بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
لقاء الله تعالى على نحوين، لقاءٌ في الدنيا ولقاءٌ في يوم القيامة عند البعث والحساب. وكلامنا الآن يتمحور حول لقاء الله في الدنيا قبل الآخرة. وليس المقصود بلقاء الحق تعالى اللقاء الحسّي ورؤيته تعالى بالبصر المادي، لأنّ الله تعالى ليس بجسمٍ، ولا يحدّه مكان، ولا يُرى بالعين، فإنّه ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ . بل المراد به اللقاء المعنوي، بمعنى حضوره تعالى الدائم في حياتنا، وعدم الغفلة عنه أبداً، والتوجّه إليه باستمرار، ومشاهدة آياته وآثار قدرته تعالى في كلّ شيءٍ. فلا نعبد غيره، ولا ندعو سواه، ولا نطلب حوائجنا إلّا منه. فالإنسان عندما يدرك أنّ الله تعالى خالقه، ومالك كل شيء، وبيده الأمر كله، وهو في السماء إله،ٌ وفي الأرض إله، وهو ربّ العالمين، فمن الطبيعي أن يتوجّه إليه بالعبوديّة له والتسليم.
والوصول إلى هذه المنزلة الإنسانية الرّفيعة، من لقاء الحق والحضور في محضره إنِّما يصبح ميسوراً في حالةٍ واحدةٍ فقط، وهي عندما يصبح الله تعالى حاضراً دائماً في حياة الإنسان، فيرى الإنسان خالقه حاضراً وموجوداً في جميع شؤون حياته، ويشاهد نفسه دائماً في مشهد الله العظيم وفي ساحة حسابه يوم القيامة.
وكيف لا يكون ذلك وهو تعالى معه أينما ولّى وجهه ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ .
وهو أقرب إليه من حبل الوريد ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ .
وهو شاهدٌ على كلّ حركةٍ يقوم بها وكلّ لفظةٍ ينطق بها ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا﴾ .
فالإنسان إذا أراد أن يحصل على مقعد صدقٍ عند الله، ينبغي له في البداية أن يرى الله حاضراً وناظراً إليه في جميع شؤونه، ثم بعد ذلك يؤدّي على أساس هذا الشهود جميع الأعمال خالصةً لوجه الله. فممّا أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا ذر رضوان الله عليه أن قال له: “يا أبا ذرّ إنك منّا أهل البيت، وإني موصيك بوصيّة فاحفظها، فإنّها جامعة لطرقِ الخير وسبلِه، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان، يا أبا ذرّ اعبد الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، واعلم أن أول عبادة الله المعرِفة به” . وهذه الحالة تحصل للإنسان في هذه الدنيا نتيجة الطّهر والتقوى والعبادة وتهذيب النفس.
وقد سأل رجلٌ يقال له ذعلب أميرَ المؤمنين عليه السلام: “هل رأيت ربك؟ قال عليه السلام: ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربّاً لم أره. فقال: يا أمير المؤمنين: كيف رأيته؟ قال عليه السلام: ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائقِ الإيمان” .