إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف أهان الامام الحسن(ع)كلا من : معاوية وبن العاص والوليد وعتبة والمغيرة؟؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف أهان الامام الحسن(ع)كلا من : معاوية وبن العاص والوليد وعتبة والمغيرة؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام على الامام الحسن المجتبى كريم اهل البيت بن امير المؤمنين


    هناك موقف ، ولعلّه من أروع ما نقله التأريخ من مواقف الإمام ( عليه السّلام ) ، فقد اجتمع لدى معاوية أربعة من أعمدة حكمه ومروّجي جاهليّته ، وهم : عمرو بن العاص والوليد بن عقبة بن أبي معيط وعتبة بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة ، وطلبوا منه إحضار الإمام ( عليه السّلام ) لكي يعيبوه وينالوا منه ، بعد ما ساءهم إلتفاف الناس حوله يلتمسون منه عطاء العلم والدين .

    ويقال : إنّ معاوية رفض أن يرسل اليه ، وقال : « لا تفعلوا ، فواللّه ما رأيته قطّ جالسا عندي إلّا خفت مقامه وعيبه لي ، وقال : إنّه ألسن بني هاشم » فعزموا عليه بأن يرسل اليه .

    فقال : إن بعثت اليه لأنصفنّه منكم ، فقال ابن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقّنا ؟ ! قال معاوية : أما إنّي إن بعثت اليه لآمرنه أن يتكلّم بلسانه كلّه ، واعلموا أنّهم أهل بيت ، لا يعيبهم العائب ، ولا يلصق بهم العار ، ولكن اقذفوه بحجره ، تقولون له : إنّ أباك قتل عثمان ، وكره خلافة الخلفاء قبله .

    ثم أرسل إلى الامام من يدعوه ، فحضر فأكرمه معاوية وأعظمه ، وقال له : إنّي كرهت أن أدعوك ، ولكن هؤلاء حملوني على ذلك ، وإنّ لك منهم النصف ومنّي ، وإنّا دعوناك لنقرّرك أنّ عثمان قتل مظلوما ، وأنّ أباك قتله ، فأجبهم ، ولا تمنعك وحدتك واجتماعهم أن تتكلّم بكلّ لسانك .

    فتكلّم عمرو بن العاص ، فذكر عليّا ، وتجاوز في سبّه وشتمه ، ثم ثنّى بالحسن وعابه وأغرق في الخدشة ، وممّا قاله :

    « . . . يا حسن ، تحدّث نفسك أنّ الخلافة صائرة إليك ، وليس عندك عقل ذلك ولا لبّه وإنّما دعوناك لنسبّك أنت وأباك . . . » .

    ثم تكلّم الوليد بن عقبة فشنّع وأبان عن عنصريته ، ونال من بني هاشم .

    ثم تكلّم عتبة بن أبي سفيان ، فأفصح عن حقده ولؤمه ، وممّا قال :

    « . . . يا حسن ، كان أبوك شرّ قريش لقريش ، أسفكه لدمائها ، وأقطعه لأرحامها ، طويل السيف واللسان ، يقتل الحيّ ويصيب الميّت ، وأمّا رجاؤك الخلافة فلست في زندها قادما ، ولا في ميزانها راجحا » .

    ثم تكلّم المغيرة بن شعبة ، فشتم عليّا وقال : « واللّه ما أعيبه في قضية بخون ، ولا في حكم بميل ، ولكنّه قتل عثمان .

    ثم سكتوا ، فتكلّم الإمام ( عليه السّلام ) ، وممّا قال :

    « أمّا بعد يا معاوية ، فما هؤلاء شتموني ، ولكنّك شتمتني ، فحشا ألفته ، وسوء رأي عرفت به ، وخلقا سيئا ثبت عليه ، وبغيا علينا عداوة لمحمد وآله ، ولكن اسمع يا معاوية واسمعوا فلأقولنّ فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم » .

    ثم أخذ في المقارنة بين مواقف أبيه ومواقف معاوية وأبيه ، فقال :

    « أنشدكم اللّه ، هل تعلمون أنّه أول الناس إيمانا ، وأنّك يا معاوية وأباك من المؤلّفة قلوبهم ، تسرّون الكفر ، وتظهرون الإسلام ، وتستمالون بالأموال .

    وإنّه كان صاحب راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يوم بدر ، وإنّ راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه ، ثم لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب ، ومعه راية رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ومعك ومع أبيك راية الشرك ، وفي كلّ ذلك يفتح اللّه له ، ويفلج حجّته ، وينصر دعوته ، ويصدق حديثه ، ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في تلك المواطن كلّها عنه راض ، وعليك وعلى أبيك ساخط » .

    وأخذ ( عليه السّلام ) في تعداد فضائل أبيه وما ورد فيه من الأحاديث على لسان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ومواقفه العظيمة التي نصر بها الدين وأذلّ بها المشركين ، ثم قال : « وجاء أبوك على جمل أحمر يوم الأحزاب يحرّض الناس وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فلعن الراكب والقائد والسائق ، وأنت يا معاوية ، دعا عليك رسول اللّه لمّا أراد أن يكتب كتابا إلى بني خزيمة فبعث إليك ، فنهمك إلى يوم القيامة فقال : اللّهمّ لا تشبعه » .

    ثم أخذ في بيان بعض مواقف أبيه مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) والمواطن السبعة التي لعن فيها النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أبا سفيان ، وبعد أن أنهى خطابه لمعاوية ، التفت إلى عمرو بن العاص فقال :

    وأمّا أنت يا بن النابغة ، فادّعاك خمسة من قريش ، غلب عليك الأمهم حسبا وأخبثهم منصبا ، وولدت على فراش مشترك ، ثم قام أبوك فقال : أنا شانئ محمد الأبتر ، فأنزل اللّه فيه إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وقاتلت رسول اللّه في جميع المشاهد وهجوته ، وآذيته في مكة وكدته ، وكنت من أشدّ الناس له تكذيبا وعداوة .

    ثمّ خرجت تريد النجاشي ، لتأتي بجعفر وأصحابه ، فلمّا أخطأك ما رجوت ورجعك اللّه خائبا ، وأكذبك واشيا ، جعلت حدّك على صاحبك عمارة بن الوليد ، فوشيت به إلى النجاشي ، ففضحك اللّه ، وفضح صاحبك ، فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية والإسلام .

    وهجوت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) بسبعين بيتا من الشعر ، فقال : اللهمّ إنّي لا أقول الشعر ولا ينبغي لي ، اللّهمّ العنه بكلّ حرف ألف لعنة .

    وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان ، فأنت سعّرت عليه الدنيا نارا ، ثم لحقت بفلسطين ، فلمّا أتاك قتله ، قلت : أنا أبو عبد اللّه إذا نكأت قرحة أدميتها ، ثم حبست نفسك إلى معاوية وبعت دينك بدنياه ، فلسنا نلومك على بغض ، ولا نعاتبك على ودّ ، وباللّه ما نصرت عثمان حبا ، ولا غضبت له مقتولا . . . » .

    والتفت ( عليه السّلام ) إلى الوليد فقال له :

    « فواللّه ما ألومك على بغض عليّ وقد قتل أباك بين يدي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) صبرا ، وجلدك ثمانين في الخمر لمّا صليت بالمسلمين سكران ، وسمّاك اللّه في كتابه فاسقا ، وسمّي أمير المؤمنين مؤمنا ، حيث تفاخرتما . . . » .

    ثم التفت إلى عتبة بن أبي سفيان ، وقال له :

    « وأمّا أنت يا عتبة ، فواللّه ما أنت بحصيف فأجيبك ، ولا عاقل فأحاورك وأعاتبك ، وما عندك خير يرجى ، ولا شرّ يتقى ، وما عقلك وعقل أمتك إلّا سواء ، وما يضرّ عليّا لو سببته على رؤوس الأشهاد ، وأمّا وعيدك إيّاي بالقتل فهلا قتلت اللحياني إذ وجدته على فراشك . . . وكيف ألومك على بغض عليّ ؟ وقد قتل خالك الوليد مبارزة يوم بدر ، وشرك حمزة في قتل جدّك عتبة ، وأوحدك من أخيك حنظلة في مقام واحد » .

    ثم التفت إلى المغيرة بن شعبة ، وقال له :

    « وأمّا أنت يا مغيرة ، فلم تكن بخليق أن تقع في هذا وشبهه . . واللّه . . . لا يشقّ علينا كلامك وإنّ حدّ اللّه عليك في الزنا لثابت ، ولقد درأ عمر عنك حقا ، اللّه سائله عنه ، ولقد سألت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) هل ينظر الرجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها ، فقال : لا بأس بذلك يا مغيرة ، ما لم ينو الزنا ، لعلمه بأنّك زان .

    وأمّا فخركم علينا بالإمارة ، فإنّ اللّه تعالى يقول : {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16].

    ثمّ قام الحسن ( عليه السّلام ) فنفض ثوبه وانصرف ، فتعلّق عمرو بثوبه وقال : يا أمير المؤمنين ، قد شهدت قوله فيّ ، وأنا مطالب له بحدّ القذف ، فقال معاوية :

    خلّ عنه ، لا جزاك اللّه خيرا . . . فتركه .

    فقال معاوية : قد أنبأتكم أنّه ممّن لا تطاق عارضته ، ونهيتكم أن تسبّوه فعصيتموني ، واللّه ما قام حتى أظلم عليّ البيت قوموا عنّي ، فلقد فضحكم اللّه ، وأخزاكم بترككم الحزم ، وعدولكم عن رأي الناصح المشفق[1].

    وينتهي هنا الحوار الفريد الذي ذكرناه بطوله رغم اختصارنا له ، واحتفاظنا بالنقاط الأساسية التي يهمّنا أن نضعها بين يدي القارئ ، ليتعرّف على الملامح الواقعية لتلك الزمرة المتسلّطة التي تنكّرت لكلّ القيم الأخلاقية ، وسلكت طريق الشيطان .

    وبهذا الحوار أعطى الإمام ( عليه السّلام ) للمعارضة زخما جديدا وفاعلية كبيرة ، حيث كشف للامّة عن الواقع المرير الذي اكتنف الحكم الإسلامي بتسلّط هذه النماذج المنحرفة في أصولها ، والمنفعلة برواسبها الجاهلية ، والتي لا يمثّل عندها الإسلام إلّا الوسيلة الفريدة للتسلّط على رقاب الناس ، وتلافي النقائص الذاتية التي قدّر لهم أن يرزحوا تحت عبئها البغيض .

    وأثبت الإمام ( عليه السّلام ) أنّه ما يزال يقف في موقفه الصامد الذي انطلق منه في صراعه مع الجاهليّة الأموية . وإن ألجأته ظروف المحنة إلى وضع السيف في غمده وتخطّي مرحلة الحرب ؛ فإنّ كلمة الحقّ الصارخة التي تصمّ آذان الباطل لا يمكن أن يدعها تموت في زحام أراجيف الضلال .

    وهكذا ينطلق الإمام في خطاه الرسالية - التي هي امتداد لخطى جدّه الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) - وعليه تقع مسؤولية حفظ المبادئ الأصيلة التي جاءت من أجلها الرسالة ؛ لترتفع كلمة اللّه في الأرض .ِِ
    ---------------------------

    1-أعيان الشيعة : 4 / 35 ، وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد أيضا : 2 / 101 .​ِ
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X