بِهذا جُمِعَ الخَيرُ
الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ: النَّظَرُ، والسُّكوتُ، والكلامُ؛ فكُلُّ نَظرٍ لَيسَ فيهِ اعْتِبارٌ فهُوَ سَهْوٌ، وكلُّ سُكوتٍ لَيسَ فيهِ فِكْرَةٌ فهُوَ غَفلَةٌ، وكلُّ كلامٍ لَيسَ فيهِ ذِكْرٌ فهُوَ لَغْوٌ، فطُوبى لِمَنْ كانَ نَظَرُهُ عِبْرةً، وسُكوتُهُ فِكْراً، وكلامُه ذِكْراً، وبكى على خَطيئَتِهِ، وأمِنَ النّاسُ شرَّهُ»[1].
جُبِلَتِ الفطرةُ الإنسانيّةُ على حُبِّ الخيرِ، ومحبّةِ أهلِ الخيرِ، والسعيِ في اكتسابِ صفاتِ الخيرِ، وما وردَ منَ الأنبياءِ والرسلِ (عليهم السلام) إلّا الدلالةُ على طرقِ اكتسابِ فضائلِ الأخلاقِ الّتي هيَ قوامُ الخيرِ. وفي هذهِ الروايةِ عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) دلالةٌ على خِصالٍ ثلاثٍ، لوْ اجتمعَتْ في عبدٍ منْ عبادِ اللهِ لكانَ جامعاً لكلِّ الخيرِ.
1. النظر: والمرادُ بهِ النظرُ المقترنُ بأخذِ العبرِ، والاعتمادِ على التأمّلِ للوصولِ إلى ما ينفعُ؛ فالتأمّلُ في حالِ هذهِ الدنيا وما يجري فيها، يُمكِّنُ منَ استشرافِ المستقبلِ والعملِ على أساسِ ذلكَ، وقدْ رُويَ عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «كَفَى مُخْبِراً عَمَّا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا مَا مَضَى مِنْهَا»[2]، والتأمّلُ في حالِ النفسِ وما جرى عليها، يجعلُ الإنسانَ حريصاً على حفظِها في المستقبلِ، ورُويَ عنهُ (عليه السلام): «لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا أَضَعْتَ مِنْ مَاضِي عُمُرِكَ، لَحَفِظْتَ مَا بَقِيَ»[3]. ومنْ كتابِهِ إلى الحارثِ الهمدانيّ: «وَصَدِّقْ بِمَا سَلَفَ مِنَ الْحَقِّ، وَاعْتَبِرْ بِمَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا لِمَا بَقِيَ مِنْهَا؛ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُشْبِهُ بَعْضاً، وَآخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوَّلِهَا، وَكُلَّهَا حَائِلٌ مُفَارِقٌ»[4].
2. السكوت: فقدْ وردَ التحذيرُ في الرواياتِ منَ الكلامِ، وبيانُ فضائلِ السكوتِ، وتأكيدُ حفظِ جارحةِ اللسانِ، ولكنْ على أنْ يكونَ ذلكَ عنْ حكمةٍ، فعنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «إِنَّ الصَّمْتَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ، إِنَّ الصَّمْتَ يُكْسِبُ الْمَحَبَّةَ، إِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ»[5].
فالسكوتُ لا بدَّ وأنْ يقترنَ بالتفكّرِ، وليسَ المطلوبُ صمتَ الغفلةِ، فعنِ الإمامِ الكاظمِ (عليه السلام): «دَلِيلُ الْعَاقِلِ التَّفَكُّرُ، وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ»[6].
3. الكلام: منَ الكلامِ ما يكونُ مذموماً، وذلكَ متى كانَ في غيرِ موضعِهِ، ومنهُ ما يكونُ مطلوباً وممدوحاً، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) -لمَّا سُئلَ عنْ أحسنِ ما خلقَ اللهُ-: «الكلامُ»، فقيلَ: أيُّ شيءٍ ممّا خلقَ اللهُ أقبحُ؟ قال: «الكلامُ»، ثمَّ قالَ: «بِالْكَلَامِ ابْيَضَّتِ الْوُجُوهُ، وَبِالْكَلَامِ اسْوَدَّتِ الْوُجُوهُ»[7].
ومعيارُ الكلامِ أنْ يكونَ مفيداً، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «لِلْإِنْسَانِ فَضِيلَتَانِ: عَقْلٌ وَمَنْطِقٌ، فَبِالْعَقْلِ يَسْتَفِيدُ، وَبِالْمَنْطِقِ يُفِيدُ»[8].
ومعيارُهُ أنْ يكونَ بذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةُ الْقَلْبِ؛ إِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي»[9].
أمّا نصيبُ مَنْ جمعَ خِصالَ الخيرِ هذهِ، فهيَ الجنّةُ التي كتبَها اللهُ عزَّ وجلَّ لعبادِهِ الصالحينَ، ممّنْ سيرتُهم التوبةُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، والناسُ في أمانٍ منهُم؛ لأنّهُ لا يصدرُ منهُم إلّا الخيرُ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
الإمامُ عليٌّ (عليه السلام): «جُمِعَ الخَيرُ كُلُّهُ في ثَلاثِ خِصالٍ: النَّظَرُ، والسُّكوتُ، والكلامُ؛ فكُلُّ نَظرٍ لَيسَ فيهِ اعْتِبارٌ فهُوَ سَهْوٌ، وكلُّ سُكوتٍ لَيسَ فيهِ فِكْرَةٌ فهُوَ غَفلَةٌ، وكلُّ كلامٍ لَيسَ فيهِ ذِكْرٌ فهُوَ لَغْوٌ، فطُوبى لِمَنْ كانَ نَظَرُهُ عِبْرةً، وسُكوتُهُ فِكْراً، وكلامُه ذِكْراً، وبكى على خَطيئَتِهِ، وأمِنَ النّاسُ شرَّهُ»[1].
جُبِلَتِ الفطرةُ الإنسانيّةُ على حُبِّ الخيرِ، ومحبّةِ أهلِ الخيرِ، والسعيِ في اكتسابِ صفاتِ الخيرِ، وما وردَ منَ الأنبياءِ والرسلِ (عليهم السلام) إلّا الدلالةُ على طرقِ اكتسابِ فضائلِ الأخلاقِ الّتي هيَ قوامُ الخيرِ. وفي هذهِ الروايةِ عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) دلالةٌ على خِصالٍ ثلاثٍ، لوْ اجتمعَتْ في عبدٍ منْ عبادِ اللهِ لكانَ جامعاً لكلِّ الخيرِ.
1. النظر: والمرادُ بهِ النظرُ المقترنُ بأخذِ العبرِ، والاعتمادِ على التأمّلِ للوصولِ إلى ما ينفعُ؛ فالتأمّلُ في حالِ هذهِ الدنيا وما يجري فيها، يُمكِّنُ منَ استشرافِ المستقبلِ والعملِ على أساسِ ذلكَ، وقدْ رُويَ عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «كَفَى مُخْبِراً عَمَّا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا مَا مَضَى مِنْهَا»[2]، والتأمّلُ في حالِ النفسِ وما جرى عليها، يجعلُ الإنسانَ حريصاً على حفظِها في المستقبلِ، ورُويَ عنهُ (عليه السلام): «لَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَا أَضَعْتَ مِنْ مَاضِي عُمُرِكَ، لَحَفِظْتَ مَا بَقِيَ»[3]. ومنْ كتابِهِ إلى الحارثِ الهمدانيّ: «وَصَدِّقْ بِمَا سَلَفَ مِنَ الْحَقِّ، وَاعْتَبِرْ بِمَا مَضَى مِنَ الدُّنْيَا لِمَا بَقِيَ مِنْهَا؛ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُشْبِهُ بَعْضاً، وَآخِرَهَا لَاحِقٌ بِأَوَّلِهَا، وَكُلَّهَا حَائِلٌ مُفَارِقٌ»[4].
2. السكوت: فقدْ وردَ التحذيرُ في الرواياتِ منَ الكلامِ، وبيانُ فضائلِ السكوتِ، وتأكيدُ حفظِ جارحةِ اللسانِ، ولكنْ على أنْ يكونَ ذلكَ عنْ حكمةٍ، فعنِ الإمامِ الرضا (عليه السلام): «إِنَّ الصَّمْتَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْحِكْمَةِ، إِنَّ الصَّمْتَ يُكْسِبُ الْمَحَبَّةَ، إِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ»[5].
فالسكوتُ لا بدَّ وأنْ يقترنَ بالتفكّرِ، وليسَ المطلوبُ صمتَ الغفلةِ، فعنِ الإمامِ الكاظمِ (عليه السلام): «دَلِيلُ الْعَاقِلِ التَّفَكُّرُ، وَدَلِيلُ التَّفَكُّرِ الصَّمْتُ»[6].
3. الكلام: منَ الكلامِ ما يكونُ مذموماً، وذلكَ متى كانَ في غيرِ موضعِهِ، ومنهُ ما يكونُ مطلوباً وممدوحاً، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) -لمَّا سُئلَ عنْ أحسنِ ما خلقَ اللهُ-: «الكلامُ»، فقيلَ: أيُّ شيءٍ ممّا خلقَ اللهُ أقبحُ؟ قال: «الكلامُ»، ثمَّ قالَ: «بِالْكَلَامِ ابْيَضَّتِ الْوُجُوهُ، وَبِالْكَلَامِ اسْوَدَّتِ الْوُجُوهُ»[7].
ومعيارُ الكلامِ أنْ يكونَ مفيداً، فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «لِلْإِنْسَانِ فَضِيلَتَانِ: عَقْلٌ وَمَنْطِقٌ، فَبِالْعَقْلِ يَسْتَفِيدُ، وَبِالْمَنْطِقِ يُفِيدُ»[8].
ومعيارُهُ أنْ يكونَ بذكرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعنْ رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله): «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةُ الْقَلْبِ؛ إِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي»[9].
أمّا نصيبُ مَنْ جمعَ خِصالَ الخيرِ هذهِ، فهيَ الجنّةُ التي كتبَها اللهُ عزَّ وجلَّ لعبادِهِ الصالحينَ، ممّنْ سيرتُهم التوبةُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، والناسُ في أمانٍ منهُم؛ لأنّهُ لا يصدرُ منهُم إلّا الخيرُ.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
[1] الشيخ الصدوق، الخصال، ج1، ص97.
[2] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص386.
[3] المصدر نفسه، ص415.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص459،
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص113.
[6] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول عن آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)، ص386.
[7] المصدر نفسه، ص216.
[8] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص403.
[9] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص3.
[2] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص386.
[3] المصدر نفسه، ص415.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص459،
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص113.
[6] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول عن آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)، ص386.
[7] المصدر نفسه، ص216.
[8] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص403.
[9] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص3.