تويت
ضربٌ بالجملة.. والطفل صامت!
ضربٌ بالجملة.. والطفل صامت!
لم يكن عمري قد تجاوز الثانية عشرة، كنت غارقًا في نوم طفلٍ أنهكه يومٌ طويل، قبل أن أُفاجأ بضربات متتالية تنهال عليّ بنعل والدتي، أيقظتني مذعورًا، لا أفهم ما الذي يحدث، ولا ما الذي اقترفته!ارتفعت ضحكات خالي وزوجته ومن حولهما، وكأن الأمر مزحة ثقيلة أو مشهد فكاهي على حسابي. لم أتفوّه بكلمة، فقط سكتُّ، وعدت إلى نومي وأنا أفوّض أمري إلى الله.
لكن الأمر لم ينتهِ... دقائق فقط، وعادت أمي لتكرر الكرة، بنفس العنف، بنفس الوسيلة، ونفس الصمت في داخلي.
لم أكن سبب الشجار أصلًا. كان إخوتي يتنازعون، لكن أمي — كعادتها — لا تعمل "بالمفرد"، فهي تضرب الجميع دفعة واحدة، وتُوزّع العقاب "بالجملة"، وأنا كنت أحظى دومًا بحصة الأسد.
هذه الحوادث ليست مجرد ذكريات طفولة، بل هي جروح نفسية لا تندمل بسهولة. كثير من الأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري ينشأون وهم يحملون في دواخلهم شعورًا بالظلم، بالخذلان، وبالذنب حتى دون سبب. يترسخ فيهم الخوف من الصوت العالي، ويعتادون العقاب قبل السؤال.
التربية بالعنف لا تنتج إلا الألم... والخوف... والصمت.
أما التربية الواعية، فتعلم الطفل كيف يخطئ وكيف يتعلّم، كيف يُحاسب ويُحترم في الوقت ذاته.
ليس كل صراخٍ يُسمع، وليس كل ضربٍ يُنسى... وبعض الجراح لا تراها العيون، لكنها تقيم طويلاً في الروح.