من ذاكرة الرمل
شفاء الحساني
(قررت أن أسير تحت قدميه إلى النهاية)
في ظل حثيثات الدولة الإسلامية، ورفضهُ للخلافة الكسرويّة القيصريّة، تحدرت أكنة العداوة في قلوب بني أمية، و اشعلت نيران الحقد على عرش الباطل، وتلثمت الأعداء ضد الحسين بعد أن رفض الخضوع لدنس عتمتهم، ولظى غيظهم، أعلن بحنجرة المُروءة جهراً "مثلي لا يبايع مثله" ترك الخصومة تحدث الضجة بين صفوف المرتزقة.
سمعتُ قرع نعليّ أحدهم يقترب يحجب النور وهو يقول:
- بايع يزيد بن معاوية فهو خير لك في الدنيا والاخرة.
كقطرة مطر تشربتُ عذوبة الرد من سماء فمهُ الطاهر قائلاً:
-إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ ابتليت الآمة براعي مثل يزيد.
لم يكن ردهُ عادياً على صفوف أهل الفساد؛ فقد التصقت كلماتهُ على قلوبهم مثل حجارة من سجيل.
بعد أن تغلغلت الفوضى في أرجاء المدينة، قرر الحسين عليه السلام الخروج، حزم أمتعته ثم مضي إلى حيث قبر جده وقبور البقيع.
"لم أكن ذرة تُراب فقط، لقد كنت شاهداً على تِلك الأيام بروية"
رأيت كيف تجمع الأصحاب والأهل وقرروا الخروج، أتذكر الديار الموحشة بعد أن خلت من قناديلها، أتذكر النساء ونحيبهن.
كيف وهي تبكِ على شخص الحسين؟!
مضى وقت كثير وأنا أترقب، لم أتوارى طيلت تلك الأيام، رأيت كيف رِواء الرحلِ، وغادر مكة قبل إتمام الحجة.
سمعت حوارات البعض الذي يحاول منعه، والبعض الأخر يحاول قتله، ولكنهُ عازم على نصر المظلوم، تضاءلت أمامه الرسالة، وهزّ ضمير الاُمة بحيثيات الخروج..
على أكتافي كان يمضي ولكني كُنت أشعر بأني احمل فيض من النعيم.
في طريقه إلى العراق لفحت دربه عاصفة ترابية ليتضح في النهاية أنها قافلة من اليمن انضم البعض منهم إلى سفينة النجاة…
قطع الحسين عليه السلام طريق أطول من ليل الشتاء على المريض المؤرق المتألم، في ظل تِلك الأحداث كُنت أنا اشاهد بصمت، ولكن كنت اشعر بكل الذي حدث مع كل شخص ارتبط بقلب الحسين عليه السلام.
على غفلة سمعت صوت الحسين عليه السلام الندي وهو يناجي معشوقه الله:
تركتُ الخلق طرّاً في هواك .. وأيتمتُ العيال لكي أراكا
فلو قطّعتني في الحب إرباً .. لما حنّ الفؤاد إلى سواكا
يا ويلتي ويا حزني ويا مصيبتي في ذلك اليوم؛ لم أكن أترصد أبداً أني سأذبح أنا وأرض كربلاء بدم الحسين ع!!