إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النفاق: مرض القلوب وخداع النفس, تأملات في آيات الذكر الحكيم

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النفاق: مرض القلوب وخداع النفس, تأملات في آيات الذكر الحكيم


    اللهم صل على محمد وآل محمد
    قال تعالى : (وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ . يُخادِعُونَ اللَّـهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ . فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضاً وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ ). الايات ٨ -١٠ البقرة .

    في هذه الآيات الكريمة يرفع الله الستار عن فئة ثالثة من البشر، فئة لا هي في صف المؤمنين الصادقين ولا هي في صف الكافرين الجاحدين. إنهم المنافقون، أولئك الذين يمشون على خيط رفيع بين الإيمان والكفر، يتلونون مع الألوان، ويدّعون ما ليس في قلوبهم، ويظنون أن قناعهم الرقيق سيخفي حقيقتهم عن عين الحق المبصرة.
    ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين :
    انظر كيف عبّر القرآن بلفظ يقول؛ فإيمانهم ليس سوى كلمات تلوكها الألسن، لا يتجاوز الحناجر، أما القلوب فهي خاوية من اليقين.
    إنهم يبيعون الدين كما تُباع السلع، يرفعون شعار الإيمان لأن المجتمع من حولهم مؤمن، ولأن مصالحهم الدنيوية لا تُحفظ إلا بالتزيي بزيّ المؤمنين. لكن الله يفضح السرائر ويقول: وما هم بمؤمنين، جملة قاطعة لا تحتمل لبسًا.
    يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون :
    يا للعجب! يتوهمون أنهم قادرون على خداع خالق السماوات والأرض! وهل يُخدع من يعلم السر وأخفى؟! إنما هم يخدعون أنفسهم، يضعونها في دائرة الوهم، يحجبون عنها نور الحق، فيعيشون أسرى كذبتهم الكبرى. ولأنهم في غفلة عمياء، لم يشعروا بأن خديعتهم ترتد عليهم، وأن الحبال التي ينسجونها للتضليل إنما تلتفّ حول أعناقهم.
    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا :
    إن القرآن هنا لا يتحدث عن مرض البدن، بل عن داء الروح، ذلك المرض الخفي الذي يفتك بالإنسان من الداخل: الشك الذي ينهش اليقين، الرياء الذي يطفئ الإخلاص، الحسد الذي يعمي البصيرة، وحب الدنيا الذي يُقيّد القلب بالأرض فلا يحلّق نحو السماء. وهذا المرض ليس ساكنًا، بل هو في حالة ازدياد مطرد , كلما انغمسوا في الكذب والرياء، ازداد مرضهم عمقًا، حتى يصبح القلب عاجزًا عن استقبال النور، كعين مغطاة بغشاوة لا ترى ضوء الشمس وإن أشرقت.
    ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون :
    جزاء النفاق هو العذاب الأليم؛ لأن النفاق ليس مجرد ضعف، بل هو كذب مقصود وتلون متعمد. الكذب على الله، وعلى رسوله، وعلى جماعة المؤمنين. وهذا الكذب المتكرر يصنع جدارًا بين القلب والحق، فيستحق صاحبه الألم العظيم في الدنيا بالقلق والاضطراب، وفي الآخرة بالعذاب المهين.

    بين المؤمن والكافر والمنافق :
    بهذه الآيات تكتمل الصورة:
    المؤمن: قلبه عامر بالإيمان، منفتح على الغيب، مستقيم في السلوك.
    الكافر: قلبه مطبوع، مغلق، أعرض عن الحق وهو واضح أمامه.
    المنافق: قلبه مريض، متردد، متلون، يسير خطوة هنا وخطوة هناك، حتى يذوب كيانه في الكذب والادعاء.
    والمفارقة أن المنافق قد يبدو في الظاهر أقرب إلى المؤمن، لكنه في الحقيقة أبعد من الكافر؛ لأن الكافر صريح في عداوته، أما المنافق فعداوته مموهة، مغلفة بالابتسامة الكاذبة.

    ولو تأملنا واقعنا اليوم، لرأينا أن هذه الآيات لا تخصّ تاريخًا مضى، بل تصف أمراضًا متجددة في كل زمان.
    فكل من يتاجر بالدين ليكسب منصبًا أو جاهًا، يدخل في هذا الباب.
    وكل من يرفع شعار الإيمان وهو غارق في حب الدنيا، إنما يحمل قلبًا مريضًا.
    وكل من يساوم على الحق، أو يلبس الباطل ثوب الحق، يخدع نفسه كما خدع المنافقون الأوائل.
    النفاق إذن ليس ظاهرة تاريخية، بل مرض ممتد ما دامت هناك قلوب ضعيفة أمام فتنة الدنيا، وما دامت هناك نفوس تكره الصراحة في الكفر وتخشى الصدق في الإيمان، فتلجأ إلى قناعٍ زائفٍ يفضحه الله مهما طال الزمان.
    ----------------
    منقول
    أين استقرت بك النوى
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X