إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أمتداد صرخة الحسين عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أمتداد صرخة الحسين عليه السلام

    بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلِ على محمد و آل محمد

    هناك فرق بين موقع الحركة ومنطلق الحركة، نحن لا نبحث عن موقع الحركة ولماذا اختار الإمام الحسين الكوفة، وهي ليست منطلق الحركة، بل موقع الحركة، الحسين رفض بيعة يزيد سواء كتبَ له أهل الكوفة أم لم يكتبوا، الحسين على كل حال ثائر، الحسين قبل أن يكتب له أهل الكوفة بمجرد أن عُرضت عليه بيعة يزيد رفضها وأصر على رفضها، إذن الحسين كان له مشروع قبل أن يكتب له أهل الكوفة، كان لديه أهداف ومنطلقات قبل أن تأتيه رسائل أهل الكوفة،

    ما هي تلك المنطلقات والأهداف التي أصر الحسين علي تحقيقها؟

    أما الاستجابة لأهل الكوفة كان لتحديد موقع فقط، من أي مدينة ينطلق، هل موقع الحركة المدينة المنورة أم موقع الحركة مكة المكرمة، أم موقعها الكوفة، فاختار الكوفة موقعاً استجابة لأهل الكوفة، فالاستجابة جاءت لتحديد الموقع وإلا فالمنطلقات والأهداف هي منطلقات سماوية سبقت رسائل أهل الكوفة كلهم، فلذلك قال لهم يوم عاشوراء: إنني ما قدمت عليكم حتى أتتني كتبكم، فإن كرهتم مقدمي دعوني انصرف إلى مأمني من الأرض.

    و لا ينسجم مع شخصية الإمام الحسين وهو إنسان حكيم عاقل بأن يكون مخططاً لإزالة الحكم الاموي وقد كان موقن بقتله، أن نتيجة حركته هي الشهادة، وقد صرح بذلك: ”والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي“ وورد عنه : ”كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلا بين النواويس وكربلاء فيملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغبا“.

    وقال : ”أخبرني رسول الله بأني ألاقي ربي شهيداً“.

    الإمام الحسين لما ودع مسلم بن عقيل كتب إليه وأوحى له، قال: ”امضِ لما أمرت به حتى يقضي الله بأمره، وإني لأرجو أن أكون أنا وأنت من الشهداء“.

    المسألة كانت أمام الحسين نتيجتها واضحة، نتيجتها الشهادة، إذن الحسين يعلم بأنه سيقتل، يعلم بأنه سيكون شهيد، فكيف يكون مخططاً لإزالة الحكم الاموي في حياته، نعم يمكن أن يسقط الحكم الأموي بعد موته نتيجة تتابع الحركات والثورات، لكن في حياته ما كان الهدف من حركته وهو حي إسقاط الحكم الاموي، لأنه يعلم بأنه سيقتل قبل أن يتحقق هذا الهدف، إذن ليست المسألة دائرة مدار وصول الحسين إلى السلطة وخلع يزيد بن معاوية، هذا الهدف ما كان هدفاً لحياته لأنه يعلم بقتله، نعم هو هدف على المدى الطويل سقوط الحكم الأموي نتيجة لتتابع الصرخات والحركات والثورات بعد مقتله صلوات الله وسلامه عليه.

    حركة الحسين، مشروع الحسين، ثورة الحسين جمعت عدة منطلقات، وجمعت عدة أهداف:

    المنطلق الأول: الحفاظ على منصب الإمامة من الإذلال، لو أن الحسين بايع يزيد لكان إذلالاً لمنصب الإمامة، إذلالاً لهذا الموقع العظيم الذي اختاره الله للأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، لمّا قال له أمير المدينة أن معاوية توفي وأن يزيد يطلب البيعة قال: ”يا أمير، إنا أهل بيت النبوة وموطن الرسالة، ومختلف الملائكة، ويزيد رجل فاسق شارب للخمر، قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله“.

    أنا في موقع لو بايعت لكانت هذه البيعة إذلال لموقع الرسالة، إذلال لموقع الإمامة، ربما يقول أحدهم وخصوصاً ممن يعيش في الغرب أن بحسب المنطق الغربي وماذا لو كان فاسق وشارب للخمر، كثير من الناس فسقة ويشربون الخمر، وكون يزيد بهذا الحال بحسب المنطق الغربي ليس شيء مهم بل عادي، ما هي الخصوصية في يزيد؟

    أراد الحسين أن يقول أن يزيد مستهتر بالمبادئ، خارج عن كل الخطوط، محارب للقرآن الكريم لأن القرآن الكريم يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90]

    إصرار يزيد على شرب الخمر هو محاربة للقرآن، والحسين أراد أن يقول أن يزيد مشغول بالملذات واللهو وليس مؤهلاً لقيادة الأمة حتى يسلِّم الأمة إليه، يزيد بالمقارنة مع موقع الرسالة وموقع الإمام لا يمكن أن يبايع، وهذا ما أصر عليه الحسين يوم عاشوراء: ”ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون «يقول الله في كتابه: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8]»، وجذور طابت «يعني علي بن أبي طالب، أبو طالب، عبد المطلب»، وحجور طهرت «يعني فاطمة الزهراء، خديجة بنت خويلد، فاطمة بنت أسد، آمنة بنت وهب»، وأنوف حمية، ونفوس أبية أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، ألا وإني مقدم بهذه الأسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر“.
    إذن الإمام أوضح المنطلق وهو صيانة موقع الرسالة وموقع الإمامة عن الإذلال ببيعة يزيد بن معاوية.

    المنطلق الثاني: إحياء الدين، إحياء العدالة التي ماتت في ذلك الزمن وفي تلك الفترة، وهذا ما صرح به في قوله: ”إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي“.

    المنطلق الثالث: أراد إحياء إرادة الأمة بعد أن غلفت وخدرت، منذ شهادة الإمام علي بن أبي طالب عام 40 هـ إلى وفاة معاوية عام 60 هـ ، عشرون عاماً إرادة الأمة تخدرت وتراجعت، إرادة الأمة ضمرت، أراد الحسين أن يحرك الإرادة ويوقظها إلى أن الدين أهم من المكاسب الشخصية، أن الدين أهم من الأموال والثروات، أراد الحسين أن يؤجج إرادة الأمة وأن يوقظ ضميرها، ولذلك قال: ”إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه“
    وهكذا امتدت صرخته صلوات الله وسلامه عليه، وهكذا أبان الحسين أهدافه ومنطلقاته...



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X