إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ﴾

    بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ

    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾.[1]

    هنا الحديث عن سلوك اليهود وموقفهم من رسالة الإسلام، فيقدّم النص شريحة أخرى من سلوك اليهود، ألا وهو تعاونهم مع المشركين مقابل الإسلام، فبالرغم من أنهم أصحاب كتاب، وبالرغم من أنهم يعرفون جيدا أحقية الإسلام حيث تضمّن كتابهم هذه الحقيقة فكتموها، بالرغم من ذلك كله يتعاونون مع المشركين ويقولون لهم: أنتم أهدى سبيلا من المؤمنين برسالة الإسلام. وإذا انسقنا مع النصوص المفسرة التي تقول بأن المشركين طلبوا من اليهود أن يسجدوا لكل من الجبت والطاغوت وأنهم قد فعلوا ذلك، حقدا على رسالة الإسلام، حينئذ يضاف إلى فعلهم المنكر منكر آخر هو - كما ذكر النص - يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ والطاغوت‌.
    ومن الواضح - في ميدان اللغة النفسية - أنّ الشاذ والمضطرب (واليهود يمثلّون أشد الأقوام والأفراد شذوذا طوال التاريخ) يتضخم حجم شذوذه واضطرابه بقدر ما يكتنزه في أعماقه من الكراهية التي تمزّق وتؤثّر في الشخصية، وقد بلغ الشذوذ لديهم إلى الدرجة التي لم يكتفوا من خلالها بمجرد كتمانهم أحقية رسالة الإسلام، بل اندفعوا إلى أن يتعاونوا مع الكافرين إلى درجة أنهم خلعوا على الكافر سمة (الهداية) وعلى المؤمن عكس ذلك. كل هذا تعبيرا عن شدة التمزق والانشطار النفسي. لذلك ما أن انتهى المقطع القرآني الكريم من تقرير هذه الحقيقة حتى أخذ يكشف جانبا من الأسباب النفسية التي تدفعهم إلى مثل هذا الموقف المنكر.
    فالتزكية هي التنزيه والفتيل الشيء القليل الذي لا يعتدّ به نظير الفتيل الذي يفتل من الوسخ من بين الأصابع والافتراء هو تعمّد الكذب والإثم المبين هو الذنب الواضح الجلي والخطاب في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾، كما يجوز توجيهه للنبي يجوز أن يكون لكل من تتأتى منه الرؤية و﴿الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم﴾، قد يراد بهم معهود خاص وهم اليهود أو يقال انظر أيّها الرائي أو يا محمّد كيف يفتري هؤلاء القائلون حيث قالوا: ﴿..نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ..
    [2]، أو النصارى معهم حيث ﴿وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى[3]، وقد يراد بهم معهود جنسي وهو كل من يزكّي نفسه، وكفى بمثل هذا الافتراء جرما واضحا وما داعيه الاّ الاعتزاز بالنفس و حبّ الذات.
    وهذا الاستفهام ﴿أَلَمْ تَرَ﴾، للتعجب والاستنكار ومعناه اعجب لكل من يزكي نفسه كأنه خلصها من كافة الشوائب بل كل من يزكّي نفسه فأنه ابعد عن الواقع من الساكت عنها لأن هذا المزكي لم يزكها الاّ وهو حسن الظن بنفسه وكل من حسن ظنّه بنفسه كثرت خطاياه فبعد عن موجبات التزكية، والتزكية الفاقدة لكافة الشكوك والأوهام هي تزكية علاّم الغيوب الذي يعلم من العبد ما لا يعلمه العبد من نفسه ولذلك قال تعالى: ﴿بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ﴾، وهو العبد الخالص ولا يظلم الله عبدا ذمّه أو مدحه في قليل ما نسبه اليه فضلا عن الكثير.
    فالله تعالى يزكي من يشاء من عباده المؤمنين الصالحين الذين تأهّلوا لذلك؛ لأنّه عزّ وجلّ العليم الخبير بالحقائق وخفايا الأمور، وكما وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام: ((لاَ يَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الْقَلِيلَ، وَلا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ، فَهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ، إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي، وَرَبِّي أَعْلَمُ مِنِّي بِنَفْسي! اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، وَاجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ))
    [4].
    قد زكى جلّ‌ شأنه في القرآن الكريم أنبياءه العظام ورسله الكرام وبعض أوليائه بالصلاح والتقوى وعلى رأسهم سيدهم وسيد الخلق أجمعين محمد وكذلك اهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.


    [1] سورة النساء، الآية: 49.
    [2] سورة المائدة، الآية: 18.
    [3] سورة البقرة، الآية: 111.
    [4] نهج البلاغة، ص 226.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X