روى البيهقي في المحاسن والمساوىء ص 46 :
إن عدي بن حاتم دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال : يا عدي ! أين الطرفات ؟ يعني بنيه : طريفاً وطارفاً وطرفة .
قال : قتلوا يوم صفين بين يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
فقال : ما أنصفك ابن أبي طالب ; إذ قدَّم بنيك وأخَّر بنيه .
قال : بل ما أنصفت أنا عليّاً إذ قتل وبقيت .
قال : صف لي عليّاً .
فقال : إن رأيت أن تعفيني .
قال : لا أعفيك .
قال : كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول عدلا ، ويحكم فصلا ،
تتفجَّر الحكمة من جوانبه ، والعلم من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته ، وكان والله غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يحاسب نفسه إذا خلا ، ويقلِّب كفّيه على ما مضى ، يعجبه من اللباس القصير ، ومن المعاش الخشن ، وكان فينا كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ، ويدنينا إذا أتيناه ، ونحن مع تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلِّمه لهيبته ، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته ، فإن تبسَّم فعن اللؤلؤ المنظوم ، يعظِّم أهل الدين ، ويتحبَّب إلى المساكين ، لا يخاف القويّ ظلمه ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأقسم لقد رأيته ليلة وقد مثل في محرابه ، وأرخى الليل سرباله ، وغارت نجومه ، ودموعه تتحادر على لحيته ، وهو يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأنّي الآن أسمعه وهو يقول : يا دنيا ! إليَّ تعرَّضت ؟ أم إليَّ أقبلت ؟ غرِّي غيري ، لا حان حينك ، قد طلَّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك ، فعيشك حقير ، وخطرك يسير ، آه من قلّة الزاد ، وبعد السفر ، وقلّة الأنيس .
قال : فوكفت عينا معاوية ، وجعل ينشِّفها بكمِّه ، ثمَّ قال : يرحم الله أبا الحسن ، كان كذلك ، فكيف صبرك عنه ؟
قال : كصبر من ذبح ولدها في حجرها ، فهي لا ترقأ دمعتها ، ولا تسكن عبرتها .
قال : فكيف ذكرك له ؟
قال : : وهل يتركني الدهر أن أنساه .
إن عدي بن حاتم دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال : يا عدي ! أين الطرفات ؟ يعني بنيه : طريفاً وطارفاً وطرفة .
قال : قتلوا يوم صفين بين يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
فقال : ما أنصفك ابن أبي طالب ; إذ قدَّم بنيك وأخَّر بنيه .
قال : بل ما أنصفت أنا عليّاً إذ قتل وبقيت .
قال : صف لي عليّاً .
فقال : إن رأيت أن تعفيني .
قال : لا أعفيك .
قال : كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول عدلا ، ويحكم فصلا ،
تتفجَّر الحكمة من جوانبه ، والعلم من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته ، وكان والله غزير الدمعة ، طويل الفكرة ، يحاسب نفسه إذا خلا ، ويقلِّب كفّيه على ما مضى ، يعجبه من اللباس القصير ، ومن المعاش الخشن ، وكان فينا كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ، ويدنينا إذا أتيناه ، ونحن مع تقريبه لنا وقربه منّا لا نكلِّمه لهيبته ، ولا نرفع أعيننا إليه لعظمته ، فإن تبسَّم فعن اللؤلؤ المنظوم ، يعظِّم أهل الدين ، ويتحبَّب إلى المساكين ، لا يخاف القويّ ظلمه ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأقسم لقد رأيته ليلة وقد مثل في محرابه ، وأرخى الليل سرباله ، وغارت نجومه ، ودموعه تتحادر على لحيته ، وهو يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأنّي الآن أسمعه وهو يقول : يا دنيا ! إليَّ تعرَّضت ؟ أم إليَّ أقبلت ؟ غرِّي غيري ، لا حان حينك ، قد طلَّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك ، فعيشك حقير ، وخطرك يسير ، آه من قلّة الزاد ، وبعد السفر ، وقلّة الأنيس .
قال : فوكفت عينا معاوية ، وجعل ينشِّفها بكمِّه ، ثمَّ قال : يرحم الله أبا الحسن ، كان كذلك ، فكيف صبرك عنه ؟
قال : كصبر من ذبح ولدها في حجرها ، فهي لا ترقأ دمعتها ، ولا تسكن عبرتها .
قال : فكيف ذكرك له ؟
قال : : وهل يتركني الدهر أن أنساه .