بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الأطهار
واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والأخرين
2008 - " قاتل عمار و سالبه في النار " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 18 :
رواه أبو محمد المخلدي في " ثلاثة مجالس من الأمالي " ( 75 / 1 - 2 ) عن ليث عن
مجاهد عن عبد الله بن عمرو مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف ، ليث - و هو ابن أبي سليم - كان اختلط . لكن لم ينفرد
به ،
فقال عبد الرحمن بن المبارك : حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن مجاهد
به . أخرجه الحاكم ( 3 / 387 ) و قال : " تفرد به عبد الرحمن بن المبارك و هو
ثقة مأمون ، فإذا كان محفوظا ، فإنه صحيح على شرط الشيخين " .
قلت : له طريق أخرى ، فقال الإمام أحمد ( 4 / 198 )
و ابن سعد في " الطبقات "
( 3 / 260 - 261 ) و السياق له :
أخبرنا عثمان بن مسلم قال : أخبرنا حماد بن سلمة
قال : أخبرنا أبو حفص و كلثوم بن جبير
عن أبي غادية قال : " سمعت عمار بن ياسر
يقع في عثمان يشتمه بالمدينة ، قال : فتوعدته بالقتل ، قلت : لئن أمكنني الله
منك لأفعلن ، فلما كان يوم صفين جعل عمار يحمل على الناس ، فقيل : هذا عمار ،
فرأيت فرجة بين الرئتين و بين الساقين ، قال : فحملت عليه فطعنته في ركبته ،
قال ، فوقع فقتلته ، فقيل : قتلت عمار بن ياسر ؟ ! و أخبر عمرو بن العاص ، فقال
: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( فذكره ) ، فقيل لعمرو بن العاص :
هو ذا أنت تقاتله ؟
فقال : إنما قال : قاتله و سالبه " .
قلت : و هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات رجال مسلم ، و أبو الغادية هو الجهني و هو
صحابي كما أثبت ذلك جمع ،
و قد قال الحافظ في آخر ترجمته من " الإصابة " بعد أن
ساق الحديث ، و جزم ابن معين بأنه قاتل عمار : "
و الظن بالصحابة في تلك الحروب
أنه كانوا فيها متأولين ، و للمجتهد المخطىء أجر ،
و إذا ثبت هذا في حق آحاد
الناس ، فثبوته للصحابة بالطريق الأولى " .
و أقول : هذا حق ، لكن تطبيقه على كل فرد من أفرادهم مشكل لأنه يلزم تناقض
القاعدة المذكورة بمثل حديث الترجمة ، إذ لا يمكن القول بأن أبا غادية القاتل
لعمار مأجور لأنه قتله مجتهدا ،
و رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
قاتل
عمار في النار " ! فالصواب أن يقال : إن القاعدة صحيحة إلى ما دل الدليل القاطع
على خلافها ، فيستثنى ذلك منها كما هو الشأن هنا
و هذا خير من ضرب الحديث
الصحيح بها . و الله أعلم . و من غرائب أبي الغادية هذا ما رواه عبد الله بن
أحمد في " زوائد المسند " ( 4 / 76 ) عن ابن عون عن كلثوم بن جبر قال : " كنا
بواسط القصب عند عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، قال : فإذا عنده رجل يقال له
: أبو الغادية ، استسقى ماء ، فأتي بإناء مفضض ، فأبى أن يشرب ، و ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم ، فذكر هذا الحديث : لا ترجعوا بعدي كفارا أو ضلالا - شك
ابن أبي عدي - يضرب بعضكم رقاب بعض <1> . فإذا رجلا يسب فلانا ، فقلت : والله
لئن أمكنني الله منك في كتيبة ، فلما كان يوم صفين ، إذا أنا به و عليه درع ،
قال : ففطنت إلى الفرجة في جربان الدرع ، فطعنته ، فقتلته ، فإذا هو عمار بن
ياسر ! قال : قلت : و أي يد كفتاه ، يكره أن يشرب في إناء مفضض و قد قتل عمار
ابن ياسر ؟ ! " .
قلت : و إسناده صحيح أيضا . و الحديث رواه الحسن بن دينار عن كلثوم بن جبر
المرادي عن أبي الغادية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره
. أخرجه ابن عدي ( 85 / 1 ) و ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 421 ) .