السلوك الإنساني مرآة تعكس حركة النفس وتكاملها, فكلّ سلوك يصدر عن الفرد ما هو إلّا نتيجة تخلّق نفسه بما يحمله من قيم ومعانٍ تعبّر
عن واقع النفس وجوهرها, فبناء شخصيّة الإنسان ما هي إلّا حركة مستمرة لاكتساب سلوك تنمويّ جديد محمود, وهذا يعني أنّ الإنسان
لغرض تكامل سلوكه واستقامته يفتقر إلى دعائم وأسس وأركان يعتمد عليها في إعداد شخصيته وتنميتها والوصول بها إلى المرتبة الأخلاقية
العالية الرفيعة, قال الرسول صلى الله عليه واله:
" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"(1).
فالإسلام له عناية بالغة بهذا الجانب، وأعدّ له مفاهيم خاصة تؤدي إلى تماسك شخصية الإنسان وصلابتها وتحلّيها بالفضائل, وهذه الاستقامة
المطلوبة أمر شاق، تفتقر إلى الجهد وتحتاج إلى العوامل المساعدة, لذا تعدّ الزيارة من عوامل الارتقاء بالنفس وتنميتها وتغييرها من حال إلى
حال، وكذا تنمية المجتمع وبناؤه وتطوره نحو الأحسن والأفضل, كلّ ذلك يحصل إذا كانت العلاقة بين الزائر والمزور قائمة على أساس معرفة
حقّ المزور وأدائه, وليست مقصودة لأجل قضاء حاجات شخصية دنيوية, بل المقصود منها تلك المعاني السامية والمضامين العالية التي تحملها
بين طياتها, قال الرسول صلى الله عليه واله: "إذا عمل أحدكم عملاً فليتقن"(2).
فينبغي على الزائر أن تكون زيارته قائمة عن أساس معرفة حقّ الشخصية المزورة، والانقياد لها بالطاعة، وتجديد لها العهد بالبيعة والوفاء,
بهذه الصفة تصبح الزيارة كشجرة طيبة تؤتي أُكلها كلّ حين بإذن ربّها، تغذي المجتمع وتنميه ليصبح انموذجاً متكاملاً وقدوة لبقية الأمم والأديان.
.................................
(1) ميزان الحكمة: ج1, ص804.
(2) الكافي: ج3, ص316.
إيمان حسون كاظم
تم نشره في مجلة رياض الزهراء العدد97