إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ[1].

    ﴿وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾، وذلك الختام بمناسبة البداية والعوان بينهما هو كتاب علم الله، فإنه ﴿مُّبِينٍ﴾، ما يصلح للكينونة كونه، وما يصلح لبيانه بيانه في أيّ من حقول التكوين والتبيين: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
    [2]، وهو اللوح المحفوظ، وهو الكتاب الحفيظ، وهو الإمام المبين.
    أترى كلّ هذه الخمسة مغلقة على غير الله تعالى‌؟ والعلم بظاهر مما في الأرض والسماء مما يعلمها غير الله ضروريا أو نظريا، كما وأن للمطهرين مسّ لما في كتاب مكنون! هذه الخمس مشتركة في اختصاصها بالله في خاصة علمه الحقيقي الذاتي، ومختلفة في طليق العلم بها، فمنها ما لا يعلّمها الله سواه كما لا يعلمها سواه وهي الأولى ﴿مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾، ومنها ما يعلمها المصطفين من عباده المرسلين، وهم حملة غيب الوحي، المعنيون في ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
    [3]، ولكن ليس ممّا يعلّمه إياهم سقوط كلّ ورقة وكلّ حبة في ظلمات الأرض وكلّ‌ رطب ويابس، إذ لا تمت بصلة لرسالاتهم، إلاّ غيب الوحي رسوليّا ورساليا، وكما اختص ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا[4]، وقد تشير ﴿مَفَاتِحُ﴾، بدلا عن «خزائن» أنه الذي يفتح من الغيب كما يرى لأنبيائه وملائكته وسائر أهل خاصته من خلقه، فكلّ ما يتوصل به إلى فتح المبهم وبيان المستعجم يعبر عنه بالمفتح: مكان الفتح وطريقته.
    ولكن هذا المعنى هو ضمن المعني من ﴿مَفَاتِحُ الْغَيْبِ﴾، حيث يتطلب جمع المفتح، والمفتح بمجرده هو الخزينة.
    ذلك وحتى الآيات الرسولية ليست مما يعلمهم إياها ف‍ ﴿إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللهِ
    [5]، اللهم إلاّ التي هي رسالية مع كونها رسولية كالقرآن العظيم حيث علمه رسوله الكريم، علم الوحي مادة وصيغة، دون علمه صياغة.
    ثم من الغيب ما هو كائن غيبه ككلّ الكائنات، وما هو مكوّن مستقبلا أو كان ماضيا ثم فني، وهذه الزوايا الثلاث لمثلث الغيب مختصة بالله إلاّ ما ليس من الغيب المطلق.
    وفي رجعة أخرى إلى الآية نقول: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾، قضية عقلية محلّقة على كافة العلوم الغيبية، شاملة للمحسوس وسواه، ولكي يقرب ذلك المعقول إلى عقول أهل الحس ثنّاه ب‍ ﴿ويَعْلَمُ ما فِي اَلْبَرِّ واَلْبَحْرِ﴾، حيث تشمل كافة المعلومات غيبية وسواها، فهنا إضافة إلى تبيين مدى علمه تعالى بالغيب في سعته إضافة للمشهود إليه وبأحرى. ثم قرّ مرّة أخرى بصورة مستغرقة لعلمه بالغيب والشهادة ﴿وما تَسْقُطُ﴾، ثم عممه رابعة جمعا بين الضابطة العقلية الأولى والمثالين بعدهما للحيطة العلمية الربانية: ﴿ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتابٍ‌ مُبِينٍ‌﴾.
    ويا لها من جولة تدير الرؤوس وتذهل العقول، جولة في آماد الزمان وآفاق المكان، وأغوار من السر والعلن والمعلوم والمجهول، جولة موغلة مترامية الأطراف تشمل فعلية الكون وإمكانيته، وكما تعني في الأصل ذات الله وصفاته وأفعاله المعلومة فقط لديه.
    والإنسان أو أيّا كان من الخليقة العاقلة العالمة ليسبح في بحر من المجهول فلا تقف إلاّ على جزر طافية يتخذ منها معالم في الخضمّ ف‍ ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
    [6]!
    والغيب في الكون كله يحيط بالإنسان كله، غيب في مثلث الزمان والمكان، وغيب في نفسه وفي كيانه، غيب في النشأة الأولى والأخرى والعوان بينهما، وغيب في كلّ شيء مهما يشهد ظاهرا من الكون قليلا ضئيلا لولا فضل الله ورحمته لحرم منه أيضا.

    [1] سورة الأنعام، الآية: 59.
    [2] سورة يونس، الآية: 61.
    [3] سورة الواقعة، الآية: 79.
    [4] سورة الجن، الآية: 27.
    [5] سورة العنكبوت، الآية: 50.
    [6] سورة الإسراء، الآية: 85.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X