إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

اللذة الآجلة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللذة الآجلة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد

    أنت حريص على الوصول إلى الله، والله أحرص منك على ذلك وهو خالقك وحبيبك؛ فلماذا تخاف وتتردد؟

    كن صادقاً وضع نفسك في الطريق إلى الله، فإن الجاذبية الإلهية تجذبك إلى الأعلى. وهذا يُشبه التزلق على الجليد. إن المتزلق الذي يصعد إلى قمة الجبل، لا يحتاج منه النزول إلا أن يضع رجله على الطريق فينحدر من دون توقف إلى أن يستقر في أسفل الوادي.

    إن جاذبية الأرض مهشمة ولكن الجاذبية الإلهية ترفعك إلى الأعلى كالصواريخ.

    لا تشتك من البيئة السيئة.

    كن صادقاً ولا تبالي عندها ولا تضرب الأخماس في الأسداس، ولا تقل: لا من حولي ، ولا تقل: أبي، ولا تقل: إنني في بلاد الغرب؛ لأن الله يجتبي من يشاء. إن الذي يشتكي من البيئة الضاغطة ويظن أنه يعيش في أسوء بيئة عليه أن يقرأ قصة امرأة فرعون.

    لم نعهد ظالماً في طوال التأريخ قال: أنا ربكم الأعلى؛ فهي ماركة مسجلة باسمه على الرغم من أن الطغاة كلهم يشتركون في القتل والتعذيب والحرق وما شابه ذلك من الأفعال الإجرامية.

    وكانت صفة ذي الأوتاد من صفات فرعون لأنه كان يوتد بالمسامير الضحية، وهذا ما فعله مع آسية. تلك المرأة التي كان يزروها في الليل نبي من الأنبياء، ولذلك قالت: (رَبِّ ٱبنِ لِي عِندَكَ بَيتا فِي ٱلجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرعَونَ وَعَمَلِهِۦوَنَجِّنِي مِنَ ٱلقَومِ ٱلظَّـٰلِمِينَ).

    وأنت تأس بالسيدة آسيا ولا تقل: ابن لي بيتا في الجنة؛ فكل بيوت الجنة قد بناها الله سبحانه ولكن قل: ابن لي عندك.

    إن السيدة مريم (ع) كانت تأتيها الفاكهة من عند الله وكان العلم الذي حصل عليه خضر من عند الله حتى خرج من أجل هذا العلم موسى (ع) يطلبه من بلد إلى بلد. ابحث عن هذه العندية وعن اللذة البديلة للذائذ الدنيا الفانية المحرمة.

    إننا نشاهد في أيامنا هذه حالة من حالات الغضب على الطب البديل من قبل الأطباء لأنهم قد صادروا أسواقهم واستولوا على زبائنهم. وكما أن هناك طب بديل، هناك لذة بديلة. إن الذي يعيش من دون تلذذ، يصبح خواءً أو جماداً؛ فلابد من التلذذ من الحلال، لأنها إذا فُقدت في الحلال بحث عنها الناس في الحرام. وإذا ما وجدت اللذة الباطنية؛ فإنك ستبحث عن اللذة الخارجية. إن بعض المرضى النفسيين ممن يعانون من الاكتئاب يجدون علاجهم في الأكل؛ فهم ياكلون كثيرا ولذلك يسمنون. ولكن المؤمن علاجه ولذته في الصيام وفي عدم الأكل. فهو عندما يصوم يشعر بالبطولة؛ خاصة في الصيف الحار الذي تطول أيامه. إن لذة ترك الأكل، ألذ عنده من لذة الأكل.

    ماذا نعمل لنصل إلى هذه اللذة الباطنية؟

    لا تتوقع أن تحصل على هذه اللذة في بدايات الطريق؛ لأنها لذة لا تأتي إلا في أواخره. فلابد من أن تصلي صلاة الليل فترة من الزمن لكي تتغير ذائقتك. إذا قلت لطفلة تلعب بدميتها: أعطيني الدمية، وسأعطيك شهادة دكتورا، فستقول لك: وما لي ولهذه الورقة، أعطني دميتي. لأن هذا هو مستواها ولا تستطيع أن تنظر إلى أبعد من هذه الدمية. ولهذا عندما تبلغ الخامسة عشر من عمرها تجمع الألعاب في كيس وترميها خارجاً، لأنها مرحلة من اللذة قد انطوت؛ فهي تبحث عن شيء آخر يسليها. حاول أن تخرج من مرحلة التلذذ باللذة العاجلة؛ إلى التلذذ بالآجلة. هذا هو الطريق إلى تغيير زاوية نظر النفس ووجهتها.

    لماذا يأنس البعض بالخلوة مع من يحب؟
    لأن الخلوة تتيح له فرصة التزود من الحبيب من دون أن يشغله شاغل. لقد ورد في حديث قدسي: (أَيُّمَا عَبْدٍ اِطَّلَعْتُ عَلَى قَلْبِهِ فَرَأَيْتُ اَلْغَالِبَ عَلَيْهِ اَلتَّمَسُّكَ بِذِكْرِي تَوَلَّيْتُ سِيَاسَتَهُ وَكُنْتُ جَلِيسَهُ وَمُحَادِثَهُ وَأَنِيسَهُ)
    الغالب هو أن يكون همك الأكبر ذكر الله سبحانه، لا أن تملأ الفراغات بالذكر. والذي وصل إلى هذه الدرجة لا يحتاج إلى أنيس، فكيف يحتاج إلى من يصفه الإمام (ع) في مناجاته: (يَا خَيْرَ مَنْ خَلاَ بِهِ وَحِيدٌ، وَيَا أَعْطَفَ مَنْ أَوَى إِلَيْهِ طَرِيدٌ).

    قل لهذا الأمير الذي في باطنك: اترك اللذائذ المحرمة، لتذوق فضل الله عز وجل وحلاوة الأنس والقرب.​
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X