اللهم صل على محمد وآل محمد
قوله تعالى : ( وَ قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصاری عَلی شَيْءٍ وَ قالَتِ النَّصاری لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلی شَيْءٍ وَ هُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّـهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) )
- سورة البقرة (2): آية 113.
قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام :
إنما أنزلت الآية لأن قوما من اليهود، و قوما من النصارى جاءوا إلى رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، فقالوا: يا محمد، اقض بيننا.
فقال « صلى الله عليه وآله » : قصوا علي قصتكم.
فقالت اليهود: نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم و أوليائه، و ليست النصارى على شيء من الدين و الحق.
و قالت النصارى: بل نحن المؤمنون بالإله الواحد الحكيم و أوليائه، و ليست اليهود على شيء من الدين و الحق.
فقال رسول الله « صلى الله عليه وآله » : كلكم مخطئون مبطلون، فاسقون عن دين الله و أمره.
فقالت اليهود: كيف نكون كافرين و فينا كتاب الله التوراة نقرؤه؟
و قالت النصارى: كيف نكون كافرين و لنا كتاب الله الإنجيل نقرؤه؟
فقال رسول الله « صلى الله عليه وآله » : إنكم خالفتم-أيها اليهود و النصارى-كتاب الله و لم تعملوا به، فلو كنتم عاملين بالكتابين لما كفر بعضكم بعضا بغير حجة، لأن كتب الله أنزلها شفاء من العمى، و بيانا من الضلالة، يهدي العاملين بها إلى صراط مستقيم،
و كتاب الله إذا لم تعملوا به كان وبالا عليكم، و حجة الله إذا لم تنقادوا لها كنتم لله عاصين، و لسخطه متعرضين.
ثم أقبل رسول الله « صلى الله عليه وآله » على اليهود، فقال: احذروا أن ينالكم بخلاف أمر الله و بخلاف كتابه ما أصاب أوائلكم الذين قال الله فيهم: فَبَدَّلَ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ اَلَّذِي قِيلَ لَهُمْ و أمروا بأن يقولوه.
قال الله تعالى: فَأَنْزَلْنََا عَلَى اَلَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ اَلسَّمََاءِ
عذابا من السماء، طاعونا نزل بهم فمات منهم مائة و عشرون ألفا، ثم أخذهم بعد ذلك فمات منهم مائة و عشرون ألفا أيضا،
و كان خلافهم أنهم لما بلغوا الباب رأوا بابا مرتفعا، فقالوا: ما بالنا نحتاج إلى أن نركع عند الدخول هاهنا، ظننا أنه باب منحط لا بد من الركوع فيه، و هذا باب مرتفع، إلى متى يسخر بنا هؤلاء؟
- يعنون موسى و يوشع بن نون- و يسجدوننا في الأباطيل، و جعلوا أستاههم نحو الباب، و قالوا بدل قولهم: حطة، الذي أمروا به: هطا سمقانا-يعنون حنطة حمراء-فذلك تبديلهم.
و قال أمير المؤمنين عليه السلام : فهؤلاء بنو إسرائيل نصب لهم باب حطة، و أنتم-يا معشر أمة محمد-نصب لكم باب حطة أهل بيت محمد (عليه و عليهم السلام) ،
و أمرتم باتباع هداهم و لزوم طريقتهم، ليغفر لكم بذلك خطاياكم و ذنوبكم، و ليزداد المحسنون منكم،
و باب حطتكم أفضل من باب حطتهم، لأن ذلك كان باب خشب، و نحن الناطقون الصادقون المؤمنون الهادون الفاضلون، كما قال رسول الله « صلى الله عليه وآله » :
إن النجوم في السماء أمان من الغرق، و إن أهل بيتي أمان لأمتي من الضلالة في أديانهم، لا يهلكون فيها ما دام فيهم من يتبعون هداه و سنته.
أما إن رسول الله « صلى الله عليه وآله » قد قال: من أراد أن يحيا حياتي، و أن يموت مماتي، و أن يسكن جنة عدن التي و عدني ربي، و أن يمسك قضيبا غرسه بيده، و قال له: كن فكان، فليتول علي بن أبي طالب، و ليوال وليه، و ليعاد عدوه، و ليتول ذريته الفاضلين المطيعين لله من بعده،
فإنهم خلقوا من طينتي، فرزقوا فهمي و علمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي» .
--------------------------
البرهان في تفسير القرآن ؛ هاشم بن سليمان البحراني: ج1 ؛ ص 309 - 310 .