إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفردات قيّمة من القرآن الكريم، ﴿بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
    اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد


    قال الله تعالى: ﴿بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ[1].

    علينا أن نقف مع هذه الآية الكريمة عند الدلالة الإنسانية في الموقف الإسلامي المذكور، والبراءة، هذه ﴿بَرَاءَةٌ﴾، صارخة أيها المؤمنون من الله إخبارا ومن رسوله إخبارا إلى إنشاء يعني أنها براءة مفروضة على الرسول، حاصلة بفرضها عليه قضية العصمة الرسالية ﴿مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ﴾، وتوبة أمر لهم ولأضرابهم بها، وتقبّلا بشروطها لها، ولأن البراءة قد تبوء إلى التوبة، دون التوبة الصالحة حيث لا تبوء إلى براءة، فقد سميت بالتوبة تغليبا لها على البراءة، مهما بزغت تأليبا بالبراءة، ولذلك نراها تبدأ دون بسملة، فإنها لكل أمر ذي بال ولا بال للبراءة إلا إذا آلت إلى توبة، وقضية الأمر بين أمرين ترك البسملة وأن تسمى بالتوبة وقد فعل. نزلت تاسعة الهجرة بعد الفتح وبعد ما رجع النبي صلّى الله عليه وآله من غزوة تبوك إنذارا للمشركين حتى يحسبوا كل حساباتهم.
    فبالرغم من تمادي العدوّ سنين متعددة في مواقفه العدائية، إلا أن إفساح المجال له أربعة أشهر: يعني أنّ هدف اللغة التي أعلنت البراءة من العدو ليس هو استخدام السلاح مجردا عن الدلالة الإنسانية بل لغرض إشاعة الخير، ولذلك كانت الأربعة أشهر فرصة كبيرة أمام العدو يستطيع من خلالها أن يعيد حساباته مع نفسه ويتجه للإيمان برسالة الله، لذا يقول الباري عز وجل في الآية التالية مخاطبا: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ ۙ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ﴾.
    وورد عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: ((قُلْتُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لِأَيِّ شَيْءٍ صَارَ اَلْحَاجُّ لاَ يُكْتَبُ عَلَيْهِ اَلذَّنْبُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ: إِنَّ اَللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَاحَ اَلْمُشْرِكِينَ اَلْحَرَمَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إِذْ يَقُولُ: ﴿فَسِيحُوا فِي اَلْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍثُمَّ وَهَبَ لِمَنْ يَحُجُّ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْبَيْتَ اَلذُّنُوبَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ))
    [2].
    وقد ثبت بتواتر من نقلة الآثار: فلما غادر أبو بكر المدينة إلى مكة دعا صلّى الله عليه وآله عليا فقال: أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه ورجع أبو بكر فقال: يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال: لا، ولكن جبرئيل جاءني فقال: إن العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول لك يا محمد!: لا يؤدي عنه إلا أنت أو رجل منك فابعث عليا ليتناول الآيات فيكون هو الذي يقرأ الآيات، يا محمد! ما أمرك ربك بدفعها إلى علي ونزعها من أبي بكر سهوا ولا شكا ولا استدراكا على نفسه غلطا، ولكن أراد أن يبين لضعفاء المسلمين: أن المقام الذي يقومه أخوك عليّ لن يقومه غيره سواك يا محمد، وإن جلت في عيون هؤلاء الضعفاء مرتبته من أمتك.
    ولا شك أن منشأ التعبّد هو مراعاة فضيلة الفاضل وإن كان طرفه غير خائن لأن احترام الفضيلة يجب أن يتمشى مع كل شيء ولذلك كانت صلاة الجماعة وراء العالم تعدل اضعافها وراء غيره وإن إيقاع المقارنة بين الفاضل وغيره غمط لحق الفاضل والفضيلة نفسها، وهذه الواقعة ككثير من غيرها فيها اعراب قوي على لزوم استخلاف عليّ هذا الإنسان الذي أذاب وجوده لإحياء الحق واماتة الباطل وأن الجنوح عنه وعن أمثاله خذلان للحياة الاجتماعية وقد حصل كل ما خوّف الناس منه، هذا كله: ولا بدّ أن يكون الداعي لتشهير البراءة من الله ورسوله بالنسبة الى من عوهد من المشركين فضلا عمّن لم يعاهد حدّ الأقل عاملين مهمّين:-
    أوّلهما: استخفاف المشركين بعهودهم بحيث عاد أخذ العهد مهزلة من المهازل لأنّ احترام العهد إنما يقوم بداع من داعيين إمّا الضمير الصريح وإمّا الخوف من مغبّة الغدر فإذا عدم الأمران كان الغدر أقرب الى التحقق من الوفاء.
    وثانيهما: تقوي الإسلام بحيث لا يعود لهذه المعاهدات القشرية أثر معه فان المجاملات إنّما تصحّ حيث لا سبيل الى تركها ومع السبيل الى ذلك فالإصحار بالحقيقة حتم لا مفرّ عنه.


    [1] سورة التوبة، الآية: 1.
    [2] الكافي، ج 4، ص 255.

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X