تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد
يخطئ من يظن أن أقوى ما في الإنسان هو جسده، أو عضلاته، أو صوته العالي…
إنما أقوى ما في الإنسان إرادته.
تلك القوة الخفية التي لا تُرى بالعين، ولكنها تُرى في الإنجاز، وتُسمع في المواقف، وتُحسّ في الثبات على الهدف.
إذا أراد الإنسان شيئًا وسخّر قلبه له، وسعى إليه بكل ما يملك من جهد بعد التوكل على الله،
فإن الكون كله يتحرك ليساعده،
فالإرادة لا تصنع المعجزات فحسب، بل تصنع الإنسان نفسه من جديد.
والتاريخ يزخر بشواهد عن إرادات حطّمت القيود،
لكن حين نتحدث عن الإرادة في صورتها الأبهى، فلننظر إلى عليّ الأكبر بن الحسين عليهما السلام…
كان شابًا في عمر الزهور…
وسيمًا، خلقًا وخُلقًا…
حتى كان الناس يقولون:
"إذا اشتقنا إلى رسول الله، نظرنا إلى علي الأكبر"
لكن إرادته لم تكن إرادة شاب يبحث عن متعة دنيا أو لذّة عمر…
بل كانت إرادة عارف، عاشق، واعٍ، مجاهد.
في كربلاء، حين بدأت المعركة، لم يكن عليّ الأكبر من أوائل من تطوّع فحسب،
بل كان ممن أراد الشهادة بصدق، وعزم عليها بقلب ثابت، وعين لا ترى سوى رضا الله ورضا والده الإمام الحسين عليه السلام.
جاء إلى والده يستأذنه وهو يعلم أن خلف الباب موتًا، ولكن قلبه لم يعرف التردد،
بل قالها بكل يقين وإرادة:
"أوَ لسنا على الحق يا أبتاه؟"
قال: بلى والله…
فقال: "إذن لا نبالي أن نموت."
أي إرادة هذه يا عليّ؟
أي عزيمة جعلتك لا ترى السيوف إلا طريقًا؟
ولا تسمع صوت الخوف في قلبك؟
بل كل ما تراه أمامك هو "وجه الله" الذي إليه تتجه الأرواح الطاهرة…
لقد علّمنا علي الأكبر أن الإرادة الحقيقية لا تُقاس بالقوة الجسدية،
بل تُقاس بصدق النية، وصفاء القلب، واستعداد النفس للتضحية في سبيل الله.
فيا من تشعر بالضعف…
ويا من تثقلك الهموم وتتعثر خطواتك…
تذكّر أن أقوى ما فيك ليس يدك، ولا ما تملك…
بل هو قلبك إن صدق، وإرادتك إن اشتعلت، وتوكلك إن صفا.
توكّل على الله…
ثم امضِ نحو هدفك، واسعَ بما تستطيع، وانهض كلما وقعت،
فمن كانت إرادته كإرادة عليّ الأكبر…
فـإن الله معه، والنصر حليفه، والجنة موعده.