بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾[1].
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾، يا محمّد ﴿نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْناهُ﴾ وعلّمناه ﴿آياتِنا﴾ المنزلة والكتب السماويّة والاسم الأعظم، بحيث شملته تلك كالشّملة ﴿فَانْسَلَخَ﴾، وانخلع ﴿مِنْها﴾، بالكلّية لغلبة النّفس عليه ﴿فَأَتْبَعَهُ﴾، وأدركه ﴿اَلشَّيْطانُ﴾، بعد أن كان ساعيا في لحوقه وإدراكه ﴿فَكانَ﴾، ذلك العالم بانسلاخه من العلم وغلبة النّفس والشّيطان عليه ﴿مِنَ اَلْغاوِينَ﴾، والرّاسخين في الغواية والضّلال.
لما مات موسى وهارون عليه السلام في التيه أوحى الله تعالى إلى يوشع بن نون يأمره المسير إلى أريحا وفتحها.
[وقال آخرون إن موسى عاش حتى خرج من التيه وسار إلى مدينة الجبارين وعلى مقدمته يوشع بن نون وكالب بن يوحنا وهو صهره على أخته مريم بنت عمران.
فلما بلغوها اجتمع الجبارون إلى بلعم بن باعوراء وهو من ولد لوط عليه السلام فقالوا له إن موسى جاء ليقتلنا ويخرجنا من ديارنا فادع الله عليهم وكان بلعم يعرف اسم الله الأعظم فقال لهم كيف أدعو على نبي الله والمؤمنين ومعهم الملائكة فراجعوه في ذلك وهو يمتنع عليهم.
فأتوا امرأته وأهدوا لها هدية وطلبوا إليها أن تحسن لزوجها أن يدعو على بني إسرائيل، فقالت له في ذلك فامتنع فلم تزل به حتى قال أستخير ربي فاستخار الله تعالى فنهاه في المنام فأخبرها بذلك فقالت راجع ربك فعاد الاستخارة فلم يرد جواب فقالت لو أراد ربك لنهاك ولم تزل تخدعه حتى أجابهم.
فركب حمارا له متوجها إلى جبل يشرف على بني إسرائيل ليقف عليه ويدعو عليهم فما مشى عليه إلا قليلا حتى ربض الحمار فضربه حتى قام فركبه فسار قليلا فربض ففعل ذلك ثلاث مرات.
فلما اشتد ضربه في الثالثة فأنطقها الله ويحك يا بلعم أين تذهب أما ترى الملائكة تردني فلم يرجع فأطلق الله الحمار حينئذ فسار حتى أشرف على بني إسرائيل فكان كلما أراد أن يدعو عليهم ينصرف لسانه إلى الدعاء لهم وإذا أراد أن يدعو لقومه انقلب دعاؤه عليهم.
فقالوا له في ذلك فقال هذا شيء غلب الله عليه واندلع لسانه فوقع على صدره فقال الآن خسرت الدنيا والآخرة.
ولم يبق إلا المكر والحيلة وأمرهم أن يزينوا النساء ويعطوهن السلع للبيع ويرسلوهن.
إلى العسكر ولا تمنع امرأة نفسها ممن يريده وقال إن زنى منهم رجل واحد كفيتموهم.
ففعلوا ذلك ودخل النساء عسكر بني إسرائيل فأخذ زمري بن شلوم وهو رأس سبط شمعون بن يعقوب امرأة وأتى بها إلى موسى عليه السلام فقال له أظنك تقول إن هذا حرام فوالله لا نطيعك ثم أدخلها خيمة فوقع عليها فأنزل الله عليهم الطاعون.
وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر عمه موسى غائبا، فلما جاء رأى الطاعون قد استقر في بني إسرائيل وأخبر الخبر وكان ذا قوة وبطش فقصد زمري فرآه وهو مضاجع المرأة فطعنهما بحربة بيده فانتظمهما، ورفع الطاعون.
وقد هلك في تلك الساعة عشرون ألف وقيل سبعون ألفا، ثم إن موسى عليه السلام قدم يوشع عليه السلام إلى أريحا في بني إسرائيل فدخله وقتل بها الجبارين وبقيت منهم بقية وقد قاربت الشمس المغرب فخشي أن يدركهم الليل فعجزوا فدعا الله أن يحبس عليهم الشمس ففعل وحبسها حتى استأصلهم ودخلها موسى عليه السلام فأقام بها ما شاء الله أن يقيم وقبضه الله تعالى إليه لا يعلم بغيره أحد من الخلق.
وأما من زعم أن موسى عليه السلام كان توفي قبل ذلك فقال إن الله تعالى أمر يوشع بالمسير إلى مدينة الجبارين فسار ببني إسرائيل ففارقه رجل منهم يقال له بلعم بن باعوراء وكان يعرف الاسم الأعظم وساق من حديثه نحو ما تقدم.
فلما ظفر يوشع بالجبارين أدركه الماء ليلة السبت فدعا الله تعالى فرد الشمس عليه وزاد في الشمس ساعة فهزم الجبارين ودخل مدينتهم وجمع غنائمهم ليأخذها للقربان فلم تأت النار][2].
[1] سورة الأعراف، الآية: 175.
[2] بحار الأنوار، ج 13، ص 373.