تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله
إن واقعة الغدير التي حدثت في السنة العاشرة للهجرة كانت بأمر من السماء وقد حصلت في حجة الوداع في منطقة غدير خم بعدما جمع النبي (ص) الناس وخطب فيهم لكي ينصب الخليفة والولي من بعده، وبعدما أكمل النبي (ص) التبليغ بتنصيب أمير المؤمنين (ع) نزلت الآية (اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دنيا)(١).
ولكن لنسأل التاريخ هل قال النبي في خطبته: (كتاب الله وعترتي ام قال كتاب الله وسنتي)؟
نذكر هنا أربعة أحاديث من كتب أهل السنة تؤكد ان النبي (ص) قد قال: (كتاب الله وسنتي او وسنة نبيكم):
الحديث الأول: اخرج الحاكم في (المستدرك: ج١، ص ٣٠٦): قال حدثنا ابو بكر أحمد بن اسحاق الفقيه عن العباس بن الفضل الاسفاطي عن اسماعيل بن ابي اوس الذي قال: عن عكرمة عن ابن عباس ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطب الناس في حجة الوداع ومما قاله (يا ايها الناس اني قد تركت فيكم ما ان اعتصمتم به فلن تضلوا ابدا كتاب الى وسنة نبيه).
وللتوضيح: أولاً: ان عكرمة الخارجي هو من رجال صحيح البخاري وقد قال عنه الذهبي: (وكان قليل العقل خفيفا) (٢).
ثانياً: ان إسماعيل بن ابي اوس قد قال عنه ابن الجوزي وصفوه بان بن ابي اوس وابوه يسرقان الحديث وابوه لا يساوي نواة(٣).
الحديث الثاني :اخرج ابو نعيم في (أخبار أصفهان ج ١ ص٤٠٥) عن يزيد الرقاشي عن انس بن مالك : ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( قد تركت فيكم بعدي ما ان اخذتم لم تضلوا كتاب الله وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم).
التوضيح: قال تقي الدين المقريزي (٤): قال شعبة لئن أزني أحب إلي من احدث عن يزيد الرقاشي.
الحديث الثالث : اخرج البزار في (مسند أبي هريرة ج ٢ ص ٤٧٩) قال : حدثنا صالح بن موسى بن عبد الله بن طلحة قال : عن ابي هريرة قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) : ( اني قد خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما ابداً كتاب الله وسنتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
وللتوضيح: قال الذهبي(٥) ان صالح بن موسى الطلحي ليس بحجة.
الحديث الرابع: جاء في (موطأ مالك ج ٣ ص ٨٩٩) قال مالك أنه بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال: ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه .
وللتوضيح: ان مالك ولد سنة ٩٣ هـ يعني بعد قرابة ٨٠ سنة بعد وفاة النبي (ص) فمن اخبر مالك بذلك؟ ولماذا لم يذكر السند، اذن لا يحتج به .
ولكننا سنذكر هنا أسانيد علماء اهل السنة التي تؤكد ان النبي (ص) قال: (كتاب الله وعترتي):
قال ابن حجر في (الصواعق المحرقة ج٢ ص ٤٣٩) في رواية صحيحة: (اني تارك فيكم أمرين لن تضلوا ان اتبعتموهما وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي) .
وجاء في (مسند أحمد بن حنبل ج٤ ص ٣٦٦) قال زيد بن أرقم: قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوماً خطيباً فينا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة وقال: (واني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الـله تعالى واستمسكوا به، واهل بيتي اذ كركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي، أذكركم الله في اهل بيتي .
وقد أخرج ايضا حديث الغدير اصحاب السنن والمعاجم ومنهم :
- الترمذي - في الجامع الصحيح ج٥ ص ٢٩٧.
- ا بن ماجة في السنن ج١ ص ٤٣.
- احمد بن حنبل في مسنده ج١ ص ١٨٢.
-ابن ابي شيبة في المصنف ج٦ ص ٣٧٥.
-والنسائي في خصائص أمير المؤمنين ص ١٤١.
وكذلك الكنجي الشافعي في كفاية الطالب والذي اخرجه بعدة طرق وقال: قلت هذا الحديث مشهور حسن روته الثقاة، وان نظام هذه الاسانيد بعضها إلى بعض حجة في صحة النقل.
- وقد انشد الشاعر حسان بن ثابت على هذا النص في نفس الواقعة :
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم واسمع بالنبي مناديا
فقال له النبي (ص): (يا حسان لا تزال مؤيداً بروح القدس ما دافعت عنا بلسانك)(6).
ونلاحظ هنا ان ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة أمير المؤمنين قد أخرجه بعدة طرق واسانيد بأكثر من ١٢٥ رواية .
وانه قد كتب بعض علماء أهل السنة كتباً عديدة في حديث الغدير ومنهم: محمد بن جرير الطبري (٢٤٤- ٣١٠) هـ .
وعلماً انه قد صدر عن دار التقريب بالأزهر كتاب حديث الثقلين وهو محفوظ بالمكتبة الظاهرية بدمشق وغيرهم، وقد استوعبها شيخنا العلامة الاميني في موسوعته الغدير (الغدير في الكتاب والسنة والادب) . وقد قال ابو سعيد الخدري ان النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ايها الناس اني تارك فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا بعدي أمرين احدهما اكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (7).
اذن، وبعد هـذا البحث تتبين حقيقة حديث (كتاب الـله وسنتي او سنة نبيه) انه حديث مكذوب على النبي، وانه وان قالوا انه صحيح وموجود في صحيح البخاري ومسلم لكن الحقيقة انه لم يروى الا بسند مكذوب او ضعيف. بينما ان حديث (كتاب الله وعترتي) هو صحيح و ثابت، بل متواتر في صحيح مسلم وقد صححه العشرات من علماء السلفية .
فعليه ان النبي (ص) قد أمر بالتمسك بالكتاب والعترة في واقعة الغدير.
١- سورة المائدة / آية / ٣.
٢_الذهبي سير اعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٠.
٣- ابن الجوزي - الضعفاء ج١ ص ١١٧.
٤- تقي الدين المقريزي - مختصر الكامل في الضعفاء ج ١ ص ٨٢٩ .
5- الذهبي سير أعلام النبلاء ج15 ص178.
6 _الكنجي الشافعي - كفاية الطالب ص٦٣ _٦٤.
7_ المعجم الكبير ج٣ ص ٦٥ ، مسند بن حنبل ٥٩/٢ ، مسند أبي يعلى ٢/ ٣٧٦ ، ذخيرة الحافظ ص ١٠٠٩ ، فيض القدير ١٤/٣ ، مجمع الزوائد ١٦٣/٩ ، كنز العمال ١٠٧/١ ، مصنف بن ابي شيبة ٦ص ٦٣٣ وغيرهم.