بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك شبهات تثار من قبل مخالفين اهل البيت عليهم السلام حيث يقولون ان عند اهل السنه الكثير من الكتب التي الفت في الفقه وغيرها حيث تعتبر مصدر لمعرفة الاحكام الشرعية, فلماذا ائمة اهل البيت لانجد عندهم مؤلفات في ذلك ؟
نقول : على الرغم من أن الكتب الروائية والرجالية تنسب العديد من الكتب والرسائل إلى الأئمة (عليهم السلام)، مثل كتاب “السنن والقضايا والأحكام” الذي ينسبه رجال النجاشي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونهج البلاغة مشهور من خطب امير المؤمنين عليه السلام جمعة الشريف الرضي وتفسير الامام الحسن العسكري أو “الرسالة الأهوازية” للإمام الصادق (عليه السلام)، أو الرسالة التي روى الكليني أن الإمام الصادق (عليه السلام) كتبها لأصحابه، وعشرات الأمثلة الأخرى التي ذكرها العلامة الأميني في “أعيان الشيعة” و السيد محمدرضا الحسیني الجلالي في “تدوين السنة الشريفة” بتفصيل، إلا أن أيا من هذه الكتابات لم يكن كتابًا شاملًا في الفقه.
نسعى الآن لفهم السبب وراء عدم تأليف الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، لكتاب شامل في الفقه.
وللوصول إلى تحليل دقيق لهذه المسألة، سنطرح ثلاثة أسئلة أساسية:
ما هي الدوافع وراء أهمية تأليف كتاب شامل في الفقه؟
هل كانت الظروف المحيطة بالأئمة المعصومين تسمح لهم بتأليف كتاب جامع في الفقه؟
لا يمكن تجاهل أهمية تأليف الأئمة المعصومين (عليهم السلام) لكتاب في الفقه، فلو أنهم قاموا بتأليف كتاب أو كتب فقهية، كما فعل مالك والشافعي (مع عدم المقارنة بينهم وبين الأئمة)، لربما كان ذلك كفيلاً بحسم العديد من التعارض والخلافات الواردة في الروايات، وهو أمر بالغ الأهمية.
ولفهم أهمية هذا الموضوع، يمكن الرجوع إلى مقدمة كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، حيث يذكر أسباب تأليفه لهذا الكتاب القيم.
ولكن يمكن تجنب الخلافات بطرق أخرى، قد تكون أسهل وأقل كلفة وأكثر فائدة. وللتوضيح، يجب أن نعلم أن نشر الكتب والمصنفات في عصر كان فيه الأئمة (عليهم السلام)، يعانون من اضطهاد شديد كان أمراً بالغ الصعوبة، بل كان مستحيلاً دون مساعدة السلطة الحاكمة. ولعلّ قصة تأليف كتاب “الموطأ” لمالك بن أنس بدعم من المنصور العباسي خير دليل على ذلك.
لذلك ونظراً للضغوط الشديدة التي مورست على الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من قبل الحكومة، فمن الطبيعي أن تتخذ هذه الدولة كافة الإجراءات لمنع انتشار آراء الأئمة (عليهم السلام)، وأفكارهم. ويتضح ذلك جلياً في المعاملة التي قوبل بها أبوحنيفة، رغم أنه لم يكن يشكل تهديداً مباشراً للسلطة. فكيف كان سيكون الحال مع الأئمة (عليهم السلام)، الذين كانوا يمثلون تهديداً حقيقياً للسلطة القائمة؟ خاصة وأنهم كانوا يتمتعون بشعبية كبيرة، بل إن بعض علماء أهل السنة ك الذهبي قد أقر بفضائلهم وأهلية خلافتهم (عليهم السلام).
بل إن الأمر قد يتجاوز ذلك، فحتى لو لم تمنع السلطة الحاكمة من نشر كتب الأئمة، لربما امتنع الأئمة أنفسهم عن ذلك. وذلك لأن العديد من فتواهم تتعارض مع فتاوى أهل السنة، ونشر كتاب جامع يوضح هذه الاختلافات بشكل صريح يتعارض مع نهج التقية الذي أوصى به الأئمة (عليهم السلام).
من ناحية أخرى، كان الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، يركزون على النقل الشفوي، حيث كان هذا الأمر أسهل وأقل كلفة. أما أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، الذين لم يتعرضوا للمضايقات نفسها، فقد اهتموا بالتدوين والتأليف، وقد شجعهم الأئمة (عليهم السلام)، على ذلك كما هو واضح في كتب مثل وسائل الشيعة
من جانب آخر، نسأل: هل يؤدي تأليف كتاب جامع في الفقه إلى حل الخلاف والنزاع في جميع العصور؟ الجواب هو لا. ذلك أن الكتاب لا يمكنه أن يحل إلا مسألة الصدور، وحتى ذلك بقدر من التغاضي. وذلك لأن كل كتاب، وخاصة في عصر كان النسخ فيه هو الوسيلة الوحيدة للنشر، يتعرض مع مرور الزمن إلى اختلاف في النسخ، وصعوبة تحديد النسخة الصحيحة، بل واستحالة ذلك في بعض الأحيان.
بفرض أن تأليف كتاب حلَّ مشاكل وإبتلاءات الصدور، فإن هذا هو بداية الطريق فقط، ولا تزال هناك الكثير من الخلافات والتناقضات. وأوضح مثال على ذلك هو اختلاف العلماء المسلمين وتعارض أقوالهم وآرائهم حول القرآن الكريم.
المسألة الأخيرة هي أن تأليف كتاب جامع من قبل الأئمة (عليهم السلام)، قد لا يكون مفيدًا بل قد يؤدي إلى مشاكل أخرى. ولشرح هذا القول، فإن الأئمة (عليهم السلام)، كانوا يعيشون بين شيعتهم حتى نهاية القرن الثالث، وكان الشيعة يستطيعون الوصول إليهم حتى ذلك الوقت، ولكن منذ أواخر القرن الثالث حرم الشيعة من رؤية الإمام عليه السلام ودخلوا في فترة الغيبة، فكيف يمكن قبول أن يترك الأئمة (عليهم السلام)، شيعتهم لقرون طويلة في حيرة وتيه في عالم يتغير باستمرار؟”
فالسؤال هنا: ما هو الحل الذي قدمه الأئمة (عليهم السلام)، لهذه المشكلة؟
يبدو، وبناءً على الروايات العديدة التي تحث الشيعة على الرجوع إلى الفقهاء، أن الأئمة، وخاصة الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، قد اهتموا بتربية فقهاء لتلبية حاجات الشيعة الفقهية بناءً على المبادئ الشيعية.
لذا، بدلاً من الانشغال بتأليف كتاب، وهو أمر يواجه العديد من الصعوبات من حيث الإمكانية والفائدة، فقد قاموا بتربية فقهاء ومعلمين قادرين على تأليف كتب متعددة في كل عصر، وتدريب أجيال من التلاميذ لتلبية احتياجات المجتمع الشيعي.
وهذا الأسلوب هو الأنسب لمجتمع قد يواجه تحديات و مسائل مستجدة وجديدة ومستمرة، فهو أكثر فاعلية من تأليف كتاب واحد أو مجموعة كتب في الفقه.
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك شبهات تثار من قبل مخالفين اهل البيت عليهم السلام حيث يقولون ان عند اهل السنه الكثير من الكتب التي الفت في الفقه وغيرها حيث تعتبر مصدر لمعرفة الاحكام الشرعية, فلماذا ائمة اهل البيت لانجد عندهم مؤلفات في ذلك ؟
نقول : على الرغم من أن الكتب الروائية والرجالية تنسب العديد من الكتب والرسائل إلى الأئمة (عليهم السلام)، مثل كتاب “السنن والقضايا والأحكام” الذي ينسبه رجال النجاشي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونهج البلاغة مشهور من خطب امير المؤمنين عليه السلام جمعة الشريف الرضي وتفسير الامام الحسن العسكري أو “الرسالة الأهوازية” للإمام الصادق (عليه السلام)، أو الرسالة التي روى الكليني أن الإمام الصادق (عليه السلام) كتبها لأصحابه، وعشرات الأمثلة الأخرى التي ذكرها العلامة الأميني في “أعيان الشيعة” و السيد محمدرضا الحسیني الجلالي في “تدوين السنة الشريفة” بتفصيل، إلا أن أيا من هذه الكتابات لم يكن كتابًا شاملًا في الفقه.
نسعى الآن لفهم السبب وراء عدم تأليف الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، لكتاب شامل في الفقه.
وللوصول إلى تحليل دقيق لهذه المسألة، سنطرح ثلاثة أسئلة أساسية:
ما هي الدوافع وراء أهمية تأليف كتاب شامل في الفقه؟
هل كانت الظروف المحيطة بالأئمة المعصومين تسمح لهم بتأليف كتاب جامع في الفقه؟
لا يمكن تجاهل أهمية تأليف الأئمة المعصومين (عليهم السلام) لكتاب في الفقه، فلو أنهم قاموا بتأليف كتاب أو كتب فقهية، كما فعل مالك والشافعي (مع عدم المقارنة بينهم وبين الأئمة)، لربما كان ذلك كفيلاً بحسم العديد من التعارض والخلافات الواردة في الروايات، وهو أمر بالغ الأهمية.
ولفهم أهمية هذا الموضوع، يمكن الرجوع إلى مقدمة كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، حيث يذكر أسباب تأليفه لهذا الكتاب القيم.
ولكن يمكن تجنب الخلافات بطرق أخرى، قد تكون أسهل وأقل كلفة وأكثر فائدة. وللتوضيح، يجب أن نعلم أن نشر الكتب والمصنفات في عصر كان فيه الأئمة (عليهم السلام)، يعانون من اضطهاد شديد كان أمراً بالغ الصعوبة، بل كان مستحيلاً دون مساعدة السلطة الحاكمة. ولعلّ قصة تأليف كتاب “الموطأ” لمالك بن أنس بدعم من المنصور العباسي خير دليل على ذلك.
لذلك ونظراً للضغوط الشديدة التي مورست على الأئمة المعصومين (عليهم السلام) من قبل الحكومة، فمن الطبيعي أن تتخذ هذه الدولة كافة الإجراءات لمنع انتشار آراء الأئمة (عليهم السلام)، وأفكارهم. ويتضح ذلك جلياً في المعاملة التي قوبل بها أبوحنيفة، رغم أنه لم يكن يشكل تهديداً مباشراً للسلطة. فكيف كان سيكون الحال مع الأئمة (عليهم السلام)، الذين كانوا يمثلون تهديداً حقيقياً للسلطة القائمة؟ خاصة وأنهم كانوا يتمتعون بشعبية كبيرة، بل إن بعض علماء أهل السنة ك الذهبي قد أقر بفضائلهم وأهلية خلافتهم (عليهم السلام).
بل إن الأمر قد يتجاوز ذلك، فحتى لو لم تمنع السلطة الحاكمة من نشر كتب الأئمة، لربما امتنع الأئمة أنفسهم عن ذلك. وذلك لأن العديد من فتواهم تتعارض مع فتاوى أهل السنة، ونشر كتاب جامع يوضح هذه الاختلافات بشكل صريح يتعارض مع نهج التقية الذي أوصى به الأئمة (عليهم السلام).
من ناحية أخرى، كان الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، يركزون على النقل الشفوي، حيث كان هذا الأمر أسهل وأقل كلفة. أما أصحاب الأئمة (عليهم السلام)، الذين لم يتعرضوا للمضايقات نفسها، فقد اهتموا بالتدوين والتأليف، وقد شجعهم الأئمة (عليهم السلام)، على ذلك كما هو واضح في كتب مثل وسائل الشيعة
من جانب آخر، نسأل: هل يؤدي تأليف كتاب جامع في الفقه إلى حل الخلاف والنزاع في جميع العصور؟ الجواب هو لا. ذلك أن الكتاب لا يمكنه أن يحل إلا مسألة الصدور، وحتى ذلك بقدر من التغاضي. وذلك لأن كل كتاب، وخاصة في عصر كان النسخ فيه هو الوسيلة الوحيدة للنشر، يتعرض مع مرور الزمن إلى اختلاف في النسخ، وصعوبة تحديد النسخة الصحيحة، بل واستحالة ذلك في بعض الأحيان.
بفرض أن تأليف كتاب حلَّ مشاكل وإبتلاءات الصدور، فإن هذا هو بداية الطريق فقط، ولا تزال هناك الكثير من الخلافات والتناقضات. وأوضح مثال على ذلك هو اختلاف العلماء المسلمين وتعارض أقوالهم وآرائهم حول القرآن الكريم.
المسألة الأخيرة هي أن تأليف كتاب جامع من قبل الأئمة (عليهم السلام)، قد لا يكون مفيدًا بل قد يؤدي إلى مشاكل أخرى. ولشرح هذا القول، فإن الأئمة (عليهم السلام)، كانوا يعيشون بين شيعتهم حتى نهاية القرن الثالث، وكان الشيعة يستطيعون الوصول إليهم حتى ذلك الوقت، ولكن منذ أواخر القرن الثالث حرم الشيعة من رؤية الإمام عليه السلام ودخلوا في فترة الغيبة، فكيف يمكن قبول أن يترك الأئمة (عليهم السلام)، شيعتهم لقرون طويلة في حيرة وتيه في عالم يتغير باستمرار؟”
فالسؤال هنا: ما هو الحل الذي قدمه الأئمة (عليهم السلام)، لهذه المشكلة؟
يبدو، وبناءً على الروايات العديدة التي تحث الشيعة على الرجوع إلى الفقهاء، أن الأئمة، وخاصة الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، قد اهتموا بتربية فقهاء لتلبية حاجات الشيعة الفقهية بناءً على المبادئ الشيعية.
لذا، بدلاً من الانشغال بتأليف كتاب، وهو أمر يواجه العديد من الصعوبات من حيث الإمكانية والفائدة، فقد قاموا بتربية فقهاء ومعلمين قادرين على تأليف كتب متعددة في كل عصر، وتدريب أجيال من التلاميذ لتلبية احتياجات المجتمع الشيعي.
وهذا الأسلوب هو الأنسب لمجتمع قد يواجه تحديات و مسائل مستجدة وجديدة ومستمرة، فهو أكثر فاعلية من تأليف كتاب واحد أو مجموعة كتب في الفقه.
تعليق