بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.[1]
﴿لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِم﴾، الإيلاء: يمين على ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر إضرارا بها والتربص الانتظار والفتنة الرجوع والعزم الإرادة والطلاق حلّ عقدة النكاح: الذي يحلف على ترك وطء زوجته اقلّ من أربعة أشهر لا يسمّى موليا شرعا وانما هو حالف بيمين متعارفة تلحقه أحكامها وكذلك من يحلف على ترك وطئها أكثر من أربعة أشهر استصلاحا لمزاجها او طفلها او لحال نفسه فإنه ليس موليا شرعا وانما هو مقسم بيمين سائرة امّا الذي يحلف على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر لأجل ان يغيظها ويضرّها وينتقم منها فإن مثل هذا يقال له مولى شرعا.
إذا فمن شريطة الإيلاء الشرعي ان يكون الزمان المحلوف على ترك وطء الزوجة فيه أكثر من أربعة أشهر، وأن يكون ذلك لأجل إزعاجها واغاظتها وتحريك حميّتها، فإذا توفرت هذه الشروط كان للمولى من الحق ألا يطالب ولا يزعج الى خلاف يمينه مدة أربعة أشهر؛ لأنّ لكل زوج من الحق ان لا يطأ زوجته فيما دون أربعة أشهر وهو حق عام للمولى وغير المولى، امّا إذا انتهت الأربعة الأشهر الزم بالرجوع الى زوجته او تطليقها.
فإن صادف إلزامه بالرجوع إليها انتهاء المدة المحلوف عليها كأن حلف ان لا يطأها أربعة أشهر وعشرة أيام مثلا وانتهت المدة قبل الإلزام فلا كفارة عليه؛ لأنّه برّ بيمينه وأن صادف ذلك والمدة باقية ولم يرد الطلاق فلا بدّ من الكفارة وهي كفارة يمين، والرجوع من القادر الجماع ومن المعذور اظهار العزم عليه متى قدر وأن عزم الطلاق فله ذلك.
وقوله سبحانه عقيب الفئة بعد الإيلاء ﴿فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، معناه ان الله يغفر له بادرته مع زوجته وهي اغاظتها واغضابها والحلف على ترك وطئها باعتبار أن الفئة منه ندم واستقالة. وقد ورد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ اَلثَّانِي عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ كَيْفَ صَارَتْ عِدَّةُ اَلْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثَ حِيَضٍ أَوْ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَصَارَتْ عِدَّةُ اَلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَقَالَ: أَمَّا عِدَّةُ اَلْمُطَلَّقَةِ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ فَلاِسْتِبْرَاءِ اَلرَّحِمِ مِنَ اَلْوَلَدِ وَأَمَّا عِدَّةُ اَلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَإِنَّ اَللهَ تَعَالَى شَرَطَ لِلنِّسَاءِ شَرْطاً وَشَرَطَ عَلَيْهِنَّ شَرْطاً فَلَمْ يُحَابِهِنَّ فِيمَا شَرَطَ لَهُنَّ وَلَمْ يَجُرْ فِيمَا اِشْتَرَطَ عَلَيْهِنَّ (أَمَّا مَا) شَرَطَ لَهُنَّ فِي اَلْإِيلاَءِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ إِذْ يَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾، فَلَمْ يُجَوِّزْ لِأَحَدٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي اَلْإِيلاَءِ لِعِلْمِهِ تَبَارَكَ اِسْمُهُ أَنَّهُ غَايَةُ صَبْرِ اَلْمَرْأَةِ عَنِ اَلرَّجُلِ وَأَمَّا مَا شَرَطَ عَلَيْهِنَّ فَإِنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ إِذَا مَاتَ زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَأَخَذَ مِنْهَا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ مَا أَخَذَ لَهَا مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ عِنْدَ اَلْإِيلاَءِ قَالَ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَلَمْ يَذْكُرِ اَلْعَشَرَةَ اَلْأَيَّامَ فِي اَلْعِدَّةِ إِلاَّ مَعَ اَلْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَلِمَ أَنَّ غَايَةَ اَلْمَرْأَةِ اَلْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فِي تَرْكِ اَلْجِمَاعِ فَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَهُ عَلَيْهَا وَلَهَا)).[2]
وعَنِ اَلْحَلَبِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) عَنِ اَلرَّجُلِ يَهْجُرُ اِمْرَأَتَهُ مِنْ غَيْرِ طَلاَقٍ وَلاَ يَمِينٍ سَنَةً لَمْ يَقْرَبْ فِرَاشَهَا. قَالَ: ((«لِيَأْتِ أَهْلَهُ». وَقَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنِ اِمْرَأَتِهِ - وَاَلْإِيلاَءُ: أَنْ يَقُولَ: لاَ وَاَللهِ لاَ أُجَامِعُكِ كَذَا وَكَذَا، وَيَقُولُ: وَاَللهِ، لَأَغِيظَنَّكِ. ثُمَّ يُغَاضِبُهَا - فَإِنَّهُ يَتَرَبَّصُ بِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ يُؤْخَذُ بَعْدَ اَلْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيُوقَفُ، فَإِنْ فَاءَ - وَاَلْإِيفَاءُ: أَنْ يُصَالِحَ أَهْلَهُ - ﴿فَإِنَّ اَللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، فَإِنْ لَمْ يَفِئْ جُبِرَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ، وَلاَ يَقَعُ بَيْنَهُمَا طَلاَقٌ حَتَّى يُوقَفَ، وَإِنْ كَانَ أَيْضاً بَعْدَ اَلْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ»)).[3]
[1] سورة البقرة، الآية: 226.
[2] الكافي، ج 6، ص 113.
[3] وسائل الشيعة، ج 22، ص 347.