إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.[1]
    تنبيه من الباري عز وجل لجميع من آمن به عن حق وصدق، وأيقن ان التشريع مختص بالخالق العظيم دون المخلوق الجاهل الحقير.
    وهو يناديهم لينبئهم أنني فرضت عليكم شريعة القصاص في القتل بالتفصيل الذي جاء في الآية السابقة.
    ثم هو تعالى يبين لهم حكمة هذا التشريع، ويوقظ فيهم التعقل والتدبر لهذه الحكمة البالغة.
    ومن ثم ندرك آفاق الاسلام وبصره الواسع عند كل تشريع لهذه الامة المرحومة، فالإسلام يلبيها بتقرير شريعة القصاص، فالعدل الجازم هو الذي يكسر شره النفوس ويفثأ حنق الصدور، ويردع الجاني الاثيم، كيلا يتمادى في طغيانه، ويجعل حكم القصاص حياة للامة فيقول عزّ وجل: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾، انه ليس الانتقام وليس ارواء الاحقاد، انما هو رادع للتكرار وعبرة لأرباب النفوس الشريرة، وفي القصاص حياة على معناها الاشمل الاعم. فالاعتداء على الحياة موت والسبب الذي هو القصاص من الجاني حياة للباقين ولو ترك هذا القصاص لتكرر في كل يوم.
    وهذا ما يفسر لنا ندرة عدد الجرائم التي أقيمت فيها الحدود على عهد النبي صلى الله عليه وآله.
    ﴿ولَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‌﴾ وقد سلح الاسلام الامة المسلمة بهذا السلاح القوي، وهذا الرادع النفسي والحارس اليقظ في داخل الضمائر، وفي حنايا القلوب الى جانب الشريعة النيرة البصيرة وهناك القصاص الثاني و﴿مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا
    [2] و ﴿..فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا..[3].
    بيان ذلك أن من أيقن بأنه إذا قتل نفسا محترمة في الإسلام بلا جرم فإنه يقتل بجرم المقتول، فهو ينزجر طبعا ويندم عمّا عزم عليه، وينصرف عن قصده، فحينئذ يسلم كلّ من الجاني والمجني عليه، ويعيشان إلى أجلهما المسمّى، وفي ذلك حياة لكليهما. فقوله سبحانه واضح الصدق، ولكنه - وا أسفا - لا يعمل به في أكثر الأحكام في هذه الأيام مع ما فيه من مصالح النوع. وهذه الآية الكريمة من أوجز الكلام وأفصحه وأبلغه. يٰا أُولِي اَلْأَلْبٰابِ‌ أي يا ذوي العقول المفكّرة. وقد نادى تعالى من له قابليّة التأمل والتدبّر في حكم القصاص وفوائده ومصالحه لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ‌ أي من أجل ان تتجنّبوا القتل مخافة القصاص.
    وفي الأخبار ذكر أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اَلطَّبْرِسِيُّ فِي كتابه اَلْإِحْتِجَاجِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ : ((فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَكُمْ فِي اَلْقِصٰاصِ حَيٰاةٌ يٰا أُولِي اَلْأَلْبٰابِ﴾، وَلَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ فِي اَلْقِصَاصِ حَيَاةٌ لِأَنَّ مَنْ هَمَّ بِالْقَتْلِ فَعَرَفَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ فَكَفَّ لِذَلِكَ عَنِ اَلْقَتْلِ كَانَ ذَلِكَ حَيَاةَ اَلَّذِي هَمَّ بِقَتْلِهِ، وَحَيَاةً لِهَذَا اَلْجَانِي اَلَّذِي أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ وَحَيَاةً لِغَيْرِهِمَا مِنَ اَلنَّاسِ إِذَا عَلِمُوا أَنَّ اَلْقِصَاصَ وَاجِبٌ لاَ يَجْتَرُونَ عَلَى اَلْقَتْلِ مَخَافَةَ اَلْقِصَاصِ ﴿يٰا أُولِي اَلْأَلْبٰابِ﴾، أُولِي اَلْعُقُولِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: عِبَادَ اَللهِ هَذَا قِصَاصُ قَتْلِكُمْ لِمَنْ تَقْتُلُونَهُ فِي اَلدُّنْيَا وَتُفْنُونَ رُوحَهُ أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَعْظَمَ مِنْ هَذَا اَلْقَتْلِ وَمَا يُوجِبُهُ اَللهُ عَلَى قَاتِلِهِ مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا اَلْقِصَاصِ قَالُوا: بَلَى يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللهِ قَالَ: أَعْظَمُ مِنْ هَذَا اَلْقَتْلِ أَنْ يَقْتُلَهُ قَتْلاً لاَ يَنْجَبِرُ وَلاَ يَحْيَا بَعْدَهُ أَبَداً قَالُوا: مَا هُوَ قَالَ: أَنْ يُضِلَّهُ عَنْ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ وَعَنْ وَلاَيَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اَللهِ عَلَيْهِمَا وَيَسْلُكَ بِهِ غَيْرَ سَبِيلِ اَللهِ وَيُغْرِيَهُ بِاتِّبَاعِ طَرَائِقِ أَعْدَاءِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَاَلْقَوْلِ بِإِمَامَتِهِمْ وَدَفْعِ عَلِيٍّ عَنْ حَقِّهِ وَجَحْدِ فَضْلِهِ وَأَلاَّ يُبَالِيَ بِإِعْطَائِهِ وَاجِبَ تَعْظِيمِهِ فَهَذَا هُوَ اَلْقَتْلُ اَلَّذِي هُوَ تَخْلِيدُ اَلْمَقْتُولِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً أَبَداً فَجَزَاءُ هَذَا اَلْقَتْلِ مِثْلُ ذَلِكَ اَلْخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ )).
    [4]

    [1] سورة البقرة، الآية: 179.
    [2] سورة النساء، الآية: 93.
    [3] سورة المائدة، الآية: 32.
    [4] وسائل الشيعة، ج 29، ص 53.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X