2 ) وإمَّا أنْ تَـكُونَ مِنَ العَـبْدِ ومِنَ الله ، واللهُ أقوى الشريكَـيْن ، فليس لِلشريكِ الأكبر أن يَأخذ الشريكَ الأصغرَ بِذنْبِه .
3 ) وإمَّا أنْ تَـكُونَ مِنَ العَـبد ، ولَـيْسَ مِنَ اللهِ شيء ، فإنْ شاءَ عفا وإن شاء عاقب .
- قال عبد الله بن مسلم : فأصابت أبا حنيفة سَكْـتَة ، كأنما ألقم فوه الحجر . [ أي أَسْكَـتَهُ بِالجَوابِ القاطِع ]
قال : فَـقلْـتُ لَـهُ : ألَـمْ أقلْ لَـكَ لا تَـتَـعَـرَّض لأولادِ رسولِ الله
(صلى الله عليه وآله) ؟
المصدر
البحار ج 5 ص 22