إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عبرة السجاد سَرمديةٌ ..حتى الفَتح المَنشود

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبرة السجاد سَرمديةٌ ..حتى الفَتح المَنشود


    عبرة السجاد سَرمديةٌ ..حتى الفَتح المَنشود

    *فضيلة المحروس*

    إمام ، معصوم ، تقي ، حجة الله ،وخليفته ،في الأرض والسماء ، بقي من بعد مصاب أبيه ناصرًا لرسالته، وفاتحًا لمشروعه ، ومنتحبًا عليه ،ونادبًا ومتلهفًا أربعين عامًا لم يهدأ ولم يفتر ، حتى قيل انه في عزاء وبكاء على أبيه في كل آن وحين وأمام كل مشهد وحالة، حتى قدر بكاؤه في اليوم الواحد أكثر من مرة. وما وضع بين يديه الكريمتين من طعام إلّا واستعبر ،وما أخذ إناءً ليشرب منه إلّا وملأه دمًا عبيطًا .. حتى كادت نفسه الطاهرة ان تخرج عدة مرات مع زفراته وعبراته المخنوقة ، كلما تذَكر وذُكّر بمصرع أبيه ومصرع بني فاطمة.
    وبفضل مآتم وعزاء السجاد المسهب المتواصل على مصاب أبيه صاحب العبرة الساكبة والمصيبة الراتبة، وبفضل شعيرة دموعه وعبراته وندبته وبكائه الذي لم ينضب حينًا ولم يفتر على أبيه، قيل انه أول من أسس لها قواعدها ورواسيها وأبقاها خالدة تلوح في الخافقين .حتى جعلت شعيرة من أعظم شعائر الله تعالى، تطفئ بها نيران جهنم ، وتزيد من ضياء الجنان وجمال ونور وجه الحور العين ، باشرت على إحيائها وإقامتها ملائكة السموات والأرض ، نذرت نفسها حبًا وكرامة للحسين على ملازمة قبره الشريف، فوج يهبط وفوج يصعد، تستغفر وتترحم على زواره ومحبيه.


    شعيرة من أعظم مصاديق المودة والولاء لآل الرسول صلوات الله وسلامه عليهم ،تفردت بها بكل فخر واعتزاز مجالس الشيعة "مجالس السيرة والرثاء والعَبرة " ، استمد منها المؤمنون العون والصبر والثبات على البلاء ومحن الطريق ،ولها الفضل الكبير على ما تركته من أثرٍ وحماسٍ وتفاعل في قلوبهم وعلى أنفسهم و مشاعرهم المرهفة اتجاه الحسين ومصيبته، حتى أصبح المؤمن منهم ما ان يتذكر الحسين إلّا ويستعبر ، وبدونها لم تستقم مآتمنا وتصبح خاوية من المشاعر والوجدان.

    استطاع الإمام زين العابدين علي بن الحسين صلوات الله وسلامه عليه وبفضل سلاح دمعته الساكبة وعلومه النيرة وعطائه الجزيل طوال مرحلة عمره الشريفة بعد واقعة الطف، ان يستحضر الأنظار نحو مشروع "الفتح المبين" الذي نشده أبوه الحسين من وراء نهضته وخروجه الكريم إلى كربلاء (من تخلف عنا لم يبلغ الفتح )، فقد استقطب لأجله جل قلوب وعقول العبيد والشعراء والبلغاء وأصحاب الألسن والكلم ، ورجالات التغيير والثورة والحماس، وأنشئهم على تعاليم دين جده المصطفى محمد صلى الله عليه وآله، وأعدهم رسل ودعاة على إحياء سننه ، وعلى إقامة وإحياء شعائر أبيه سيد الشهداء ،ونشر رسالته على أكبر وأوسع نطاق في كل أرجاء المعمورة.

    شعيرة غامرة عظمها الله تعالى في القران الكريم ، بذكر قصة بكاء النبي يعقوب وحزنه الطويل على ابنه يوسف حتى ابيضت عيناه كما قال عزّ شأنه {وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}84 يوسف، فما جزاء من سكب دمعته وعبرته وناح وأعول على من هو أفضل من خُلق، سبط خاتم الأنبياء والمرسلين ،سيد شباب أهل الجنة، حيث جاءت في وهم أهل "الذكر والبيان" " العترة الطاهرة: ( فَعَلَى مِثْلِ الْحُسَيْنِ فَلْيَبْكِ الْبَاكُونَ فَإِنَّ الْبُكَاءَ عَلَيْهِ يَحُطُّ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ "..و" كُلُّ الْجَزَعِ والْبُكَاءِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا الْجَزَعَ والْبُكَاءَ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ)..

    وما كان بكاء وندبة وتلهث وجزع وفزع إمامنا زين العابدين وحزنه المديد على أبيه بعد واقعة كربلاء، وقوله: "كادت نفسي أن تخرج ".. وكذلك بكاء وندبة وحرقة إمامنا المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليه وهو يخاطب بألم وفي كل حين جده الحسين ويقول له " فلأندبنّك صباحًا ومساءً ، ولأبكينَّ عليك بدل الدموع دمًا ".. إلّا نظير جزع جدهما علي أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بعد شهادة رسول الله وشهادة ابنته السيدة فاطمة الزهراء البتول ، كما جاء في قوله "يا رسول الله أمّا حزني فسَرمَد وأما ليلي فمسهّد، وهمٌ لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك.. واه واهًا والصَّبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزامًا معكوفًا، ولأعولتُ إعوال الثكلى على جليل الرزيّة، .."و" نفسي على زفراتها.** محبوسة ياليتها خرجت مع الزفرات".

    عبارات هنا وهناك تحثُ على ضرورة الندبة والجزع والهلع والفزع والضجيج والحزن بكل مصاديقه على مصاب أبي عبدالله الحسين ،حتى مع وجود الضرر والهلاك.. فأين ذا وذاك من ندبتنا وحزننا ومجالسنا ..فهل من متأمل؟.
    ستبقى دمعة السجاد سرمدية تنعى على الحسين وعلى مصابه حتى أخر فتحٍ موعود. مهما كانت ظلامات و قيود واعتبارات البشر ، " إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَيْنِ "صلوات الله وسلامه عليه " حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَبْرُدُ أَبَدًا"..
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X