تويت
تسويق الحِداد بالتبرج:
ابتذال تجاري أم غياب للضمير؟
ابتذال تجاري أم غياب للضمير؟
مع اقتراب شهور الحزن في الذاكرة الشيعية، وخاصة شهر محرم الحرام، تتسابق المتاجر الإلكترونية وصفحات الإعلان على مواقع التواصل الاجتماعي في عرض "أحدث موديلات" الملابس السوداء. ولكن ما يثير الاستغراب – وربما الاستياء – أن كثيرًا من هذه الإعلانات تستخدم عارضات بأزياء فاضحة، وتبرج صادم، لا يمتّ بأي صلة لمعنى الحداد، أو لأدب الحزن، أو حتى لأبسط ملامح الحياء.
فهل الحداد مجرد لون؟ وهل الشعائر تقتصر على القماش، بصرف النظر عن محتوى الصورة وأسلوب الطرح؟
وهل أصبحت قداسة المواسم الدينية فرصة لابتزاز المشاعر وتحقيق الربح، ولو على حساب القيم الدينية والاجتماعية؟
إن استخدام المتبرجات والمتهتكات في الإعلان عن ملابس يفترض أن ترمز للحزن والتأسي، يُعدّ سلوكًا مبتذلًا وبائسًا في آنٍ واحد. إنه نوع من الابتذال التسويقي، حين يتعارض الشكل تمامًا مع المضمون. فبدلًا من الدعوة إلى الاحتشام والتأمل في معاني الفاجعة، يتحول المشهد إلى استعراض أجساد، وجذب انتباه بطريقة لا تليق لا بالمناسبة ولا بالذوق العام.
ولسائل أن يسأل: أين الضوابط الأخلاقية في الدعاية؟ أين احترام مشاعر الناس الذين يرون في هذه الأيام مناسبة للدمعة والخشوع؟ وأين ضمير أولئك الذين يخلطون بين التجارة والشعائر؟
نعم، الرزق مطلوب، والسوق مفتوح، ولكن ليس كل ما يُدرّ مالًا هو مباح أخلاقيًا أو دينيًا.
لقد أصبح واجبًا على أصحاب المتاجر، والمعلنين، وحتى المستهلكين، أن يعوا خطورة هذا الانفصال بين الوسيلة والغاية. فالحِداد شعيرة، لا سلعة. وقيم الحزن ليست مناسبة للعرض والطلب.
اتقوا الله في أرزاقكم، وفي ذوق جمهوركم، وفي قدسية المواسم التي تتاجرون بها.