بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المبدأ الانساني
لقد أريد للمسلمين المؤمنين أن يكونوا إخوة ، وذلك بهدف السمو بعلاقات هذا الإنسان عن المستوى المصلحي وجعلها علاقة إلهية خالصة تصل إلى درجة الأخوة ، وليكون أثرها في التعامل بين المسلمين أكثر طبيعية وانسجاما ، وبعيدا عن النوازع النفسية ، التي ربما توحي للأخوين المتعاونين بأمور من شأنها أن تعقد العلاقات بينهما ولو نفسيا على أقل تقدير.
ورغم أن الإسلام قد قرر ذلك ، وأكد على أن المؤمن أخو المؤمن أحب أم كره ، وحمله مسؤولية العمل بمقتضيات هذه الأخوة ، إلا أنه قد كان ثمة حاجة إلى إظهار ذلك عمليا ، بهدف توثيق عرى المحبة وترسيخ أواصر الصداقة والمودة كما هو معلوم ، وليكون الهدف السامي قد انطلق من العمل السامي أيضا.
انت اخي وانا اخوك
وروى أحمد بن حنبل وغيره :
أنه «صلى الله عليه وآله» آخى بين الناس ، وترك عليا حتى الأخير ، حتى لا يرى له أخا ؛ فقال : يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك وتركتني؟
فقال :
إنما تركتك لنفسي ، أنت أخي ، وأنا أخوك ، فإن ذكرك أحد ، فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدعيها بعدك إلا كذاب ، والذي بعثني بالحق ، ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي (١).
ومن طريف الأمر : أنه «عليه السلام» قد قال هذه الكلمة بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» : أنا عبد الله وأخو رسوله ، وذلك في خضم الأحداث التي انتهت بغصب الخلافة من وارث النبي «صلى الله عليه وآله» ، فكذبوه؟!
وقالوا له : أما عبدالله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا (٢) ، فاعجب بعد هذا ما بدا لك!!
انت اخي ووارثي
وقوله «صلى الله عليه وآله» :
وأنت أخي ووارثي يطرح علينا سؤالا ، وهو أنه إذا كان المراد : أنه وارث لعلم النبي «صلى الله عليه وآله» دون غيره ، فمن أولى بمقام النبي «صلى الله عليه وآله» منه؟!
وإن كان المراد : أنه وارثه بقول مطلق ، حتى المال ، فيرد عليه : أن المال كان حقا لفاطمة «عليها السلام» (3) ، وقد استولى الذين جاؤوا بعد النبي «صلى الله عليه وآله» على أموالها ، ومنها فدك وغيرها كما سنذكره حين الكلام حول غزوة بني النضير في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ومهما يكن من أمر ، فإن التأمل في عملية المؤاخاة يعطينا : أنه قد لوحظ فيها المسانخة بين الأشخاص ، وتشابه وتلاؤم نفسياتهم ، وإلى ذلك أشار الأزري رحمه الله حينما قال مخاطبا عليا «عليه السلام» :
لك ذات كذاته حيث لو لا *** أنها مثلها لما آخاها
تواتر حديث المؤاخاة :
وعلى كل حال ، فإن حديث المؤاخاة متواتر لا يمكن إنكاره ، ولا التشكيك فيه ، ولا سيما مؤاخاة النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام» ، سواء في المؤاخاة الأولى في مكة ، أم في الثانية في المدينة ، وهو مروي عن عشرات من الصحابة والتابعين كما يتضح للمراجع (4).
وقد روي : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لعلي «عليه السلام» : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش ، نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب (5).
وعليه فلا يصغى لدعوى أن النبي قد آخى بين علي وعثمان (6) ، أو بين نفسه «صلى الله عليه وآله» وعثمان ؛ فإن ذلك لا ريب في بطلانه (7) ؛ فإن المقصود من ذلك هو الرفع من شأن عثمان ، وتكذيب فضيلة لعلي «عليه السلام» ، بل وجعل عثمان وعلي «عليه السلام» في مستوى واحد ، وكيف؟! وأنى؟!
------------------------------------اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المبدأ الانساني
لقد أريد للمسلمين المؤمنين أن يكونوا إخوة ، وذلك بهدف السمو بعلاقات هذا الإنسان عن المستوى المصلحي وجعلها علاقة إلهية خالصة تصل إلى درجة الأخوة ، وليكون أثرها في التعامل بين المسلمين أكثر طبيعية وانسجاما ، وبعيدا عن النوازع النفسية ، التي ربما توحي للأخوين المتعاونين بأمور من شأنها أن تعقد العلاقات بينهما ولو نفسيا على أقل تقدير.
ورغم أن الإسلام قد قرر ذلك ، وأكد على أن المؤمن أخو المؤمن أحب أم كره ، وحمله مسؤولية العمل بمقتضيات هذه الأخوة ، إلا أنه قد كان ثمة حاجة إلى إظهار ذلك عمليا ، بهدف توثيق عرى المحبة وترسيخ أواصر الصداقة والمودة كما هو معلوم ، وليكون الهدف السامي قد انطلق من العمل السامي أيضا.
انت اخي وانا اخوك
وروى أحمد بن حنبل وغيره :
أنه «صلى الله عليه وآله» آخى بين الناس ، وترك عليا حتى الأخير ، حتى لا يرى له أخا ؛ فقال : يا رسول الله ، آخيت بين أصحابك وتركتني؟
فقال :
إنما تركتك لنفسي ، أنت أخي ، وأنا أخوك ، فإن ذكرك أحد ، فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدعيها بعدك إلا كذاب ، والذي بعثني بالحق ، ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي (١).
ومن طريف الأمر : أنه «عليه السلام» قد قال هذه الكلمة بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» : أنا عبد الله وأخو رسوله ، وذلك في خضم الأحداث التي انتهت بغصب الخلافة من وارث النبي «صلى الله عليه وآله» ، فكذبوه؟!
وقالوا له : أما عبدالله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا (٢) ، فاعجب بعد هذا ما بدا لك!!
انت اخي ووارثي
وقوله «صلى الله عليه وآله» :
وأنت أخي ووارثي يطرح علينا سؤالا ، وهو أنه إذا كان المراد : أنه وارث لعلم النبي «صلى الله عليه وآله» دون غيره ، فمن أولى بمقام النبي «صلى الله عليه وآله» منه؟!
وإن كان المراد : أنه وارثه بقول مطلق ، حتى المال ، فيرد عليه : أن المال كان حقا لفاطمة «عليها السلام» (3) ، وقد استولى الذين جاؤوا بعد النبي «صلى الله عليه وآله» على أموالها ، ومنها فدك وغيرها كما سنذكره حين الكلام حول غزوة بني النضير في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ومهما يكن من أمر ، فإن التأمل في عملية المؤاخاة يعطينا : أنه قد لوحظ فيها المسانخة بين الأشخاص ، وتشابه وتلاؤم نفسياتهم ، وإلى ذلك أشار الأزري رحمه الله حينما قال مخاطبا عليا «عليه السلام» :
لك ذات كذاته حيث لو لا *** أنها مثلها لما آخاها
تواتر حديث المؤاخاة :
وعلى كل حال ، فإن حديث المؤاخاة متواتر لا يمكن إنكاره ، ولا التشكيك فيه ، ولا سيما مؤاخاة النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام» ، سواء في المؤاخاة الأولى في مكة ، أم في الثانية في المدينة ، وهو مروي عن عشرات من الصحابة والتابعين كما يتضح للمراجع (4).
وقد روي : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لعلي «عليه السلام» : إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش ، نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي بن أبي طالب (5).
وعليه فلا يصغى لدعوى أن النبي قد آخى بين علي وعثمان (6) ، أو بين نفسه «صلى الله عليه وآله» وعثمان ؛ فإن ذلك لا ريب في بطلانه (7) ؛ فإن المقصود من ذلك هو الرفع من شأن عثمان ، وتكذيب فضيلة لعلي «عليه السلام» ، بل وجعل عثمان وعلي «عليه السلام» في مستوى واحد ، وكيف؟! وأنى؟!
(١) راجع : نهج الحق في ضمن دلائل الصدق ص ٢٦٧ ، وينابيع المودة ص ٥٦ ، وتذكرة الخواص ص ٢٣ عن أحمد في الفضائل ، وصححه ، وابن الجوزي ، ونقل عن كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٠ ، والرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٩ ، وتاريخ ابن عساكر ج ٦ ص ٢١ ، وكفاية الشنقيطي ص ٣٥ و ٤٤ والثقات ج ١ ص ١٤١ و ١٤٢.
(٢) الإمامة والسياسة ج ١ ص ١٣ ، وأعلام النساء ج ٤ ص ١١٥ ، وتفسير البرهان ج ٢ ص ٩٣.
(3) راجع : الكافي ج ١ ص ٤٥٨ بتحقيق الغفاري ، والبحار (ط حجرية) ج ٨ ص ٢٣١ و (ط جديدة) ج ١٠٠ ص ١٩٧ ، وكشف الغمة ج ٢ ص ١٣٢ ، والأمالي للطوسي ج ١ ص ١٠٨ ، والعوالم ج ١١ ص ٥١٨ ، والأمالي للمفيد (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص ٢٨٣ ، وراجع : مرآة العقول ج ٥ ص ٣٣١ ، وغير ذلك.
(4) راجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٥٣ ، ووفاء الوفاء ج ١ ص ٢٦٧ و ٢٦٨ ، وينابيع المودة ص ٥٦ و ٥٧ عن مسند أحمد ، وتذكرة الخواص ص ٢٢ ـ ٢٤ ، وحكي عن الترمذي أنه صححه ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٠ و ٩٠ ، ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١٤ ، والثقات لابن حبان ج ١ ص ١٣٨ ، وفرائد السمطين ج ١ الباب العشرون ، والفصول المهمة لابن الصباغ ص ٢٢ و ٢٩ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٢٦ وج ٧ ص ٣٥ ، وتاريخ الخلفاء ص ١٧٠ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ٢٦٨ ـ ٢٧٠ عن كنز العمال ، وعن البيهقي في سننه ، والضياء في المختارة ، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند ثمانية أحاديث ، وأبيه في المسند وفي الفضائل ، وأبي يعلى والطبراني ، وابن عدي ، والجمع بين الصحاح الستة ، وأخرج الخوارزمي اثني عشر حديثا ، وابن المغازلي ثمانية أحاديث ، وسيرة ابن هشام ج ٢ ص ١٥٠ ، والغدير ج ٣ ص ١١٢ حتى ص ١٢٥ عن بعض من تقدم وعن المصادر التالية : جامع الترمذي ج ٢ ص ١٣ ، ومصابيح البغوي ج ٢ ص ١٩٩ ، والإستيعاب ج ٢ ص ٤٦٠ ، ترجمة أمير المؤمنين ، وعد حديث المؤاخاة من الآثار الثابتة ، وتيسير الوصول ج ٣ ص ٢٧١ ، ومشكاة المصابيح هامش المرقاة ج ٥ ص ٥٦٩ ، والمرقاة ص ٧٣ ـ ٧٥ ، والإصابة ج ٢ ص ٥٠٧ ، والمواقف ج ٣ ص ٢٧٦ ، وشرح المواهب ج ١ ص ٣٧٣ ، وطبقات الشعراني ج ٢ ص ٥٥ ، وتاريخ القرماني هامش الكامل ج ١ ص ٢١٦ ، وسيرة دحلان هامش الحلبية ج ١ ص ٣٢٥ ، وكفاية الشنقيطي ص ٣٤ ، والإمام علي تأليف محمد رضا ص ٢١ ، والإمام علي لعبد الفتاح عبد المقصود ص ٧٣ ، والفتاوى الحديثية ص ٤٢ ، وشرح النهج ج ٢ ص ٦٢ ، وصححه وعده مما استفاض من الروايات ، وكنز العمال ج ٦ ص ٢٩٤ و ٢٩٩ و ٣٩٠ و ٣٩٩ و ٤٠٠ و ٥٤.
(5) ربيع الأبرار ج ١ ص ٨٠٧ و ٨٠٨.
(6) تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٣٩٧ ، والغدير ج ٩ ص ٩٤ و ٩٥ و ٣١٨ عن الرياض النضرة ج ١ ص ١٧ وعن الطبري ج ٦ ص ١٥٤ ، وعن كامل ابن الأثير ج ٣ ص ٧٠ ، وعن المعتزلي ج ١ ص ١٦٥ ، ولكنه في ج ٢ ص ٥٠٦ ذكر نفس الحديث عن الطبري من دون ذكر الموأخاة!!!.
(7) طبقات ابن سعد ط ليدن ج ٣ ص ٤٧ ، والغدير ج ٩ ص ١٦ عنه.