إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.[1]
    حرمة القتال في الشهر الحرام ممّا أكّد عليه القرآن في قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ[2]، فلا يجوز الابتداء بالقتال في الشهر الحرام إلاّ أنّ الدفاع عن حرم الله جلّ جلاله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله وحرم أئمة المعصومين عليهم السلام وحرم المؤمنين وعن أنفسهم وأموالهم لا يتوقّف حتّى يخرج الشهر الحرام؛ فمقابلة شهر الحرام بالشهر الحرام يعني «إن استحلّوا منكم في الشهر الحرام شيئا، فاستحلّوا منهم مثل ما استحلوا منكم».
    ويستفاد من الآية الكريمة فقهيا: -
    أولا: يحرم القتال في الأشهر الحرم، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم، بالكتاب والسنّة، نعم إذا بدأ الكفّار في القتال في تلك الأشهر جاز قتالهم فيها على أساس أنّه دفاع في الحقيقة، ولا شبهة في جوازه فيها، وكذا يجوز قتالهم في تلك الأشهر قصاصا، وذلك كما إذا كان الكفّار بادئين في القتال في شهر من تلك الأشهر جاز للمسلمين أن يبدؤا فيه في شهر آخر من هذه الأشهر في هذه السنة أو في السنة القادمة.
    ثانيا: يجوز بمقتضى الآية أنّ الغاصب والظالم إذا لم يردّ المظلمة أن يؤخذ من ماله قدر ما غصب سواء كان بحكم الحاكم أو لا ويعتبر في المقاصّة ثبوت أصل الحقّ شرعا، وتحقّق المطالبة من صاحبه، وجحود من عليه الحقّ أو مماطلته ولها شرائط أخر.
    فقال عز وجل: ﴿وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ﴾، تعليل لما قبله أي القصاص يجرى في الحرمات كما يجرى في النفوس والجروح ﴿فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ﴾، تسمية قصاص الكافرين بالاعتداء من باب المشاكلة ولا شك أنّ هذا الكلام لا يعمّ جميع أنواع الظلم وأقسام الجناية التي لا مانع لأعداء الله من ارتكابها خصوصا بالنسبة إلى غير المقاتلين من الكفّار أو التعدي إلى غير قتل المقاتلين؛ وقد وضح ذلك الأمر فِي نَهْجِ اَلْبَلاَغَةِ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي وَصِيَّتِهِ لِلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : ((يَا بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ اَلْمُسْلِمِينَ خَوْضاً تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ أَلاَ لاَ يُقْتَلَنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي اُنْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ (هَذِهِ اَلضَّرْبَةِ) فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ وَلاَ يُمَثَّلْ بِالرَّجُلِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ إِيَّاكُمْ وَاَلْمُثْلَةَ وَلَوْ بِالْكَلْبِ اَلْعَقُورِ)).
    [3] وروي عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((نَهَى رَسُولُ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنْ يُلْقَى اَلسَّمُّ فِي بِلاَدِ اَلْمُشْرِكِينَ)).[4]
    بل السياق والعبارة تشهدان بأنّ قوله تعالى: ﴿فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ﴾، مختصّ بمن تعدّى إلى الحرمات المخصوصة بالله من الشهر الحرام والبلد الحرام وسائر شعائر الله؛ روي عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلاً فِي اَلْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ اَلْحَرَمَ فَقَالَ: لاَ يُقْتَلُ وَلاَ يُطْعَمُ وَلاَ يُسْقَى وَلاَ يُبَايَعُ وَلاَ يُؤْوَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ اَلْحَرَمِ فَيُقَامَ عَلَيْهِ اَلْحَدُّ، قُلْتُ: فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَتَلَ فِي اَلْحَرَمِ أَوْ سَرَقَ فَقَالَ: يُقَامُ عَلَيْهِ اَلْحَدُّ صَاغِراً إِنَّهُ لَمْ يَرَ لِلْحَرَمِ حُرْمَةً وَقَدْ قَالَ اَللهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ﴾، يَقُولُ هَذَا فِي اَلْحَرَمِ فَقَالَ: ﴿فَلاٰ عُدْوٰانَ إِلاّٰ عَلَى اَلظّٰالِمِينَ﴾))
    [5]، ولهذا عقبّه بقوله: ﴿واِتَّقُوا اَللهَ‌﴾؛ منعهم من أن يأخذوا التشفي بدل قصاص الحرمات في سبيل الله، ثمّ قال: ﴿واِعْلَمُوا أَنَّ اَللهَ مَعَ اَلْمُتَّقِينَ‌﴾، أي إذا تركتم التقوى ترككم الله ووكّلكم إلى أنفسكم. ومعيّة الله مع المتقين من باب الرحمة الخاصّة.

    [1] سورة البقرة، الآية: 194.
    [2] سورة البقرة، الآية: 217.
    [3] وسائل الشيعة، ج 29، 128.
    [4] الكافي، ج 5، ص 28.
    [5] تهذيب الأحكام، ج 5، ص 463.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X