المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إنّ الدعاءَ يذكّر الإنسانَ بالنّعم، ويدفعه لحمد الله تبارك وتعالى وشكره عليها، وخصوصاً في شهر رمضان المبارك الذي يعتبر أروع مذكر للإنسان، بما أنعم اللهُ عليه من خيرات. إلى جانب ذلك، فانّ الدعاء يهيئ الجوّ الروحي، ويخلق الصفاء القلبي لمن يريد الدخول إلى عتبات هذا الشهر، واستقبال فيوضاته، والحصول على معطياته... هذا فضلاً عن أنّ الصائم من خلال الدعاء، يستمد العون ويطلب التوفيق من الله تبارك وتعالى، لكي يعرّفه بفضله ويعينه على صيامه؛ فعندما نقرأ هذه الفقرات من دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام)، التي يرددها بخشوع، إذا دخل شهر رمضان: (اللّهم صلِّ على محمّد وآله، وألهمنا معرفة فضله، وإجلال حرمته، والتحفّظ ممّا حظرت فيه، وأعنّا على صيامه بكفّ الجوارح عن معصيتك، واستعمالها فيه بما يرضيك، حتّى لا نصغي بأسماعنا إلى لغو، ولا نسرع بأبصارنا إلى لهوٍ، وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظور، ولا نخطو بأقدامنا إلى محجور..)، نلحظ بل ندرك بكل وضوح تجليات صفاء القلب ونقاء السريرة في كيفية الدعاء وطلب الحاجة من الخالق جل وعلا.
ويمكن القول بوجه عام، إنّ الصوم يوظف الدعاء في زيادة المعرفة بالله سبحانه وتعالى، ويظهر ذلك جلياً من (دعاء الافتتاح)، وكذلك من (دعاء السحر) - على سبيل المثال لا الحصر - حيث ترسم هذه الأدعية صورة رائعة عن الله تعالى، تتناسب مع عظمته وجلاله، فيتفاعل معها الصائم، وتنطبع في وعيه وتنعكس - بالتالي - على سلوكه.
ثم إنّ الدعاء من جهة أخرى، يذكّر الإنسان بالنعمة، ويدفعه لحمد الله وشكره عليها، وخصوصاً في رمضان الذي يُعتبر أروع مذكر للإنسان، بما أنعم الله عليه من خيرات، هذا الموقف يثير في نفس الصائم التساؤل: ماذا لو حرم - يوماً - من هذه النّعم أو فقد إمكانية الاستفادة منها، وهل أدى حقّ شكر هذه النّعم العظيمة؟
علامات الاستفهام - هذه - التي ترتسم في نفس الصائم تجعله يشعر بالنعمة أولا، فيشكر الله عليها، ويطلب منه استدامتها، وتجعله بالتالي يتعاطف ويساعد من حرم منها لفقر وفاقة، أو مرض وعاهة... هذا بعد تربوي - آخر - له دلالته، إذ ينمّي لديه حسّاً أخلاقياً بالمواساة ومشاركة الآخرين في مشاعرهم، فيدعو من أعماق كيانه لأن يتوفق لأداء مراسم هذا الشهر المبارك على أتمّ وجه، ويخرج بمحصلة تنفعه في آخرته.