إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللهُ ۗ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ[1].

    الظلم له أنواع متعددة يتفنن به رواده ولكن وصل بهم الأمر الى التجري بافتراء الكذب على الله عز وجل لذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا﴾، أي لا أحد أظلم ممّن يدّعي النبوّة افتراء على الله.
    والافتراء هو ادّعاء أمر غير واقع. فليس أظلم لنفسه ممّن كذب على الناس وادّعى نزول الوحي عليه، كما فعل مسيلمة الكذّاب في اليمامة.
    وفي هذه الآية الشريفة عرض لأحد المواقف أو الوقائع التي تسبق اليوم الآخر ألا وهو.
    الاحتضار وما ترافقه من الأهوال والشدائد.
    الوقائع هي: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ﴾، والملاحظ فنيا أن هذه الصورة تنقل لنا تعامل ملائكة الموت مع المنحرفين من خلال اللغة النفسية التي تضيف إلى العذاب المادّي عذابا آخر.
    فالملائكة باسطوا أيديهم أولا، وهذا وحده كاف في إرعاب المنحرفين سلفا، بخاصة أن بسط اليد يتزامن مع قبض الروح حيث لا يملك المنحرف أية فاعلية في الدفاع عن حياته، إنه مشغول بالنزع الأخير، إنه يتحسس بخروج الروح من البدن، إنه لا يملك حتى مجرّد المصارعة مع الموت، إنّه في مثل هذه الحالة الملبّدة باليأس والمرارة والتمزّق يشاهد ملائكة الموت وهم يبسطون أيديهم حياله، ثم يقولون له وهذا هو ما يضاعف من شدائد الحالة يقولون له ولأمثاله : ﴿أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾‌ .
    هنا ينبغي ألاّ نغفل عن التقابل الفني بين كون المنحرفين قد استكبروا عن آيات الله في حياتهم وبين ما يضادّ هذه الحالة تماما وهو: الاستسلام للموت والملائكة باسطوا أيديهم حيالهم، كما ينبغي ألاّ نغفل عن هذا الموقف الذي يتزامن مع خروج الرّوح حيث تقول الملائكة: ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ‌﴾.
    ترى، ماذا تعني هذه العبارة؟ هل المقصود منها أنّ الملائكة تقول للمنحرفين: أخرجوا أنفسكم من العذاب الذي ينتظركم؟ أم يقولون على سبيل السخرية أو على سبيل اللغة المجازية أو على سبيل الواقع (أخرجوا أنفسكم من هذا الموت الذي جاءكم الساعة).
    أيا كان المقصود، فإن الهول والشدّة والتمزّق والمرارة تظلّ هي المتحكمة في مثل هذا الموقف.
    إذا، أمكننا أن نلاحظ مدى الإحكام الهندسي في هذا المقطع الذي وصل بين سلوك المنحرفين في بيئة الدنيا وبين المصائر التي ينتهون إليها في بيئة الآخرة، بدء من الموت ومرورا بالموقف، أما الجزاء ذاته (وهو المرحلة الثالثة) فتكفل مقاطع أخرى بعرضه.
    والمهم هو: ملاحظة الخطوط التي أحكم بناؤها فنيا في هذا المقطع، فضلا عن تلاحمه مع فكرة السورة الكريمة التي تحوم على هذا الجانب، مما تفصح جميعا عن مدى تواشج النص وتآزر جزئياته بعضا مع الآخر.
    وقد ورد عنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اَللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اَللّٰهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾، قَالَ: نَزَلَتْ فِي اِبْنِ أَبِي سَرْحٍ اَلَّذِي كَانَ عُثْمَانُ اِسْتَعْمَلَهُ عَلَى مِصْرَ وَهُوَ مِمَّنْ كَانَ رَسُولُ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ هَدَرَ دَمَهُ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَإِذَا أَنْزَلَ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَنَّ اَللّٰهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، كَتَبَ ﴿إِنَّ اَللّٰهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اَللهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ دَعْهَا فَإِنَّ اَللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَكَانَ اِبْنُ أَبِي سَرْحٍ يَقُولُ لِلْمُنَافِقِينَ إِنِّي لَأَقُولُ مِنْ نَفْسِي مِثْلَ مَا يَجِيءُ بِهِ فَمَا يُغَيِّرُ عَلَيَّ فَأَنْزَلَ اَللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ اَلَّذِي أَنْزَلَ))
    [2].

    [1] سورة الأنعام، الآية: 93.
    [2] الكافي، ج 8، ص 200.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X