إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ۚ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ[1].

    يقول النبي صلى الله عليه وآله: أنا محمد وقد رباني ربي أفضل من كافة المربوبين إذا ف‍: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا﴾، فعلي أن أبتغيه ربا قبل كلّ شيء كما مع كلّ شيء ولكنه أفضل من كلّ شيء، ولا ينفعني أن يعبده كلّ‌ شيء وأنا تارك، إذ ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾، فلو أن كلّ شيء ترك ربوبيته إلى ما سواه وأنا تارك كلّ شيء سواه ف‍ ﴿لَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾، دون من سواها ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، كضابطة ثابتة في كلّ‌ الحقول، حيث لا تحمل حاملة حمل أخرى، فلا يخفف أحد عن أحد ثقلا بأن يحمله عنه إذ لا يشاطره حملا، لأن كلّ إنسان في ذلك اليوم العصيب مشغول بنفسه وفرح أو مقروع بحمله، والوزر في اللغة الثقل وأما الشفاعة فليست هي من حقل الحمل لأثقال الآخرين، بل هي التماس من الله أن يعفو عمن يشاء ويرضى ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى
    [2].
    وفِي كِتَابِ اَلْخِصَالِ عَنِ اَلْأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((هَذِهِ شَرَائِعُ اَلدِّينَ إِلَى أَنْ قَالَ: وَلاَ يَأْخُذُ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ اَلْبَرِيءَ بِالسَّقِيمِ، وَلاَ يُعَذِّبُ اَللهُ عَزَّ وَجَلَّ اَلْأَطْفَالَ بِذُنُوبِ اَلْآبَاءِ))
    [3].
    وقال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ((ربّما حملنا وزر غيرنا قد يتوهّم أنّ الآية الحاضرة التي تبيّن أصلين من الأصول المنطقية المسلّمة لدى جميع الأديان والشرائع (أي مبدأ: لا يعمل أحد إلا لنفسه، ولا يعاقب أحد بذنب غيره) تتنافى مع الآيات القرآنية الأخرى، كما لا توافق جملة من الرّوايات في هذه المجال، لأنّ الله تعالى يقول في سورة النحل الآية 25: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾‌.
    فإذا لم يحمل أحد وزر أحد فكيف يحمل هؤلاء المضلّون وزر الضالّين أيضا.
    كما أنّ الأحاديث المرتبطة ب‍
    «السنّة الحسنة» و «السنّة السيئة» المروية بطرق الشيعة والسنّة. تتنافى مع مفهوم الآية الحاضرة كقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «من سنّ سنّة حسنة كان له أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء».
    ولكن الإجابة على هذا السؤال واضحة، فإنّ الآية المبحوثة هنا تقول: إنّه لا يحمل أحد وزر أحد من دون سبب، ولكنّ الآيات والرّوايات المشار إليها سلفا تقول: إذا كان الإنسان مؤسّسا لعمل صالح أو سيئ يعمل وفقه الآخرون، أي كان له «التسبيب» والدلالة في قيام الآخرين بعمل معيّن، وكانت له بالتالي دخالة في وقوعه، فإنّه - ولا شك - يشترك معهم في نتائجه وعواقبه، لأنّه يعتبر - في الحقيقة عمله وفعله، فلا مناص من أن يتحمل تبعاته إنّ خيرا فخير، وإن شرا فشرّ، لأنّه هو الذي وضع بيده أساسه الذي قام عليه صرح العمل، وارتفع بنيانه))
    [4].
    ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ﴾، أي إلى مالك أمركم رجوعكم يوم القيامة ﴿فَيُنَبِّئُكُم﴾، يومئذ ﴿بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾، أي يتبيّن الرشد من الغيّ والمحقّ من المبطل، وإذا كان هو الربّ وغيره المربوب من الفلك والملك فعبادة غيره جهل محض؛ لأنّ العبد لا بدّ وأن يخدم مولاه ولا يخدم غير مولاه فالمولى غاية المبتغى ونهاية المرام، فمن وجده فقد وجد الكلّ‌، ومن فقده فقد الكلّ وعاد خائبا خاسرا، وكلّ ما تكسب النفس من خير أو شرّ فهو عليها ومأخوذة به وأمّا الخير فلا بدّ فيه من صحّة القصد له تعالى والخلوص من المنافيات.


    [1] سورة الأنعام، الآية: 164.
    [2] سورة الأنبياء، الآية: 28.
    [3] تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 786.
    [4] الأمثل في تفسبر كتاب الله المنزل، ج 4، ص 542.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X