إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قراءة في أدعية الإمام الحسين عليه السلام يوم الطف. "1" نادرة المرهون

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قراءة في أدعية الإمام الحسين عليه السلام يوم الطف. "1" نادرة المرهون

    قراءة في أدعية الإمام الحسين عليه السلام يوم الطف. "1"
    نادرة المرهون


    تعب الجسد، أرهقه المرض وأنهكته الحمى، تحسس رأسه ليطمئن أنه بخير، ويشعره أنه بحاجة ماسة إليه، ويخبره أنه محتاج إلى أن يواسيه ويحمل عنه أعباء الدنيا وهمومها، أخبر عينيه أنه لا يبصر طريقه إلا بها ولولاها لكانت حياته ظلاماً، اطمأن أنها بخير، بدأ يتعافى، تحسس جبينه، بدأت الحمى تفارقه، تنفس الصعداء، فعلم أن تنفسه بخير، وأذنه، ولسانه وشفتيه...
    فكر... لو لا رأسه لكان لا قيمة له، رأسه هو حياته، حمد الله كثيراً...
    قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: (اجعلوا أهل بيتي فيكم مكان الرأس من الجسد ومكان العينين من الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين).
    هم ذرية سيد المرسلين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله وهم عترته الطاهرة وأهل بيته الهادون الذين عصمهم الله سبحانه وتعالى من الرجس، وآمنهم من الخطأ، فقال تعالى عنهم في كتابه الكريم (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
    هم حبل الله الممدود الذي أمرنا بالاعتصام به، والتمسك به لكيلا نغرق في بحر الضلال، فقال سبحانه وتعالى فيهم بكتابه العزيز (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ).
    هم العروة الوثقى التي لا انفصام لها، هم خير البشر وسادة الخلق، هم قُدُوات، هم الأسوات والهداة، هم الصادقون الذين أمرنا الله سبحانه باتباعهم.
    سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) ثالث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بعد أبيه أمير المؤمنين وأخيه الإمام الحسن المجتبى، وهو ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ابن فاطمة البتول (عليها السلام) وسيد شباب أهل الجنة ساكن كربلاء، وهو ممن قال فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله": (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط).
    عاش الإمام الحسين (عليه السلام) حياته كلها لله تعالى، وختمها بالشهادة، يظهر عبرها الإنسان الكامل العارف، ثائراً ومصلحاً ورافضاً للظلم والاستبداد ولكي يعطي لنا درساً عرفانيًا لا نظير له في الجامعية بين العرفان وبين الحركة الرسالية المقاومة.
    في صباح وصوله إلى كربلاء تجلت صور الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى بأبهى صورها، لذلك فقد طلب من أعدائه سواد ليلة العاشر من محرم الحرام لكي يتفرغ هو وأهل بيته وأصحابه للعبادة والمناجاة والذكر، فقضوا تلك الليلة ولهم (دوي كدوي النحل) بين قائم، وقاعد، وراكع، وساجد.
    وكان من دعائه ليلة عاشوراء: قال علي بن الحسين (عليهما السلام) جمع الحسين (عليه السلام) أصحابه عند قرب المساء فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذ ذاك مريض فسمعت أبي يقول لأصحابه (أثنى على الله أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضرّاء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين).
    وفي هذه الليلة أيضاً طلب من أصحابه الانصراف ليقدم نفسه قرباناً لأجل لقاء المعشوق فقال لهم (إن القوم يطلبوني، فإن ظفروا بدمي اكتفوا، هذا الليل فاتخذوه جملاً)
    فعل نحيب أصحابه، والتمسوه في الرفقة حيث العروج نحو الحبيب، فلما رأى منهم طلب الحق وهيام العشق، كشف لهم الغطاء، فأراهم منازلهم في الجنة.
    تحركت الجيوش المعادية لحرب الإمام الحسين (عليه السلام) في ساعات الفجر الأولى، ولما صبّحت الخيل الحسين بن علي (عليه السلام) ونظر إلى جمعهم كأنه السيل المنحدر، رفع يديه بالدعاء فقال (اللَّهُمَّ أَنْتَ ثِقَتِي‌ فِي‌ كُلِّ كَرْبٍ وَأَنْتَ رَجَائِي‌ فِي‌ كُلِّ شِدَّةٍ وَأَنْتَ لِي‌ فِي‌ كُلِّ أَمْرٍ نَزَلَ بِـي‌ ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ، كَمْ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الْفُؤَادُ وتَقِلُّ فِيهِ الْحِيلَةُ ويَخْذُلُ فِيهِ الصَّدِيقُ ويَشْمَتُ فِيهِ الْعَدُوُّ، أَنْزَلْتُهُ بِكَ وَشَكَوْتُهُ إلَيْكَ، رَغْبَةً مِنِّي‌ إلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، فَفَرَّجْتَهُ عَنِّي‌ وَكَشَفْتَهُ وَكَفَيْتَهُ، فَأَنْتَ وَلِي‌ كُلِّ نِعْمَةٍ وصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ ومُنْتَهَى كُلِّ رَغْبَةٍ").
    ما أروع الحسين عليه السلام، يجمع عمره كله ويربطه بفيض من معاناته، ويجمعه إلى ذاته جمعاً معمقاً بالحس والفهم والإدراك، فإذا هو كله تعبير عن ملحمة قائمة بذاتها، صمم لها التصميم المنبثق من واقع إنساني عاشه وعاناه وغرق فيه.
    ونحن بدورنا غرقنا فيه، وأغرقتنا دموعنا في بحر حبه، وما نجونا من الغرق إلا ونحن في الجنة..
    قيل لي أرثيك والكون سكوت..
    وصدى نحرك صوت الملكوت..
    كيف يسَّاءل عنكم ذو حِجَى..
    يا حبيبي صغُرت فيك النعوت..
    أيُّ بيتٍ زارك الله به..
    بيتُك العرش إذا عُدَّت بُيُوت..
    كلُّ بيتٍ ليس فيه دمعةٌ..
    لحسينٍ فهوَ بيتُ العنكبوت..
    سيموتُ الكونُ طرًّا كلّه..
    ذاكَ حتمٌ وحسينٌ لا يموت..
    ……………
    وللموضوع تتمة..

    قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X