إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ[1].

    ﴿إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم﴾، تشير وتوحي هذه العبارة الى كل دواب الأرض وطيورها وما يسبح في غمراتها أمما كما أن سائر المكلفين أمم، وكما تعني المماثلة في الحيوية الحيوانية في سائر سؤلها، كذلك وفي كونها جمعية الحياة دون فرديتها، كما قد يخيّل إلى متخيلين أن الإنسان هو فقط مدني بالطبع. ذلك كما وأن آيات النمل والهدهد ودابة من الأرض تكلمهم والنحل وما أشبه، التي تنبّهنا بطرف من حياتها وحيوياتها، تشهد بأنها ﴿أُمَمٌ أَمْثَالُكُم﴾، وطالما يفحص العلم على تقدمه البارع عن حياة مختلف الحيوان، ما يحق أن يفرد وكما أفرد لكلّ كتاب فذ، ولمّا يصل إلى الواقع الحيواني لحياتها المادية، فهي أمم أمثالكم وفي القضايا الروحية، فقد لمحت هذه الآية إلى الكثير من أسرار حياة الحيوان. حقيقة هائلة تستطيع التحليق على ما ناله العلم وما لم ينله أم لن ينله، ومتى ذكرت‌؟ حين لم يكن لهم علم بالإنسان فضلا عن سائر الحيوان. حقيقة تجمع كافة صنوف الحيوان في أممها، لها سماتها وخصائصها وتنظيماتها، كذلك وهي الحقيقة التي تتسع مساحة رؤيتها وهندسة عمارتها كلما تقدم العلم بركبه السريع. والمماثلة في التكليف والجزاء في أصلها، مهما اختلف تكليف ذوي العقول عن ذوي الشعور، كما وإن تكاليف ذوي العقول درجات حسب درجات العقول مهما كانت الطقوس التكليفية على نسق واحد، فقد لا تعني ﴿أَمْثَالُكُم﴾، المماثلة المعلومة الضرورية، بل والمماثلة غير الظاهرة، ينبهنا الله تعالى بها بصورة اجمالية يكتفى بها في الخروج عن المعروف الظاهر إلى غير المعروف لنعرف أن المسؤولية عامة فالحشر إذا عام.
    ومن المشابهة الظاهرة أنه ما من انسان إلاّ وفيه شبه من الحيوان، فمنهم من يقدم إقدام الأسد، ومنهم من يعدو عدو الذئب، ومنهم من ينبح نباح الكلب، ومنهم من يتطوس كالطاووس، ومنهم من يشبه الخنزير، فإنه إن ألقى إليه طيب الطعام تركه إلى خبيثه وإذا قام الرجل عن رجيعه ولغ فيه، فكذلك نجد من الآدميين ألوانا وألوانا.
    فليست العقلية الإنسانية فقط هي محور المسؤولية أمام الله، مهما كانت هي أهم المحاور، بل والعقلية الحيوانية مهما سميناها بالشعور هي أيضا من محاور المسؤولية مهما كانت الدرجات.
    وأما ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا
    [2]، ﴿ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ[3]، فلا تعني طليق العذاب، بل هو عذاب الإهلاك الاستئصال، فلا تنفي العذاب في تخلفات فطرية أو عقلية، حتى تنفي تخلفات شعورية للدواب المحشورة للحساب والجزاء.
    ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾، وترى ما هو الكتاب هنا؟ إنه يعم كلّ كتاب رباني من تكوين وتشريع، فكتاب التكوين يحمل كمال الكائن أيا كان، فكائن الحيوان لا بد له من معرفة مسؤولية كما الإنسان، ثم لا بد له من حشر كما للإنسان مهما اختلفت مسؤولية عن مسؤولية وحشر عن حشر. فكتاب العدل والرحمة الربانية يقتضي أممية الحيوان كما نحن أمم، ويقتضي مسؤوليتها بما هي مختارة كما نحن مسؤولون، وأخيرا يقتضي حشرها كما نحشر.
    و ﴿الْكِتَابِ﴾، بطليق تعبيره في جنسه الشامل لكافة الكتابات الربانية يشمل كأكمل شمول القرآن العظيم، فإنه بيان للكتابين كما يمكن دون إفراط فيه ولا تفريط، وكما أن رسول القرآن شهيد الشهداء كذلك قرآنه المبين وتبيانه المتين المكين: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ
    [4].
    ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾، كما أنتم تحشرون، فقد «يقتص للجماء من القرناء».
    هنا وهناك آيات هي أضراب في الحيطة القرآنية على كلّ شيء، هي مع ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾، وآية النحل أعلاه ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾، وأخرى من الأنعام ﴿ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتابٍ مُبِينٍ‌﴾.


    [1] سورة الأنعام، الآية: 38.
    [2] سورة الإسراء، الآية: 15.
    [3] سورة الأنعام، الآية: 131.
    [4] سورة النحل، الآية: 89.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X