منطقة النهرين.. بين كربلاء أم هي كل العراق أم خارجه؟
جسام السعيدي
مدينة أو منطقة النهرين ربما هي نفسها أو هي جزءٌ من دويلة (آرام نهرين)، حيث ورد اسم المنطقة الأخيرة في المزمــــور الستين، وفي مواضع أُخَر من التوراة، هي: (تك 24: 10 ، تث 23: 4 ، قض 3: 8، 1 أخ 19: 6) وهذه المنطقة هي موطن بلعام بن بعور (بحسب لفظ التوراة، وبلعم بن باعوراء أو باعورا بلفظ المصادر الإسلامية، كما في سفينة البحار وغيرها)، والذي ورد اسمه واسم مدينته الواقعة ضمن (آرام نهرين) في التوراة (تث 23: 4).
ومن ضمن (آرام نهرين) تقع مدينة أو منطقة (فدان أرام) الواردة في التوراة في (تك 25: 20، 28: 5)، وربما هي نفسها أو جزء منها مدينة حاران أو مدينة تارح أبو نبينا إبراهيم الخليل (ع) (أطلس التأريخ العربي والإسلامي/ د.شوقي خليل: خارطة ص11)، وقد ذكر احمد سوسة في (تأريخ حضارة وادي الرافدين)-ج2-: ص374، وعدة مصادر أُخَر، أن الخليل (ع) توجه إليها من أور الكلدانيين عند هجرته منها، حيث سكن في حاران، تارح وابنه نبي الله إبراهيم (ع) وأهله، وابن ابنه النبي لوط بن هاران (ع)، بعد أن تــــــركوا أور الكلدانيين حسبما تذكر ذلك التوراة (تك 11: 31)، ومدينة (فدان آرام) هي نفسها التي اختار منها سيدنا النبي إسحق (ع) زوجة له، وعاش فيها أيضاً فيما بعد ابنه نبي الله يعقوب (ع) فترة من الزمن مع أزواجه اللاتي كُن من أبناء هذه المدينة ومن أقاربه، وفيها ولد (11) من أولاده بما فيهم النبي يوسف (ع)، عدا شقيقه بنيامين، كما تذكر ذلك التوراة.
و(آرام نهرين) هي ترجمة لكلمتي (آرام نهرايم) بلغات العراق القديمة، فآرام نسبة لآرم بن سام بن نوح (ع)، و(آرام نهرين) هي واحدة من مجموعة مدن مبتدئة بكلمة (آرام)، فيما يسمى بلاد الهلال الخصيب (العراق وبلاد الشام ومنها آرام دمشق).
وقد أورد الدكتور المهندس أحمد سوسة في الجزء الثاني من كتابه (تأريخ حضارة وادي الرافدين): ص335، أن (آرام نهرايم) من دويلات الآراميين، وأورد في صفحة (334) من نفس المصدر أنها تعني (بلاد ما بين النهرين)، وهذا ما ذكره أيضاً طه باقر في كتابه (مقدمة في تأريخ الحضارات القديمة) في (ص24 و25 ط دار الوراق 2009م).
وربما قصد المؤلف بذلك أن التسمية انسحبت ونـسبت إلى الأراضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات فيما بعد في العراق، وتضم تلك الأراضي أيضاً الجزء الشمالي الشرقي من سوريا في المنطقة المحصورة بين الفرات فيها ودجلة في شمال العراق - حيث يشير الدكتور أحمد سوسة إلى ما يشابه ذلك في مواضع مختلفة من كتابه هذا - بعد أن كانت تسمية ما بين النهرين تـدعى بها منطقة أخرى أضيق منها مساحة هي محل البحث هنا، وتقع بين نهرين أيضاً.
وقد اختـُلف في اسمي هذين النهرين، وبالتالي موقع المنطقة المحصورة بينهما المذكورة سلفاً، فقد قال الدكتور أحمد سوسة في ص334 من المصدر السابق: لعل المقصود بهما (نهري الفرات ورافده الخابور) رافدي الفرات، الخابور (والبليخ)، وذكر (أطلس التأريخ العربي والإسلامي/ د.شوقي خليل: في الخارطة ص11) إلى أن آرام نهرين تقع بين البليخ والخابور فرعي الفرات في سوريا، وجعل المصدر فدان آرام شمال آرام نهرين، غرب نهر البليخ؛ ولأن الأخيرة مملكة تضم الأولى، فيمكن أن تكون آرام نهرين بين الفرات الرئيسي والخابور، ضمن سوريا، وزاد عليهما طه باقر في كتابه السابق ص25 بما ملخصه، أن النهرين المذكورين في التوراة الذي تنسب لها آرام نهرين هما البليخ والخابور من جهة والفرات من جهة أخرى، وبناءً على هذه الرأي، فإن المنطقة المقصودة تقع في شمال العراق وسوريا - بسبب تداخل المنطقة المحصورة بين هذين النهرين بين هذين البلدين - وهذا ما ذهب إليه معظم مفسرو التوراة إن لم يكن كلهم، فاعتبروا أن (آرام نهرين) تقع بين نهر الفرات والخابور، أو في المواقع التي ذكرناها آنفاً.
أعجبني
تعليق
إرسال