إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾.[1]
    المثل: الشبه، والقول في شيء يشبه قولا في شيء آخر يبين أحدهما الآخر.
    وذكر الأمثال في الكلام من أهم جهات الفصاحة والبلاغة وإنما يؤتى بها لتقريب المعاني إلى الأذهان وقد اعتنى بها الله تعالى في القرآن الكريم قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّٰاسِ فِي هذَا اَلْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾.
    [2]
    النعاق والنعيق كالنعيب هو تصويت الغراب في الأصل، وقد يطلق على تصويت الراعي لغنمه، وتريد الآية ان تبيّن ان دعاء نبي الإسلام للكافرين في نبذهم لجهلهم واعتناقهم هذا الدين القويم الثري بالمعارف الراقية، كمن يصيح بموجودات لا تسمع من صيحته الاّ أصواتا لا تفهم معناها ولا تشخص ما أريد بها، فكما انّ دعاء هذا الداعي للحيوانات العجم فاقد للأثر كذلك دعاء النبي للكفرة فاقد للأثر، وان كان الفارق بين الطرفين عظيما جدّا؛ فان الحيوان الأعجم لا يتوقع منه الفهم لقصور في خلقته لكن الكافر انسان قابل لأن يفهم كل شيء بالتفهم، مضافا الى انّ الحيوان الأعجم يجيب داعيه بما عوّده عليه ولا يتفلّت عن اجابته بالمرة، والكافر المتعنّت لا يحصل منه توجه أصلا.
    فكلمة ما في قوله تعالى: ﴿بِما لا يَسْمَعُ اسم موصول لغير العاقل ونتيجة لعدم انقياد الكفرة لدعوة النبي بعد بسط الحجة لهم واقامة البيّنة عليهم، يثبت لهم على تفتح احداقهم وانطلاق ألسنتهم وصحة اسماعهم انّهم عمى؛ لأنهم لما تحسّسوا من الحق وشاهدوه اعرضوا عنه فكأنهم لم يروه كالعميان بالمرّة، وانّهم بكم لأنّهم لم تنطلق ألسنتهم بما وعوه، وانّهم صم لأنهم لم تبد عليهم آثار السماع.
    ولا بد من تقييد الذين كفروا بكونهم مصرّين على الكفر معاندين، وطبعا ان المعاند لا تنفعه حجة لأنه ليس بصددها حتى ينتفع بها، وكافة المنحرفين عن الايمان من اهل الأفهام لاجوّن معاندون، لا انّهم لا يفهمون فان البشر ومهما يكن بطيئا في فهمه قابل للتفهيم ونتيجة التفهيم الأيمان بلا ريب.
    وفي كتاب تفسير البيان للشيخ الطبرسي عن الباقر-عليه السلام:- ((أي مثلهم في دعائك إيّاهم إلى الإيمان كمثل الناعق في دعائه المنعوق به من البهائم التي لا تفهم، وإنّما تسمع الصوت)).
    [3]
    وعليه فيكون المعنى أنّ الكفرة لانهماكهم في التقليد لا يلقون أذهانهم إلى ما يتلى عليهم، ولا يتأمّلون فيما يقرّر معهم، فهم في ذلك كالبهائم الّتي ينعق عليها فتسمع الصوت ولا تعرف مقصده، وتحسّ بالنداء ولا تفهم معناه.
    وقيل: معناه: ومثلهم في اتّباعهم آباءهم وتقليدهم لهم، كمثل البهائم الّتي لا تسمع إلاّ ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته، فكذلك هؤلاء يتّبعونهم على ظاهر حالهم ولا يفقهون أهم على حقّ أم على باطل‌؟
    وقيل: هو تمثيلهم في دعائهم الأصنام بالناعق في نعقه، وهو التصويت على البهائم. وهذا يغني عن الإضمار، لكن لا يساعده قوله: ﴿إِلاّٰ دُعاءً ونِداءً أي صوتا من الناعق وزجرا مجرّدا من غير فهم شيء آخر، والفرق بين الدعاء والنداء أنّ الدعاء للقريب والنداء للبعيد.
    وذلك لأنّ‌ الأصنام لا تسمع، إلاّ أن يجعل ذلك من باب التمثيل المركّب.
    ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ رفع على الذمّ‌، أي هم صمّ كأنّهم يتصاممون عن سماع الحقّ وهم بمنزلة الخرس في أن لم يستجيبوا لما دعوا إليه فَهُمْ لاٰ يَعْقِلُونَ‌ أي: بالفعل، للإخلال بالنظر.
    ﴿عُمْيٌ﴾ من حيث إعراضهم عن الدلائل كأنّهم لم يشاهدوها.
    ثمّ إنّه تعالى لمّا شبّههم بفاقدي هذه القوى الثلاث فرّع على هذا التشبيه قوله: ﴿فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ ولا يكتسبون الحقّ ممّا جبّلوا عليه من العقل الغريزيّ ولهذا قيل: من فقد حسّا فقد علما، وليس المراد نفي أصل العقل لأنّ نفيه رأسا لا يصلح طريقا للذمّ‌.


    [1] سورة البقرة، الآية: 171.
    [2] سورة الروم، الآية: 58.
    [3] تفسير الصافي، ج 1، ص 211.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X