بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
ورد في سورة التوحيد قول الله تعالى:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 1-2].
هذه السورة رغم قصرها، قد جمعت خلاصة العقيدة التوحيدية، وأحد أسمى أسمائها هو "الصمد"، الذي يحتاج إلى تدبر عميق في معناه ومراميه. ومن كلام أهل البيت (عليهم السلام) نفهم أبعاد هذا الاسم الجليل.
المعنى اللغوي لـ "الصمد":
الصمد في اللغة: السيد الذي يُقصَد في الحوائج، الكامل في صفاته، الذي لا جوف له، ولا يحتاج إلى شيء، بينما كل شيء يحتاج إليه.
قال الإمام علي (عليه السلام):
> «الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء»
— [توحيد الصدوق، ص 93].
المعارف المستفادة من "الصمد":
1- كمال الاستغناء المطلق:
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):
> «الصمد: السيد المصمود إليه في الحوائج، الكافي الذي يكفي من دونه»
— [توحيد الصدوق، ص 93].
فالله جلّ وعلا غني عن جميع خلقه، لا يحتاج إلى شيء، بينما جميع الموجودات بحاجة إليه في وجودها وبقائها واستمرارها.
2- المرجعية المطلقة في قضاء الحوائج:
من معاني الصمد أن كل الحاجات تصعد إليه وحده، فهو الملاذ في الشدة والرخاء.
قال الإمام الباقر (عليه السلام):
> «خلق الخلق فاحتاجوا إليه في كل شيء ولم يحتج إلى شيء»
— [التوحيد للصدوق، ص 92].
فإذا أصاب الإنسان همّ أو كرب أو حاجة، فليقصد الصمد الذي بيده مفاتيح الفرج.
3- تنزيهه عن النقص والعيب:
جاء في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام):
> «أشهد أنك الصمد الذي لا يشبهه شيء ولا يحتاج إلى شيء»
— [مصباح المتهجد، ص 825].
فالله عز وجل منزّه عن الجسمية والحاجة والمكان والزمان، لا يحويه مكان، ولا يجري عليه زمان.
4- دعوة للتوكل والاعتماد عليه:
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
> «إذا حزنك أمر فقل: يا صمد، فبذلك تقضى الحوائج»
— [مصباح الكفعمي، ص 301].
فذكر الصمد من الأذكار المباركة التي تفتح أبواب الفرج للمؤمنين.
5- درس في العبودية الصافية:
حين نقرأ {اللَّهُ الصَّمَدُ} نتذكر أن كل ما سواه فقير ومحتاج، فلا نتعلق بغيره من الخلق، بل نتوجه إليه خالصين في عبوديتنا، فهو وحده القادر والكافي.
🌹أثر معرفة الصمد في حياة المؤمن:
تهذيب القلب من التعلق بالمخلوق.
قوة اليقين والثبات عند الشدائد.
الاطمئنان النفسي بأن الله يكفي كل حاجاتنا.
زيادة حسن الظن بالله تعالى.