البعد الروحي والجهادي في دعاء الافتتاح
علي حسين الخباز
الدعاء بصفته العامة ومجالاته المختلفة رسالة إنسانية لها أثر عميق على النفس البشرية، ودعاء الافتتاح من الأدعية المأثورة، سعى الإمام المهدي "عجل الله تعالى فرجه الشريف" ليخلق منه حالة تكامل وجداني يرتبط بمنهجية القران الكريم في تربية الإنسان، ويفتح له عوالم الغيب (اللّٰهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوَابِ بِمَنِّكَ) عملية الثناء هي إقرار بقضية المن والعطاء الإلهي، وهذا الإقرار يحتاج إلى توفيق من الله، والثناء فعل قصدي يمنهج السلوك الإنساني القويم، وكل ما لا يبدأ بذكر الله هو أبتر حسب تشخيص خاتم الأنبياء "صلى الله عليه وآله وسلم"، السعي لتعميق العلاقة بين خطاب العبد والله سبحانه وتعالى.
(إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ × وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوَابِ بِمَنِّكَ)
علاقة روحية ومرتكزات سياسية لكيان المجتمع، يساهم الابتعاد عنها بتأخير الفرج للإمام "عليه السلام" واسترجاع مضامين منهاج دعاء الافتتاح بعمل الفرج لإمامنا.
ويعتبر دورة متكاملة تجمع خصائص الاعتقاد وأصول الدين، وينبغي للإنسان أن يكون في زمن الغيبة مؤمنا بالتوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاذ، حتى لا يكون الانتظار عبثا، نرى أن لدعاء الافتتاح حرية واسعة في التعامل الأدبي.
تكررت مفردة (اللهم) 16 مرة، فشدت مقاطع المتن المتفرقة لتكتمل الوحدة الموضوعية، و"اللهم" تعني يا الله، يا النداء استبدلت بميم وألحقت بآخر الكلمة هذا ما اختص به لفظ الجلالة، يشعر المتلقي بأن المنادي قريب، الله سبحانه وتعالى ينادي عباده بياء النداء يا عبادي فكيف ينادي العبد ربه بياء النداء لذلك استخدموا اللهم للدعاء.
هناك توازن في القيم لرفع مستوى الوعي الإنساني في مخاطبة الله سبحانه وتعالى لبعث الثقة بالله سبحانه وتعالى في نفس المؤمن وتكرار (الحمد لله) 18 مرة منح الدعاء زخما إيقاعيا واعتمد على التوازيات
مولى كريم × عبد لئيم
تدعوني × أولي عنك
تتحبب إلي × أتبغض إليك
تتودد إلي × فلا أقبل منك
ملفوظ طباقي، وتكرار الحمد يكشف عمق استحقاق الله سبحانه وتعالى للحمد، ومداه الثناء عليه بما أنعم علينا من نعم.
يركز نص دعاء الافتتاح على التوحيد، ومنه عدل الله سبحانه ولطفه وكثر استخدام أفعال الأمر بصيغة الدعاء الموجهة من الداني إلى العالي فنقرأ في الدعاء.
(اسمع/ أجب/ أقل/ ارحم/ صل/ اجعل/ مكّن/بدّل)
ومنها ما يأتي مسبقا بأن الساكنة المفتوحة الهمزة بصيغة توكيد الدعاء (أن تكتب/ أن تجعل/ أن تطيل)
ومنها ما يأتي بصيغة النواهي (لا تقلنا/ لا تطعمنا /لا تكببنا/لا تبتلينا)
يمكننا أن ندرك أن دعاء الافتتاح خصص لعصر الغيبة (واهدنا فيه لما اختلف فيه من الحق)
اعتمد الدعاء على النمط السجعي، والسجع من مميزات العلاقة الفطرية كما في الحكم والأمثال يقع غالبا مسجوعا.
واحد سمات دعاء الافتتاح هو السجع الذي يخاطب القلب والوجدان، صيغ قريبة عن السجع القرآني.
(الحمد لله الذي يؤمن الخائفين/ وينجي الصالحين/ ويرفع المستضعفين/ ويضع المستكبرين/ ويهلك ملوكا ويستخلف آخرين)
وأهمية الدعاء تكمن في وعي المتلقي، فهو يبحث عن الرضا الإلهي وللدعاء بعد فكري وسياسي جهادي يتحدى سلطات الجور، موقع للصمود والتصدي على سلطة متمكنة لها عدة وعدد، وقدرة قتالية.
يبعث يقظة الإيمان والرفض لسلطات الجور (اللهم إنا نرغب إليك بدولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله) بعد كل تلك القرون ما زال الدعاء يافعا يهز مضاجع سلطات الجور، وقد منع من قبل السلطات البعثية في الجوامع والمساجد والمجالس، ويحاكم من يقرأ الدعاء أو يمتلك دعاء الافتتاح، كونه يعد عند السلطات قناة من قنوات الثورة على عقم الحياه بإيقاد جذوة الإيمان والانتظار الفاعل.