وأبدلنا من بغضه أهل الشنآن


:. كيف نتعامل مع أهل الشنآن؟


فماذا ترى يفعل الإنسان للتخلّص من أُناس هذه شيمتهم؟ وكيف يتعامل مع أهل الشنآن وهم ِأشبه شيء بالعقارب التي شغلها اللدغ؟ في الحديث أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله مدّ يده ليستلم الحجر الأسود فلسعته عقرب فقال: «لعنك الله لا برّاً تدعين ولا فاجراً»(.
فماذا بوسعك أن تفعل مقابل عقارب كهذه في المجتمع تلدغك من حيث لا تشعر؟ إلاّ أن تتوجّه إلى الله تعالى بالدعاء وتقول له كما علّمك الإمام السجّاد سلام الله عليه: «اللهمّ وأبدلني من بغضة أهل الشنآن المحبّة».
نُقل أنّ شخصاً مرض وأوشك على الموت فقال لابنه: اذهب واعُ لي فلاناً وفلاناً وفلاناً، وسمّى له بعض الأشخاص.
وعندما حضروه التفت إليهم وهو مسجّىً على فراش الموت وقال: إنّ لكم جميعاً عليّ حقوقاً وأرجو أن تحلّلوني منها فإنّي قد أُفارقكم الساعة. تعجّب القوم وسألوه مستغربين: لا نعرف لنا عليك حقوقاً فهلاّ عرّفتنا بها؟
فقال: دعوكم من هذا وتفضّلوا عليّ بالعفو لأنّي موشك على الموت.
ولكنّهم أصرّوا على معرفة حقوقهم. ولمّا رأى إصرارهم التفت إلى الأوّل وقال: أتذكر حينما احترق بستانك واتّهمت فلاناً من الناس وحكم عليه القاضي؟ أنا الذي حرقتها وليس ذلك المسكين!
وزاد فضول الشخص لمعرفة تفاصيل القضية فالتمسه أن لا يبخل بها عليه. فقال له: لقد دار النقاش في أحد الأيام بينك وبين زيد واحتدم، فهدّدك هو بحرق نخيلك، وكنتُ أسمع كلامكما فجئت في منتصف الليل وقمت أنا بإحراقها.
وحيث إنّ زيداً كان قد هدّدك أُلبست في حقّه التهمة وأُودع السجن.
ثمّ التفت إلى الثاني وقال له: إنّ المشكلة التي نزلت بك في يوم كذا أنا افتعلتها. وهكذا أخذ يعدّد لهم قضاياه واحدة بعد الأُخرى.
إنّ الدعاء والتوجّه إلى الله تعالى هو الكفيل بأن يخلّص الإنسان من شرور أشخاص كهذا، لأنّ كثيراً من الناس لا يدرون من الذي يتربّص بهم ليوقعهم في حفر المشاكل والمصائب.
هذا في حين إن دعاءً صغيراً - قد لا يستغرق دقائق - يتوجّه به الإنسان إلى الله تعالى كفيل بأن ينجيه من الوقوع في مشاكل قد تدوم عقوداً ولا يُعرف كيف الخلاص منها. وفي يوم القيامة يدرك الإنسان أنّه لو كان قد دعا ربّه بذلك الدعاء لما ابتلي هذه المدّة الطويلة، ولكن ماذا يجدي وقد ذهبت السنوات من عمره سدىً ولات حين مندم.
:. دعم الدعاء بالعمل

الدعاء والعمل يكمل أحدهما الآخر ولا ينفع أحدهما من دون الثاني إلاّ إذا كان الإنسان عاجزاً إلاّ عن الدعاء.
قال تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى﴾(

وقال أيضاً: ﴿قل ما يعبأ بكم ربّي لولا دعاؤكم﴾(

وفي هذا المجال (إبدال بغضة أهل الشنآن بالمحبّة) ينبغي للإنسان أن يسعى - بمقدار علمه - إلى جانب الدعاء، لكي يقلب أهل الشنآن إلى محبّين؛ كما في قوله تعالى: ﴿ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم﴾(

في هذه الآية الكريمة نكتة لطيفة يمكن استفادتها من كلمة «ادفع»؛ لأنّ الدفع في اللغة كالوقاية من المرض، والرفع كالعلاج للتخلّص منه بعد الإصابة به. فمثلاً إذا دخل لصّ دارك فإنّك عندما تحاول إخراجه فهذا يعني أنّك تسعى لرفع السرقة، ولكنّك عندما تقفل الأبواب بوجه اللصّ قبل دخوله الدار فهذا يعني أنّك تقوم بدفع السرقة قبل وقوعها وتحول دون دخول اللصّ إلى دارك.
وفي المقام يرشدنا المولى تعالى إلى دفع السيّئة (أي الحيلولة دون وقوعها) بالتي هي أحسن منها كفعل الخير والصلة وما أشبه.
أمّا النتيجة من هذا الدفع بالتي هي أحسن، فقد أشارت إليها الآية نفسها في قوله تعالى: ﴿فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه ولي حميم﴾، أي أنّه سيحبّه بقلبك ويدافع عنك بجوارحه وطاقاته.
ولا يخفى أنّ الإحسان إلى المسيئين يحتاج إلى عزيمة قوية؛ ولذلك عبّرت الآية نفسها عن هذه الخصلة بقوله تعالى: ﴿وما يلقّاها إلاّ الذين صبروا وما يلقّاها إلاّ ذو حظّ عظيم﴾(

وبقدر ما يكون الصبر على الإساءة تكون النتيجة مرضية، وإنّ هذا التوفيق وإن كان يحتاج إلى حظّ عظيم إلاّ أنّ مفتاحه بيد الإنسان نفسه

شكري الضيفه الكريمه

شكري للاخت نهاوند العبودي

والاخت دنيا الحميري

اتصال ام زهراء