تصنيف العواطف الجيدة والسيئة
يمر الإنسان في حياته بمختلف أنواع الأحاسيس، من فرحٍ وحزنٍ وغضبٍ وخوفٍ وعزةٍ وراحة، وتقلّب الأحاسيس الذي يمر به الإنسان هو من أهم مواضع اختبار الفرد.
الكثير من الناس يصنف الأحاسيس إلى جيدة وسيئة بمعيار بسيط وهو كالآتي:
1-المشاعر الجيدة هي التي أحب الإحساس بها كالفرح والعزة والفكاهة والارتياح.
2-المشاعر السيئة هي التي لا أحب الإحساس بها كالحزن والغضب والخوف والندم.
ولو لاحظنا هذه المنهجية في تصنيف العواطف لوجدناها لا تخلو من العيوب، فأولاً أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وفطره على هذه المشاعر وحاشى أن يكون خلقها عبثاً – فضلاً عن خلقها لتكون مضرة للإنسان!
فلكل عاطفة يحس بها الإنسان غاية وهدف ومصلحة، فالفرح هو الذي يدفع الإنسان نحو النجاح والإنجاز، والخوف هو الذي يُبعد الإنسان عن مصادر الخطر، وغياب هذه العواطف يتصارع مع المصالح التي جُعلت لها، فبدون الغضب ما الذي يدفع الإنسان ليحامي عن مقدّساته؟ عن عرضه وعن ماله وكرامته؟
هذه المشاعر وإن بدا بعضها سلبياً كالخوف والغضب فإنّه يلبي مصلحة مهمة في تكامل حياة الإنسان.
وعلى ذلك فما هو المنهج الصحيح لتصنيف المشاعر لإيجابية أو سلبية؟
هنا نقول أن منهجية تقييم العواطف ليست بذات العواطف وإنما في محل توظيفها، فالفرح عند الإنجاز والكسب إيجابي لأنه في محله الصحيح ويحقق المصلحة المطلوبة، ولكن عندما يصاب أخي أو صديقي بمكروه أو ضرر ويفرحني ذلك فهذا الفرح فرحٌ سلبيّ لأنّه في غير محله.
اختلف تصنيف المثالين وإن كان كلاهما فرح، ولكن المحل اختلف، فاختلف التقييم.
ما الفائدة من هذه المعلومة؟
في الكثير من الأحيان يصاب الإنسان ببعض المشاكل النفسية أو لنقل عاطفية، كالعصبية مثلاً، ولكن الشخص الذي يصنف الأحاسيس بالطريقة البسيطة الخاطئة عندما يحاول معالجة مشكلة العصبية يقوم بمحاولة إصلاح شعور الغضب الذي لا خلل فيه وهو طبيعي، ففور ما يغضب يكبت إحساسه ومشاعره ويكذب على نفسه" لا أنا مو معصب!" ولعل هذا المثال يرد كثيراً في المجالس وخصوصاً في النقاشات الحادة يغضب شخصٌ فإذا قيل له "زعلت؟" أو "عصّبت؟" فيقول "لا أنا مو معصب أنا هادي أصلاً!"، فيحاول إصلاح عصبيته بكبت أحاسيسه وبما أنّ المشكلة ليست في الغضب بعينه فلا تفلح محاولاته وعادةً ما تنتهي بانفجارٍ من العصبية في موضعٍ آخر، فضلاً عن الضغط النفسي والاضطراب الذي سببه لنفسه.
وهنا تكمن فائدة التقييم الصحيح للمشاعر، فالذي يقيّم مشاعره بطريقة سليمة لا يحاول كبت إحساس الغضب لديه، فهو يعلم أن الغضب ليس سبب المشكلة، وإنّما توظيفها في غير محلها، فعندما يشعر بالغضب يتسالم مع شعوره ولكن يتساءل " لماذا أنا غاضب؟ وهل هذا السبب مبرر لي لأشعر بالغضب؟" ومن هنا يعالج المشكلة من جذورها وربما في البداية سيكتشف أنّ غضبه ليس في محلّه لكن إحساسه بالغضب باقٍ لم يذهب! ومع ذلك شيئاً فشيئاً ومع المعالجة المستمرة تبدأ مشكلته بالتلاشي لأنه عالج المرض من مسببه ولم يشتت نفسه بإصلاح مشاعره السليمة.
وهذه الطريقة هي علاج لا ينحصر بمشكلة العصبية فقط، وإنّما لكل المشاكل التي تتعلق بالعاطفة.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
يمر الإنسان في حياته بمختلف أنواع الأحاسيس، من فرحٍ وحزنٍ وغضبٍ وخوفٍ وعزةٍ وراحة، وتقلّب الأحاسيس الذي يمر به الإنسان هو من أهم مواضع اختبار الفرد.
الكثير من الناس يصنف الأحاسيس إلى جيدة وسيئة بمعيار بسيط وهو كالآتي:
1-المشاعر الجيدة هي التي أحب الإحساس بها كالفرح والعزة والفكاهة والارتياح.
2-المشاعر السيئة هي التي لا أحب الإحساس بها كالحزن والغضب والخوف والندم.
ولو لاحظنا هذه المنهجية في تصنيف العواطف لوجدناها لا تخلو من العيوب، فأولاً أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وفطره على هذه المشاعر وحاشى أن يكون خلقها عبثاً – فضلاً عن خلقها لتكون مضرة للإنسان!
فلكل عاطفة يحس بها الإنسان غاية وهدف ومصلحة، فالفرح هو الذي يدفع الإنسان نحو النجاح والإنجاز، والخوف هو الذي يُبعد الإنسان عن مصادر الخطر، وغياب هذه العواطف يتصارع مع المصالح التي جُعلت لها، فبدون الغضب ما الذي يدفع الإنسان ليحامي عن مقدّساته؟ عن عرضه وعن ماله وكرامته؟
هذه المشاعر وإن بدا بعضها سلبياً كالخوف والغضب فإنّه يلبي مصلحة مهمة في تكامل حياة الإنسان.
وعلى ذلك فما هو المنهج الصحيح لتصنيف المشاعر لإيجابية أو سلبية؟
هنا نقول أن منهجية تقييم العواطف ليست بذات العواطف وإنما في محل توظيفها، فالفرح عند الإنجاز والكسب إيجابي لأنه في محله الصحيح ويحقق المصلحة المطلوبة، ولكن عندما يصاب أخي أو صديقي بمكروه أو ضرر ويفرحني ذلك فهذا الفرح فرحٌ سلبيّ لأنّه في غير محله.
اختلف تصنيف المثالين وإن كان كلاهما فرح، ولكن المحل اختلف، فاختلف التقييم.
ما الفائدة من هذه المعلومة؟
في الكثير من الأحيان يصاب الإنسان ببعض المشاكل النفسية أو لنقل عاطفية، كالعصبية مثلاً، ولكن الشخص الذي يصنف الأحاسيس بالطريقة البسيطة الخاطئة عندما يحاول معالجة مشكلة العصبية يقوم بمحاولة إصلاح شعور الغضب الذي لا خلل فيه وهو طبيعي، ففور ما يغضب يكبت إحساسه ومشاعره ويكذب على نفسه" لا أنا مو معصب!" ولعل هذا المثال يرد كثيراً في المجالس وخصوصاً في النقاشات الحادة يغضب شخصٌ فإذا قيل له "زعلت؟" أو "عصّبت؟" فيقول "لا أنا مو معصب أنا هادي أصلاً!"، فيحاول إصلاح عصبيته بكبت أحاسيسه وبما أنّ المشكلة ليست في الغضب بعينه فلا تفلح محاولاته وعادةً ما تنتهي بانفجارٍ من العصبية في موضعٍ آخر، فضلاً عن الضغط النفسي والاضطراب الذي سببه لنفسه.
وهنا تكمن فائدة التقييم الصحيح للمشاعر، فالذي يقيّم مشاعره بطريقة سليمة لا يحاول كبت إحساس الغضب لديه، فهو يعلم أن الغضب ليس سبب المشكلة، وإنّما توظيفها في غير محلها، فعندما يشعر بالغضب يتسالم مع شعوره ولكن يتساءل " لماذا أنا غاضب؟ وهل هذا السبب مبرر لي لأشعر بالغضب؟" ومن هنا يعالج المشكلة من جذورها وربما في البداية سيكتشف أنّ غضبه ليس في محلّه لكن إحساسه بالغضب باقٍ لم يذهب! ومع ذلك شيئاً فشيئاً ومع المعالجة المستمرة تبدأ مشكلته بالتلاشي لأنه عالج المرض من مسببه ولم يشتت نفسه بإصلاح مشاعره السليمة.
وهذه الطريقة هي علاج لا ينحصر بمشكلة العصبية فقط، وإنّما لكل المشاكل التي تتعلق بالعاطفة.
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين