بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكريم السخي:
1- جاء إلى الإمام الحسين عليه السلام أعرابي فقال: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ قَدْ ضَمِنْتُ دِيَةً كَامِلَةً وَعَجَزْتُ عَنْ أَدَائِهِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَسْأَلُ أَكْرَمَ النَّاسِ، وَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه واله.
فقال له الحسين عليه السلام: «يَا أَخَا الْعَرَبِ! أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ فَإِنْ أَجَبْتَ عَنْ وَاحِدَةٍ أَعْطَيْتُكَ ثُلُثَ المَالِ، وَإِنْ أَجَبْتَ عَنِ اثْنَتَيْنِ أَعْطَيْتُكَ ثُلُثَيِ المَالِ، وَإِنْ أَجَبْتَ عَنِ الْكُلِّ أَعْطَيْتُكَ الْكُلَ». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ! أَمِثْلُكَ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِي، وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ؟!
فقال الحسين عليه السلام: «بَلَى، سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه واله يَقُولُ: المَعْرُوفُ بِقَدْرِ المَعْرِفَةِ». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، فَإِنْ أَجَبْتُ وَإِلَّا تَعَلَّمْتُ مِنْكَ، وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
فقال الحسين عليه السلام: «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الْإِيمَانُ بِاللهِ.
فقال الحسين عليه السلام: «فَمَا النَّجَاةُ مِنَ المَهْلَكَةِ؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الثِّقَةُ بِاللهِ.
فقال الحسين عليه السلام: «فَمَا يُزَيِّنُ الرَّجُلَ؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: عِلْمٌ مَعَهُ حِلْمٌ.
فقال عليه السلام: «فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِك؟». فَقَالَ: مَالٌ مَعَهُ مُرُوءَةٌ.
قال: «فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِك؟». فَقَالَ: فَقْرٌ مَعَهُ صَبْرٌ.
فقال الحسين عليه السلام: «فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِك؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فَصَاعِقَةٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَتُحْرِقُهُ، فَإِنَّهُ أَهْلٌ لِذَلِك.
فَضَحِكَ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَرَمَى بِصُرَّةٍ إِلَيْهِ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ وَفِيهِ فَصٌّ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَم، وَقَالَ: «يَا أَعْرَابِيٌّ! أَعْطِ الذَّهَبَ إِلَى غُرَمَائِكَ وَاصْرِفِ الخَاتَمَ فِي نَفَقَتِكَ». فَأَخَذَ الْأَعْرَابِيُّ وَقَالَ: اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ 1.
2- قَالَ أَنَسٌ: كُنْتُ عِنْدَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ فَحَيَّتْهُ بِطَاقَةِ رَيْحَانٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللهِ». فَقُلْتُ: تَجِيئُكَ بِطَاقَةِ رَيْحَانٍ لَا خَطَرَ لَهَا فَتُعْتِقُهَا؟!
قَالَ: «كَذَا أَدَّبَنَا اللهُ قَال اللهُ: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ... ﴾ 2 ، وَكَانَ أَحْسَنَ مِنْهَا عِتْقُهَا» 3.
3- وجاء إليه أعرابي فأنشده مقطوعة شعرية بيَّن بها حاجته فقال:
لَمْ يَخِبِ الْآنَ مَنْ رَجَاكَ وَمَنْ حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الْحَلَقَة
أَنْتَ جَـــوَادٌ وَ أَنْتَ مُعْتَــمَد أَبُوكَ قَدْ كَانَ قَاتِلَ الْفَسَقَة
لَوْلَا الَّذِي كَانَ مِنْ أَوَائِلِكُم كَانَـــتْ عَلَيْنَا الْجَحِيمُ مُنْطَبِقَة
وكان الحسين عليه السلام يصلي آنذاك، فلما فرغ من صلاته لفَّ على طرف رداءٍ له أربعة آلاف دينار ذهب، وناوله قائلًا:
خُـــذْهَا فَــــــإِنِّي إِلَيْكَ مُعْتَذِرٌ وَاعْلَمْ بِأَنِّي عَلَيْكَ ذُو شَفَقَة
لَوْ كَانَ فِي سَيْرِنَا الْغَدَاةَ عَصًا أَمْسَتْ سَمَانَا عَلَيْكَ مُنْدَفِقَة
لَــــــكِنَّ رَيْبَ الزَّمَانِ ذُو غِيَرٍ وَ الْكَفُّ مِـنِّي قَلِيلَةُ النَّفَقَةِ
فَأَخَذَهَا الْأَعْرَابِيُّ وَبَكَى، ثم تصعدت من أعماقه آهات حارة، وقال: كَيْفَ يَأْكُلُ التُّرَابُ جُودَك؟! 4.
المصادر
1. بحار الأنوار، ج 44، ص 196. أعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين: (4- 29).
2. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 86، الصفحة: 91.
3. بحار الأنوار، ج 44، ص 295.
4. المناقب، ج 4، ص 66.
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكريم السخي:
1- جاء إلى الإمام الحسين عليه السلام أعرابي فقال: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ قَدْ ضَمِنْتُ دِيَةً كَامِلَةً وَعَجَزْتُ عَنْ أَدَائِهِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: أَسْأَلُ أَكْرَمَ النَّاسِ، وَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه واله.
فقال له الحسين عليه السلام: «يَا أَخَا الْعَرَبِ! أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ فَإِنْ أَجَبْتَ عَنْ وَاحِدَةٍ أَعْطَيْتُكَ ثُلُثَ المَالِ، وَإِنْ أَجَبْتَ عَنِ اثْنَتَيْنِ أَعْطَيْتُكَ ثُلُثَيِ المَالِ، وَإِنْ أَجَبْتَ عَنِ الْكُلِّ أَعْطَيْتُكَ الْكُلَ». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ! أَمِثْلُكَ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِي، وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالشَّرَفِ؟!
فقال الحسين عليه السلام: «بَلَى، سَمِعْتُ جَدِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه واله يَقُولُ: المَعْرُوفُ بِقَدْرِ المَعْرِفَةِ». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ، فَإِنْ أَجَبْتُ وَإِلَّا تَعَلَّمْتُ مِنْكَ، وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.
فقال الحسين عليه السلام: «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الْإِيمَانُ بِاللهِ.
فقال الحسين عليه السلام: «فَمَا النَّجَاةُ مِنَ المَهْلَكَةِ؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الثِّقَةُ بِاللهِ.
فقال الحسين عليه السلام: «فَمَا يُزَيِّنُ الرَّجُلَ؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: عِلْمٌ مَعَهُ حِلْمٌ.
فقال عليه السلام: «فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِك؟». فَقَالَ: مَالٌ مَعَهُ مُرُوءَةٌ.
قال: «فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِك؟». فَقَالَ: فَقْرٌ مَعَهُ صَبْرٌ.
فقال الحسين عليه السلام: «فَإِنْ أَخْطَأَهُ ذَلِك؟». فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: فَصَاعِقَةٌ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَتُحْرِقُهُ، فَإِنَّهُ أَهْلٌ لِذَلِك.
فَضَحِكَ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَرَمَى بِصُرَّةٍ إِلَيْهِ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ وَفِيهِ فَصٌّ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَم، وَقَالَ: «يَا أَعْرَابِيٌّ! أَعْطِ الذَّهَبَ إِلَى غُرَمَائِكَ وَاصْرِفِ الخَاتَمَ فِي نَفَقَتِكَ». فَأَخَذَ الْأَعْرَابِيُّ وَقَالَ: اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ 1.
2- قَالَ أَنَسٌ: كُنْتُ عِنْدَ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ جَارِيَةٌ فَحَيَّتْهُ بِطَاقَةِ رَيْحَانٍ، فَقَالَ لَهَا: «أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللهِ». فَقُلْتُ: تَجِيئُكَ بِطَاقَةِ رَيْحَانٍ لَا خَطَرَ لَهَا فَتُعْتِقُهَا؟!
قَالَ: «كَذَا أَدَّبَنَا اللهُ قَال اللهُ: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ... ﴾ 2 ، وَكَانَ أَحْسَنَ مِنْهَا عِتْقُهَا» 3.
3- وجاء إليه أعرابي فأنشده مقطوعة شعرية بيَّن بها حاجته فقال:
لَمْ يَخِبِ الْآنَ مَنْ رَجَاكَ وَمَنْ حَرَّكَ مِنْ دُونِ بَابِكَ الْحَلَقَة
أَنْتَ جَـــوَادٌ وَ أَنْتَ مُعْتَــمَد أَبُوكَ قَدْ كَانَ قَاتِلَ الْفَسَقَة
لَوْلَا الَّذِي كَانَ مِنْ أَوَائِلِكُم كَانَـــتْ عَلَيْنَا الْجَحِيمُ مُنْطَبِقَة
وكان الحسين عليه السلام يصلي آنذاك، فلما فرغ من صلاته لفَّ على طرف رداءٍ له أربعة آلاف دينار ذهب، وناوله قائلًا:
خُـــذْهَا فَــــــإِنِّي إِلَيْكَ مُعْتَذِرٌ وَاعْلَمْ بِأَنِّي عَلَيْكَ ذُو شَفَقَة
لَوْ كَانَ فِي سَيْرِنَا الْغَدَاةَ عَصًا أَمْسَتْ سَمَانَا عَلَيْكَ مُنْدَفِقَة
لَــــــكِنَّ رَيْبَ الزَّمَانِ ذُو غِيَرٍ وَ الْكَفُّ مِـنِّي قَلِيلَةُ النَّفَقَةِ
فَأَخَذَهَا الْأَعْرَابِيُّ وَبَكَى، ثم تصعدت من أعماقه آهات حارة، وقال: كَيْفَ يَأْكُلُ التُّرَابُ جُودَك؟! 4.
المصادر
1. بحار الأنوار، ج 44، ص 196. أعيان الشيعة، للسيد محسن الأمين: (4- 29).
2. القران الكريم: سورة النساء (4)، الآية: 86، الصفحة: 91.
3. بحار الأنوار، ج 44، ص 295.
4. المناقب، ج 4، ص 66.