إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[1].

    ﴿قُلْ﴾، إعلانا بالكلام ككامن الجنان، وإبرازا بالأركان، بروزا في مثلث القال والحال والفعال ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، وهو صراط المنعم عليهم ﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، ولست فقط مهديا إلى صراط مستقيم، بل و ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
    [2]، لأعلى قممه، حيث السالكون فيه درجات، فالسلوك فيه أيضا درجات مهما كان الصراط المستقيم واحدا لا عوج له ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ[3].
    وقد وصف ﴿صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾، هنا ب‍ ﴿دِينًا قِيَمًا﴾:
    هو إما مخفّف «قياما» كما يقال، فالصراط المستقيم في العبودية هو الطاعة القيام، قائمة على مدار الزمن الرسالي، مقيمة للميتات في طاعة غير الله إلى حياة طاعة الله، ففيه إذن كافة القوامات والقيامات والقيم الصالحة كأكمل ما يمكن تجاه الله تعالى كما يحب ويرضى.
    ف‍ ﴿قِيَماً﴾، وهي القيام تحلّق على كلّ قوامات الدين وقياماته وقيماته وإقاماته، من إقامة الوجه لدين الفطرة: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً
    [4]، ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ اَلْقَيِّمِ‌[5]، والقيام لله: ﴿وَقُومُوا لِلّٰهِ قانِتِينَ‌[6]، وإقامة الدين: ﴿أَنْ أَقِيمُوا اَلدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ‌[7]، والاستقامة فيه ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا[8]، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ[9]، ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ[10].
    أم ﴿قِيَماً﴾، جمع «القيمة» أن ذلك الصراط المستقيم دين يجمع في نفسه كافة القيم الصالحة للإنسان تجاه الرب وتجاه كافة الحيويات البالغة الإنسانية، وهذا هو الأظهر من مخفف القيام، فإنه في نفسه خفيف لا يحتاج إلى تخفيف وكما يذكر ﴿قِياماً لِلنّٰاسِ‌﴾، ولا يصح مثل هذا التخفيف في موضع اللبس كما هنا، فهو إذن ﴿دِيناً قِيَماً﴾، تجمع كافة القيم في نفسه دون إبقاء، ولا ضير في توصيف مفرد الدين بجمع القيم حيث الدين هو في المعنى جمعية القيم، وتعاكسهما «هم العدو» اعتبارا بوحدة العداوة في جمعيتهم.
    لذا فدين القرآن دين قيم حيث يضم في دفتيه كافة القيم القيمة في توجيهاته دون إفراط ولا تفريط، فان فيه تبيان كلّ شيء يحتاجه المكلفون إلى يوم الدين.
    ﴿مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾، وهذه الملة هي ملة التوحيد، فتوحيد الطاعة والطاعة التوحيدية عبارة أخرى عن ﴿دِيناً قِيَماً﴾، وكلّ القيم الصالحة تتبنّى قيم التوحيد وهو ملة إبراهيم حنيفا.
    وطالما الملة التوحيدية درجات ولكنها تتوحد في ﴿صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‌﴾، وإن كان سالكوه درجات، فهدي محمد صلى الله عليه وآله إلى ذلك الصراط لا يعني إلاّ أصل سلوكه فيه، دون القمة السلوكية في ملة التوحيد الخاصة بسماحته، المخصوصة بساحته، فاتباعه ملة إبراهيم ليس إلاّ اتباعه لأصلها التي قررها الله لإبراهيم، وليس اتباعه في قدره المقدر لإبراهيم، فإن محمد صلى الله عليه وآله هو أوّل العابدين: ﴿قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ
    [11]، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أصبح قال: (أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ مَا أَصْبَحَتْ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ عَافِيَةٍ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا فَإِنَّهَا مِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ فَلَكَ اَلْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ وَلَكَ اَلشُّكْرُ كَثِيراً)[12]، كان يقولها إذا أصبح ثلاثا وإذا أمسى ثلاثا.
    ذلك، والمصداق الثاني للصراط المستقيم هو الإمام علي عليه السلام حيث ربّاه بتربيته وجعله بإذن الله على صراطه، فعنِ النبيِّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ أنّهُ قالَ لعليٍّ عليهِ السلامُ: ((مَنْ أَحَبَّكَ لِدِينِكَ وَأَخَذَ بِسَبِيلِكَ فَهُوَ مِمَّنْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ هَوَاكَ وَأَبْغَضَكَ وَاِنْجَلاَكَ لَقِيَ اَللهَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ لاَ خَلاَقَ لَهُ))
    [13].

    [1] سورة الأنعام، الآية: 161.
    [2] سورة يس، الآيتان: 3-4.
    [3] سورة الأنعام، الآية: 153.
    [4] سورة الروم، الآية: 30.
    [5] سورة الروم، الآية: 43.
    [6] سورة البقرة، الآية: 238.
    [7] سورة الشورى، الآية: 13.
    [8] سورة فصلت، الآية: 30.
    [9] سورة هود، الآية: 112.
    [10] سورة فصلت، الآية: 6.
    [11] سورة الزخرف، الآية: 81.
    [12] الكافي، ج 2، ص 534.
    [13] الأمالي للشيخ الطوسي، ص 522.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X